الأحد 04 مايو 2025
31°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
منوعات

قُبلت توبته بدعوة رابعة العدوية

Time
السبت 25 أبريل 2020
View
5
السياسة
إعداد - أحمد فوزي حميدة:

"عاشوا معظم سنوات حياتهم في ضلال بعيدا عن الإيمان وتمادوا في ارتكاب المعاصي واحتراف سرقة الناس وأكل حقوقهم، وحينما أنارالله بصيرتهم وهداهم للإيمان استجابوا وتابوا وانقطعوا عن السرقة وزهدوا في الدنيا ومتاعها حتى نالوا درجة الولاية والاصطفاء والمحبة من الله عز وجل."



يذكر المؤرخ فريد الدين العطار في كتابه "تذكرة الأولياء" العابدة الزاهدة شهيدة العشق الإلهي رابعة العدوية، أنها من متصوفة القرن الثاني الهجري ولدت في مدينة البصرة، ويرجح مولدها حوالي عام 100هـ، توفي والداها وهي صغيرة فذاقت وأخواتها مرارة اليتم والفقر، وبعد أن دب في البصرة جفاف وقحط ووباء وصل إلى حد المجاعة وضلت الطريق فتفرقت عن أخواتها، وبذلك أصبحت "رابعة" وحيدة مشردة، وأدت المجاعة إلى انتشار اللصوص وقُطَّاع الطرق، فخطفها أحدهم وباعها بستة دراهم لأحد التجار من آل عتيق البصرية، وأذاقها التاجر سوء العذاب لكنها انصرفت إلى الإيمان والتعبد ورأت فيه بديلاً عن حياة اللهو الذي يعيش فيه سيدها وتوفيت وهي في الثمانين من عمرها سنة 180 هـ.
تذكر دائرة المعارف الإسلامية أن "رابعة" تختلف عن متقدمي الصوفية الذين كانوا مجرد زهاد ونساك، فكانت صوفية بحق، يدفعها حب قوي، وتواجدت في طليعة الصوفية الذين قالوا بالحب الخالص الذي لا تقيده رغبة سوى حب الله وحده. وفي كتابه "صفة الصفوة" يذكر "ابن الجوزي" في ترجمته لرابعة العدوية بإسناده عن عبدة بنت أبي شوال خادمة رابعة وكانت من خيار إماء الله تعالى، حيث قالت:"دخل لص دار رابعة العدوية ذات ليلة وهي نائمة فحمل درعها – ثوبها – وطلب الباب فلم يجده، فوضع الثوب وطلب الباب فوجده، فأسرع واختطف الثوب وهم بالفرار ولكنه لم يجد الباب، فأعاد ذلك مراراً كثيرة، فهتف به هاتف: "إذا كان المحب نائمًا فإن المحبوب يقظًا، ضع الثوب واخرج من الباب، فإنا نحفظها ولا ندعها لك وإن كانت نائمة"، فوضع اللص الثوب.. فشعرت بحركة في الحجرة فهتفت: "من هذا؟"، فاستيقظت "رابعة" فلما رأت اللص، قالت: "يا هذا لا تخرج قبل أن تأخذ شيئًا"، فتعجب اللص من قولها، وقال: " ليس في الحجرة غير هذا الإبريق فماذا أفعل به؟"، فقالت رابعة: "أخرج إلى صحن الدار بهذا الإبريق وتوضأ منه وصل ركعتين سوف تخرج بشيء فأخذ اللص الإبريق وتوضأ منه ثم وقف يصلي".
قالت عبدة بنت أبي شوال خادمة رابعة العدوية: "فلما رأيته على هذه الحال أدركت أن رحمة الله عز وجل غمرته بالتوبة، ورفعت "رابعة" يديها إلى السماء، وقالت: سيدي ومولاي: هذا قد أتى بابي ولم يجد شيئاً عندي وقد أوقفته ببابك، فلا تحرمه فضل ثوابك".
وأضافت "عبدة": "رحت اختلس النظر إلى اللص، وماذا كان أثر الصلاة في نفسه، ولشدة ما سرني أن رأيت اللص قد اندمج في الصلاة حتى مطلع الفجر".
وفي حكاية أخرى، أن لصا دخل على رابعة العدوية ليلاً فنظر في البيت يمينًا وشمالاً، فلم يجد غير أبريق فلما همّ بالخروج قالت له: "يا هذا إن كنت من الشطار فلا تخرج بلا شيء"، فقال: "إني لم أجد شيئا"، فقالت له: "يا مسكين توضأ بهذا الإبريق وادخل إلى هذا المخدع وصلِّ ركعتين فإنك لا تخرج بلا شيء"، ففعل ما أمرته به، فلما قام يصلي رفعت "رابعة" طرفها إلى السماء، وقالت: "سيدي ومولاي هذا قد أتى إليّ ولم يجد عندي شيئاً وقد أوقفته ببابك فلا تحرمه من فضلك وثوابك"، فلما فرغ من صلاة الركعتين لذت له العبادة، فما برح يصلي إلى آخر الليل، فلما كان وقت السحر دخلت عليه رابعة العدوية فوجدته ساجدًا وهو يقول في عتابه لنفسه:"إذا ما قال لي ربي أما استحييت تعصيني وتخفي الذنب من خلقي وبالعصيان تأتيني فما قولي له لما يعاتبني"، وعندما انتهى من ليلته قالت له "رابعة": "كيف كانت ليلتك؟" فقال: "بخير وقفت بين يدي مولاي بذلُّي وفقري فجبر كسري وقبل عذري وغفر لي الذنوب وبلغني المطلوب"، ثم خرج هائمًا على وجهه، فرفعت "رابعة" طرفها إلى السماء، وقالت: "سيدي ومولاي هذا وقف ببابك ساعة فقبلته وأنا منذ عرفتك بين يديك أترى قبلتني؟" فنوديت في سرّها: "يا رابعة من أجلك قبلناه وبسببك قربناه".
آخر الأخبار