السبت 28 يونيو 2025
42°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
الأولى

قطرة إصلاح ثم ينهمر المطر... هكذا تنهض الأمم إذا تيسَّرت لها قيادة حكيمة

Time
السبت 06 نوفمبر 2021
View
5
السياسة
ما تعمل عليه القيادة السياسية بعيداً عن الضجيج الإعلامي يؤكد تصميمها على إزالة الركام الذي تسببت به ممارسات وزارية ونيابية أوصلتنا إلى مأزق

الذهنية الجديدة التي تقود البلاد تَحُول دون إسناد الأمور إلى رويبضات وتبعد المتمصلحين وتهيئ الظروف لتعويض ما فات

برغبة الأمير ومتابعة ولي العهد ستعود الكويت أيقونة مهمة في الإقليم تواكب مجريات العصر على المستويات كافة


كتب ـ أحمد الجارالله:

تقدم الأمم لا يأتي من فراغ فهي كائن حي له طبيعته الخاصة، تنتظم في وحدة سياسية واجتماعية لا يمكن المساهمة في العمران البشري إلا بها، ووفق هذه النظرية التي أرساها عالم الاجتماع العربي عبدالرحمن بن خلدون قبل سبعة قرون، لا يمكن لدولة ما السير في ركب الحضارة إلا إذا تيسرت لها إرادات عليا تستشرف المستقبل وترسم أفضل السبل إليه، وتنكب على التوجيه والتخطيط، وتسهر على التنفيذ، فلا تترك الأمور للمصادفة وردَّات الفعل.
استناداً إلى هذه الحقيقة شهد كثير من الأمم مراحل من النهوض، وكذلك كبوات تسببت بها أوضاع استثنائية مرت فيها عبر تاريخها، غير أنها استطاعت نفض الركام عنها عندما تيسرت لها شخصيات قيادية وظفت كل الإمكانات الوطنية لمصلحة مستقبل شعوبها، فحققت معجزات، وعالجت أسباب الأزمات والمشكلات كي لا تتكرر فتشكل انتكاسة تضيع معها الإنجازات الكبيرة.
ما يتواتر من معلومات عن الدور الذي تؤديه القيادة السياسية يفيد أنها مصممة على إزالة كل الركام الذي تسببت به ممارسات وزارية ونيابية دفعت البلاد إلى مأزق، وأن كلا من صاحب السمو الأمير، وسمو ولي العهد الذي أظهر متابعة مشهودة لكل ما يجري يسعيان إلى معالجة الأمراض السياسية والاقتصادية التي ظهرت بسبب ذلك بهدوء، وبعيداً عن الضجيج الإعلامي، والسعي الى ترسيخ مبدأ إسناد الأمور إلى أهل الاختصاص، ودفن المحاصصة القبلية والعائلية والطائفية، ومصالح المتنفذين التي أضرت كثيراً بالبلاد والعباد.
فكل من يلتقي القيادة تتولد لديه قناعات تزيد من اطمئنانه إلى أن ذهنية جديدة تدير شؤون البلاد التي يكفيها ما دفعته من أثمان باهظة حين أسندت الأمور الى رويبضات في المناصب الوزارية والإدارية، نتيجة تسويات أدت إلى هبوط مسؤولين بالبراشوت على مناصب تنفيذية ودفعت إلى أزمات متوالية.
وللخروج من المأزق تعمل القيادة السياسية على تهيئة الظروف لاستغلال كل الفرص المتاحة للكويت واستثمارها لتعويض ما فاتها حين جرى تغليب نفوذ المتمصلحين على العقل في المؤسسات التنفيذية والتشريعية ما أدى إلى إضعاف الدولة.
لا شك أن هذا يبشر بتغيير كبير في الشأن العام، كان قد أهمل سابقاً إما بسبب المماحكات والصراعات على النفوذ نيابياً ووزارياً، أو جراء تعقيدات جائحة "كورونا" التي فرضت نفسها نحو سنتين على كل شيء في البلاد.
أحيانا تمر الدول بكبوة حتى تتيسر لها قيادة حازمة تقودها ألى بر الأمان، ويحفل التاريخ بشواهد كثيرة في هذا الشأن، منها ما هو خليجي على غرار ما فعله المغفور له، الملك عبدالعزيز بن سعود، عند توحيد المملكة العربية السعودية حين كانت تواجه مصاعب كبيرة، وكانت بحاجة ماسة إلى كل خبرة ممكنة للنهوض، لذا أصدر سلسلة قرارات وأنظمة جريئة، وأشرف على تنفيذها شخصياً، لإدراكه منذ البدء أن لا قيامة لدولة إلا بالعمل الجاد والحزم.
على هذا النهج سار ملوكها كافة، فيما هي اليوم وبتوجيهات الملك سلمان بن عبدالعزيز، وبمتابعة مباشرة ومثابرة وجهد كبير من ولي العهد الأمير محمد بن سلمان تدخل مرحلة متقدمة من التحول الاقتصادي والسياسي والاجتماعي، جعلها حديث العالم أجمع.
كذلك ما فعله أمير قطر الشيخ تميم بن حمد، إذ رغم صغر مساحة الدولة إلا أنه حولها قوة اقتصادية وأوقف كل الضجيج حولها الذي باعد بينها وبين جيرانها، فيما في الإمارات استطاع قادتها، لا سيما الشيخ محمد بن راشد والشيخ محمد بن زايد، نقلها وفي المجالات كافة إلى مصاف الدول المتقدمة في فترة زمنية قصيرة، لتدخل عصر الفضاء من أوسع أبوابه.
أما عربياً فمن القادة الذين نقلوا بلادهم إلى مستويات أفضل، الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الذي استطاع في سبع سنوات تحقيق الكثير من الإنجازات، متغلباً على الخراب الكبير الناتج عن سيطرة الإخوان المسلمين على الحكم، إضافة الى السلبيات الكثيرة التي تركتها مرحلة ثورة عبدالناصر وما تبعها من تشوهات اقتصادية وهرطقات سياسية.
أما دولياً، فسنغافورة، مثلاً، تلك الجزيرة التي كانت تعاني من فقر مدقع حولها رجل هو لي كوان يو نمراً اقتصادياً، لتأتي بعده رئيسة الوزراء الحالية حليمة يعقوب وتكمل الطريق الصعب في عملية البناء وتحقق أعلى المداخيل على مستوى الفرد.
ليست سنغافورة الوحيدة التي كان للقادة طابعهم المميز في تاريخها، فها هي بريطانيا في عهد مارغريت تاتشر استطاعت الخروج من مأزقها المالي في غضون 11 عاماً، وأعادت إليها قوتها، وفي ذلك الحين لم تخضع لقوى الضغط السياسي، وسارت في طريق الإصلاح، واضعة مصلحة المملكة المتحدة فوق كل اعتبار.
لا شك أن الكويت لديها كل الإمكانات التي تؤهلها لمواكبة مجريات العصر والتقدم على المستويات كافة، وهو ما تسعى إليه القيادة السياسية اليوم، فالجميع يلمس بوضوح رغبة صاحب السمو الأمير، ومتابعة ولي العهد الحثيثة، وتوجيهاته الصارمة لوقف كل محاولات التفرقة والتفكك التي تعمل عليها بعض الشخصيات من أجل مصالحها الخاصة، ساعياً سموه بكل عزم كي تعود الكويت أيقونة مهمة في الإقليم، فهي لديها المال والرجال، ولا ينقصها إلا القرار، وإيقاف العبث السياسي الذي تسبب بتخلفها عن الركب.
آخر الأخبار