بيروت ـ "السياسة":في مأساة مروعة تعكس الحال المزرية التي وصل إليها اللبنانيون، الذين فقدوا الأمل بكل شيء، قتل فجر أمس، نحو ثلاثين شخصا وجرح 100، بعضهم في حال حرجة، جراء انفجار خزان بنزين، يعود ملكيته لأحد الأشخاص في بلدة التليل العكارية، وهو ما رفع من سقف المطالب اللبنانية، إلى المطالبة الصريحة المدوية برحيل رئيس الجمهورية ميشال عون، وجميع أركان عصابته الحاكمة في لبنان.ففي جمهورية القتل المتعمّد الذي ترتكبه المنظومة السياسية لم يعد من مكان للحياة، ويأبى الموت ان يفارق يوميات اللبنانيين التي تخطت جهنم الموعودة. وتعددت الروايات في شأن سبب الانفجار بين من تحدث عن اطلاق نار ومن اشار الى اشعال قداحة، واخر عن تهديد احدهم باشعال المستودع ان لم يحصل على البنزين، فيما لم تصدر بعد معلومات رسمية عن حقيقة ما جرى، في انتظار نتائج التحقيقات.وأفادت مصادر أمنية وعسكرية أن الجيش اللبناني كان قد صادر خزان وقود أخفاه أشخاص يعملون في السوق السوداء، وكان يوزع الوقود على السكان، ومن بعد رحيله عن المكان بوقت قليل وقع الانفجار.وافيد أن المصابين "كانوا بغالبيتهم ممن تجمعوا حول الخزان لتعبئة البنزين" منه، حيث حصل تدافع كبير من قبل أبناء المنطقة لتعبئة ما تبقى من البنزين في الخزان، وحصل الانفجار".وساد غضب شديد بين أهالي ضحايا انفجار التليل، الذين حاولوا الدخول الى منزل صاحب الأرض، ولكن الجيش منعهم بداية من ذلك، وحصلت مشادة في ما بينهم. وقام الأهالي بإشعال النيران في محيط المنزل كما أشعلوا سيارة "بيك أب" مركونة أمامه، قبل أن يتمكنوا من اقتحامه وإحراقه.وقال مصدر محلي، إنه كان هناك عدداً من المفقودين في محيط موقع الخزان قذفهم عصف الانفجار. ومن جانبها، أعلنت مديرية الاستخبارات عن توقيف ابن صاحب قطعة الأرض التي انفجر فيها خزان الوقود في عكار.وأشارت إلى إنه وفق المعلومات الأوليّة فإنّ "الخزان" يملكه المدعو علي صبحي الفرج، وهو من أبناء وادي خالد ويوجد في مستودع للرمل والبحص في بلدة التليل، وتعود ملكيته إلى جورج رشيد، وهو من ابناء البلدة.وفي محاولة لابعاد شبهة القتل عن السلطة، دعا رئيس الجمهورية ميشال عون إلى اجتماع استثنائي للمجلس الأعلى للدفاع، صباح أمس، مطالبا "بعدم تسييس المأساة التي وقعت في التليل واستغلال دماء الشهداء وحروق الجرحى لرفع شعارات وإطلاق دعوات تكشف بوضوح نوايا مطلقيها وضلوعهم بمخططات هدفها الإساءة الى النظام ومؤسساته".ومن جهته قال رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب: "هذا الانفجار هو نتيجة الفساد الذي صار هو القاعدة في البلد".وأعلنت الحكومة يوم الثلاثاء حداد وطني وتعطيل الإدارات العامة والمؤسسات العامة والبلديات".وفي السياق، قال رئيس مجلس نواب نبيه بري: "فجرٌ أسود ودمٌ جديد في تاريخ لبنان واللبنانيين، وهذه المرة من عكار الحرمان... أما آن لهذا الليل ان ينجلي؟".إلى ذلك، أكد الرئيس المكلف تشكيل الحكومة نجيب ميقاتي في بيان، أن "ليل عكار الحزين أدمى قلوبنا جميعا على أبرياء سقطوا ضحية طمع من استغلوا أزمة المحروقات ليحققوا ارباحا غير مشروعة ويحرموا الناس من أبسط حقوقهم".وفي المقابل، غرد النائب حبران باسيل، وقال: "نبهنا من أسبوعين ان عكار صارت وكأنها خارج الدولة بسبب عصابات المحروقات"، داعيا إلى "اعلان عكار منطقة عسكرية حمايةً لأمنها ولكل اهلها، وتوقف قرار الحاكم الذي يسبّب الفوضى ويولّد الفتنة".