الأربعاء 14 مايو 2025
37°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
منوعات

قوم هود

Time
الأربعاء 08 مايو 2019
View
5
السياسة
على مر الأزمنة، تأتي حضارات وتنتهي، لتحل محلها حضارات أخرى، وكم من حضارات زالت ولم يعد لها وجود، وزالت معها اسماؤها وشعوبها، وقد تناول القرآن بعض هذه الحضارات ولولاه لما عرف الكثيرون عنها شيئا، يقول تبارك وتعالى: (وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرتْ مَعِيشَتَهَا فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلًا وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ) [القصص 58].
وفي هذه الحلقات اليومية تتناول " السياسة " قصص هذه الحضارات والشعوب التي ذكرها القرآن في آياته الخالدة.

" قَالُواْ أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَآؤكُم مَّا نَزَّلَ اللّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ فَانتَظِرُواْ إِنِّي مَعَكُم مِّنَ الْمُنتَظِرِينَ فَأَنجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَقَطَعْنَا دَابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَمَا كَانُواْ مُؤْمِنِينَ".
سكنت "عاد" وهي قبيلة عربية الأحقاف وتشير الدراسات الى أنها بين اليمن وعمان، ويمتد نسبها الى نوح عليه السلام، ولكن أهلها جافوا جدهم وخرجوا على عبادة الله الواحد وعبدوا الأصنام.
عرفت قبيلة "عاد " بالبناء الرفيع المتفرد المتين و بالبأس والبطش والبسطة في الأجساد فتملكهم الكبر بالإثم وضلوا، فأرسل الله إليهم رجلا منهم علاقته بهم كعلاقة الأخ بأخيه، "وإلى عاد أخاهم هودا قال يا قوم أعبدوا ربكم مالكم من إله غيره أفلا تتقون" الأعراف (65)، حذرهم هود من مصير المفسدين وأرشدهم طريق النجاة، فما كان منهم سوى الإعراض واتهامه بخفة العقل والكذب، تصدى هود عليه السلام لإدعائهم قائلا: ياقوم ليس بي في هذه الدعوة أي قدر من خفة العقل ولست بكاذب ولكني جئتكم بالهداية، وأنا رسول الله إليكم وهو رب العالمين، "أوعجبتم أن جاءكم ذكر من ربكم على رجل منكم لينذركم واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد نوح وزادكم في الخلق بصطة فاذكروا آلاء الله لعلكم تفلحون"الأعراف(69).
وكدأب قوم الأنبياء يواجهون دعوات أنبيائهم بالجحود والإنكار، أنكرت عاد على هود نصحه ودعوته لهم بالعودة الى سيرة نوح عليه السلام، فقالوا مستغربين:أجئتنا لتدعونا الى عبادة الله وحده وترك ما كان يعبد آباؤنا من الأصنام ؟ وانا لا نفعل فأتنا بالعذاب الذي تهددنا به إن كنت من الصادقين.
ظل قوم عاد يغترون بقوتهم ونكران الألوهية والوحدانية والاصرار على عبادة أوثان اتخذتها آلهة لا تملك حولا ولا قوة، " فأما عاد فاستكبروا في الأرض بغير الحق وقالوا من أشد منا قوة أو لم يروا أن الله الذي خلقهم أشد منهم قوة وكانوا بآياتنا يجحدون"فصلت(15)، وكيف جحدوا الله واغتروا بقوتهم وقد أهلك الله قبلهم من أنكروا دعوة نوح عليه السلام بالطوفان ولكنهم قليلا ما يتذكرون أو يعملون العقل ويتدبرون.
أعرضت عاد عن الهداية ونصح هود واتبعوا الشيطان وازدادوا غرورا ـ وطالبوا هودا أن يسأل ربه العذاب الذي يهددهم به وهو إمعان الضلال والفتنة، فأغلقوا على أنفسهم طريق الرشاد وحق عذاب الكافرين، ولم ينج منهم سوى هود ومن على دعوته، " فأرسلنا عليهم ريحا صرصرا في أيام نحسات لنذيقهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ولعذاب الآخرة أخزى وهم لا ينصرون"فصلت(16).
وهكذا من قالوا بالأمس من أشد منا قوة ؟ وعجبا لقولهم أيقولون ذلك ولم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة ؟ الآن يستجيب الله لنبيه هود وينزل بهم العقاب.فأمسك الله عنهم المطر وأصيبت الأرض بالجفاف والقحط،فطلبوا المطر من آلهتهم، فأرسل الله عذابه الشديد فظنوه ابتداء أن السحاب والريح القادمين إليهم استجابة أصنامهم للدعاء، ولكن حسم الأمر إنه العذاب الذى استعجلوه، ريحا شديدة عارمة وباردة ذات صوت شديد مرسلة عليهم سبع ليال وثمانية أيام اقتلعتهم،فلم تبق منهم أحدا ليذوقوا عذاب الهوان في الدنيا ويقسم الله أن عذاب الآخرة أشد خزيا وهم يومئذ لا ناصر لهم، وهكذا محا الله نسلهم ولم يبق منهم سوى بقايا بيوت خربة تشهد على قوم أعطاهم الله فكفروا وأمهلهم وأرسل إليهم هودا فأنكروا واستكبروا فضرب الله بهم مثلا في الذل والخزي بعد القوة، "ويوم يحشر أعداء الله الى النار فهم يوزعون"فصلت(19).
آخر الأخبار