الدولية
قيس سعيّد "مستقل"هزم منظومة الأحزاب ليعمل "موظفاً" في"قرطاج"
الاثنين 14 أكتوبر 2019
5
السياسة
تونس- وكالات: بلا رصيد سياسي، ومن دون "ماكينة" حزبية، حقق الرئيس السابع للجمهورية التونسية المنتخب قيس سعيّد، المفاجأة، حاصدا 89,8 في المئة من إجمالي أصوات الناخبين، في الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية، مطيحا بالضربة القاضية بأبرز مرشحي الأحزاب الكبرى رجل الأعمال نبيل القروي الذي تحصل على 10.20 في المئة، من إجمالي الأصوات المصرح بها.وعلى وقع شعارات ثورية من قبيل "أوفياء لدماء الشهداء"، احتفل سعيد مع أنصاره بالفوز في مقر حملته الانتخابية بالعاصمة، مؤكدا أنه سيعيد لتونس مجدها، وسيمضي في تركيز دعائم دولة القانون والعدل.وأظهر الرجل انحيازا واضحا لمبادئ الثورة، معتبرا أن رحيل رأس النظام لا يعني إسقاط النظام برمته، داعيا إلى تأسيس دولة قوامها العدل والسيادة الوطنية والحكم المحلي. كما أعلن منذ أشهر تعففه عن السلطة والقصور والمآدب الفاخرة، مؤكدا أن عهد الأحزاب ولّى وانتهى، وأنه آن للشعب أن يسترجع سيادته على أرضه وثرواته، وانه سيكون موظفا لدى الدولة في قصر قرطاج، وعندما ينتهي من أداء وظيفته سيعود الى بيته.ويعتبر العديد من التونسيين ان ما أظهره سعيد من تعفف عن السلطة، ومن وعود لاستعادة السيادة الوطنية والعدالة الاجتماعية، قد أعاد الأمل لفئة الشباب، خاصة المهمشين والعاطلين عن العمل، وزاد في تأليبهم على السياسيين وانتهازيتهم.وقال الرئيس سعيّد، إن "الدولة ستستمر بقوانينها وتعهداتها الدولية"، مطمئنا المواطنين، قائلًا "ليطمئن الكثيرون إننا نعي ما نقول لأننا نعرف حجم المسؤولية وما معنى الدولة التي يجب أن تستمرّ بقوانينها وكلّ تشريعاتها"، مضيفًا "علاقاتنا في الداخل ستبنى على الثقة والمسؤولية، والعمل في إطار الدستور واحترام قواعده كما سنعمل في الخارج من أجل القضايا العادلة وأولها القضية الفلسطينية، وكنت أتمنى أن يكون هنا العلم الفلسطيني إلى جانب العلم التونسي، وأتمنى أيضًا أن نبني علاقات جديدة مع الأمم والشعوب كلها لأن بُعد الثورة التونسية هو بعد إنساني".وشدد على أنه سيحمل الرسالة والأمانة بكل صدق وإخلاص بأعبائها وأوزارها، قائلًا "لأننا اليوم نحاول أن نبني بقدراتنا تونس جديدة".واعتبر مراقبون أن الصعود المفاجئ للرئيس الجديد كان درسا آخر للأحزاب التقليدية التي لم تستوعب حقيقة ما حصل، بعدما سحب منها سعيد البساط بقوة، بما فيها حركة النهضة ذات الثقل السياسي الكبير.وارتكز سعيّد في برنامجه السياسي والانتخابي على فلسفة الحكم المحلي ولا مركزية السلطة مع ديمقراطية محلية ونواب يمكن إقالتهم أثناء ولايتهم؛ وهو يرفض بشدة أي تحالف حزبي متمسكا بمشروعه "القائم على الديمقراطية المحلية".وبخصوص قضية فلسطين، اعتبر سعيد أن مشكلة العرب ليست مع اليهود، معتبرا في الوقت نفسه أن مسألة التطبيع مع إسرائيل، خيانة عظمى.وقال إن العرب يعيشون "حالة حرب مع كيان محتل وغاصب"، متعهدا بعدم السماح لحاملي جوازات السفر الإسرائيلية بدخول تونس. وقد استرعت مواقف سعيد من القضية الفلسطينية، اهتمام الفلسطينيين وإعجابهم على مواقع التواصل الاجتماعي، ووصفه البعض بأنه "مرشح الفلسطينيين إلى الرئاسة التونسية".وعلى صعيد العلاقات مع دول أوروبا، قال سعيد، "كما هم لديهم مصالح فلنا أيضا مصالح، وليست شعوبهم أفضل من شعوبنا، ويجب أن يرفعوا أيديهم عن ثرواتنا، فقد حان الوقت لنبني علاقات جديدة قائمة على الاحترام المتبادل وتعايش بين الشعوب فليس هناك ترتيب تفاضلي لشعب على آخر".وفي المقابل يعيب بعض الحقوقيين عليه، أن تكون مواقفه رافضة لمبدأ المساواة في الميراث بين الرجل والمرأة، محتكمة للنص القرآني، كما ينتقد آخرون موقفه بحل البرلمان لفائدة المجالس المحلية، ونيته إلغاء الانتخابات التشريعيّة.وقد يلقى سعيّد معارضة من مكونات المجتمع المدني، ولا سيما أنّه يفتقد ظهيرا حزبيا أو كتلة برلمانيّة تعزز قدرته على المناورة والقيام بتحالفات لتفعيل الحدّ الأدنى ممّا يطرحه من مشاريع قوانين.