وفي هذا الشأن، قال عضو كتلة المستقبل النائب وليد البعريني: "نأسف لمحاولة البعض استغلال كارثة انسانية لاهداف سياسية، اذ عمد هؤلاء الى زج اسم النائب البعريني في روايات لا اساس لها من الصحة، بل هي محض افتراء واشاعات لمحاولة تبييض صفحة فريق سياسي واتهام فريق آخر".ومن جانبه، قال الرئيس سعد الحريري: "من المريب ان تتقاطع مواقف رئيس الجمهورية ميشال عون مرة جديدة مع مواقف رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، وان نسمع منهما كلاماً منسوخاً يتناول عكار والشمال بالتهم الباطلة".وأضاف: "يا فخامة الرئيس، عكار ليست قندهار، وليست خارج الدولة، وإنما أنت اصبحت خارج الدولة، ورئيساً لجمهورية التيار العوني، ارحل يا فخامة الرئيس… ارحل".وقال رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع: "ألا تستاهل كل هذه الضحايا وعذابات اللبنانيين، استقالة رئيس الجمهورية؟ ألم يرف جفن الأكثرية النيابية بعد بالرغم من كل هذه المآسي لكي تستقيل ويذهب الناس فورا للتعبير عن أرائهم وإعادة تكوين السلطة بعد كل ما جرى ويجري في لبنان؟".وأشار إلى أن استمرار مكوث رئيس الجمهورية والأكثرية النيابية بمراكزهم بعد كل الذي حصل يعدّ إمعانا في قتل الشعب اللبناني".وغردت الوزيرة السابقة مي شدياق على حسابها عبر "تويتر"، كاتبةً: "قادة منتحلو صفة لبنانيين، مخادعون فاسدون بلقب رئيس، وقائد تيار، ومقاومة، سرقوا منا لبنان، وذلونا، وأرجعونا للعصر الحجري ولم يرف لهم جفن... روحوا الله لا يوفقكم".وفي السياق، اجتمع رؤساء الحكومات السابقون: فؤاد السنيورة، سعد الحريري وتمام سلام إضافة الى الرئيس المكلف تشكيل الحكومة نجيب ميقاتي.وأكد الاجتماع، على أن "هذه المصيبة هي واحدة من مظاهر سقوط الدولة اللبنانية وتلاشيها".وعلقت عضو كتلة المستقبل النائب رولا الطبش على كلام عون، وقالت: "تيار الكذب بقيادة دجال الجمهورية باسيل يتلذذ بامتصاص دماء اللبنانيين واستغلال جروحهم لمحاولة تبييض وجه العهد المشؤوم، وها هو يصب حقده على أهل عكار الشرفاء".وقال الرئيس أمين الجميل، "أجدد إدانتي لهذه السلطة التي تقترف أبشع انواع التنكيل والعذاب والذل بحق أهلها".كما غرد رئيس "حركة الاستقلال" النائب المستقيل ميشال معوض، عبر حسابه على "تويتر"، وقال: "ما حصل هو نتيجة مباشرة لغياب الدولة وأجهزتها". وغرّد النائب شامل روكز، عبر حسابه على "تويتر"، وقال: "كارثة عكار مجزرة جديدة بحق اللبنانيين، تتحمل مسؤوليتها السلطة التي غطت الفساد والاحتكار وسكتت عن التهريب، وحرمت الناس من أساسياتهم وتركتهم لمصيرهم يهرعون لتأمين حاجاتهم بأي طريقة".توازيا، قال الوزير السابق أشرف ريفي: "حوّلتم الوطن لمعسكر للموت، أوصلتمونا الى جهنم... أثبتّم أنكم أهل للموت والجوع والفشل". وأضاف، "لستم أهلاً لإدارة الوطن نحو الحياة والازدهار". بالتزامن، وصف مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبداللطيف دريان انفجار التليل في عكار بـ "الكارثة الوطنية والإنسانية وجريمة تتحمل مسؤوليتها السلطة الحاكمة العاجزة عن إدارة البلد في شتى الميادين". واعتبر مفتي بعلبك الهرمل الشيخ خالد الصلح، أن "الذي حصل جريمة عظمى يجب التحقيق الفوري فيها وتوقيف المتورطين، وهذه الجريمة النكراء تهز العروش وعليه يجب أن يستقيلوا لإراحة البلاد والعباد إن كان قد بقي لدى أحدهم ذرة إنسانية أو ضمير".
مواجهات بين الشرطة والمحتجين أمام منزل ميقاتي اندلعت مواجهات بين الشرطة ومحتجين أمام منزل رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي في العاصمة بيروت.وقالت مراسلة موقع تليفزيون "روسيا اليوم" الالكتروني في لبنان، إن المحتجين حطموا الواجهة الأساسية لمنزل ميقاتي، وكتبوا على الجدران أمام المنزل "عكار حرقوها نوابها"، موضحة أن عناصر مكافحة الشغب استخدمت القنابل المسيلة للدموع لتفريق المتظاهرين.من جانبه، أعلن الجيش اللبناني أن الحصيلة النهائية للجرحى والقتلى في صفوف العسكريين جراء انفجار صهريج الوقود في بلدة التليل بعكار، بلغت 24 فردا، موضحا وفاة عنصرين، و11 عنصرا حالتهم حرجة، وأربعة مفقودين، إضافة إلى سبعة عناصر إصاباتهم طفيفة تمت معالجتهم".
مصر والعراق والأردن وتركيا تتضامن مع لبنانبيروت ـ "السياسة": أعرب رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي لرئيس حكومة تصريف الأعمال الدكتور حسان دياب عن "استعداد العراق لتقديم المساعدة في معالجة تداعيات انفجار بلدة التليل في عكار".كذلك، تبلغت رئاسة مجلس الوزراء من سفير مصر ياسر علوي أن "مصر تستعد لارسال مساعدة عاجلة الى لبنان".كما سارعت تركيا الى ابلاغ الحكومة اللبنانية إرسال مساعدات صحية عاجلة.واستقبل العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني وزيرة الخارجية والمغتربين زينة عكر في زيارة الرسمية الى الأردن.وأكد على وقوف المملكة الى جانب لبنان واستعداده للدعم في شتى المجالات مبدياً أسفه للحادث المأساوي الذي وقع منطقة عكار مقدماً التعازي بالضحايا متمنياً الشفاء العاجل للمصابين.ومن جهة أخرى، قالت عكر إن "الملك عبدالله أعطى توجيهاته باستعداد الأردن لنقل عدد من الجرحى والمصابين الى الأردن لتلقي العلاج بشكل فوري".
الراعي: حولتم لبنان من منارة إلى عتمة الشرقبيروت ـ "السياسة": توجه البطريرك بشارة الراعي بالتعزية الى عائلات ضحايا انفجار عكار آملا من الدولة ان تعرف حقيقة سبب الانفجار وداعيا لعدم التسرع في الإدانة وانتظار التحقيقات الرسمية. وتطرق إلى أزمة الكهرباء في لبنان سائلا: "منذ متى تحول لبنان من منارة الشرق إلى عتمة الشرق؟".وأشار الراعي الى أن "كل السجال حول إبقاء الدعم أو رفعه، ما كان ليكون لو انتهجت الدولة خريطة اصلاحية، والتزمت بنصائح الخبراء والمؤسسات النقدية الدولية، ولو أقدمت الأجهزة الأمنية والعسكرية على إغلاق معابر التهريب التي تخرق سيادة الحدود الدولية بين لبنان وسورية، فيما نأمل من الأجواء الإيجابية المظللة أعمال تأليف الحكومة، الى الآن، ننتظر مع الشعب اللبناني أن يتم التأليف سريعا، بحيث يلتقي مع مستلزمات المجتمعين العربي والدولي، ويخرج لبنان من انهيار مقوماته الواحدة تلو الأخرى كما نرى، والمواطنين من أوجاعهم التي تشتد يوما بعد يوم".ومن جانبه، أعرب نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى العلامة الشيخ علي الخطيب في بيان، عن حزنه وألمه للكارثة التي حلت بأهالي عكار جراء انفجار التليل، معتبرا أن "هذه الفاجعة الوطنية ما كانت لتحصل لولا الحصار المفروض على لبنان، وهي نتاج ما أوصلتنا اليه سياسة الفساد المتراكم للطبقة السياسية التي تحالفت مع كارتيلات النفط على مدى سنوات في عملية نهب منظمة للمال العام".

أهالي ضحايا انفجار عكار يحرقون منزل صاحب الأرض المؤجرة لمالك الصهريج في بلدة التليل وسيارة "بيك أب" مركونة أمامه