منوعات
كعب بن مالك... الشاعر الأواب
الاثنين 26 أبريل 2021
10
السياسة
شعراء النبيإعداد - نسرين قاسم"الشعر ديوان العرب، ومصدر معارفهم، ومستودع عاداتهم وتقاليدهم، وكانت القبيلة إذا نبغ فيها شاعر، تقيم الاحتفالات، وتنصب الرايات، وتدعو للولائم ابتهاجاً بهذا الحدث العظيم، وفي هذه الحلقات نتناول أحد الشعراء أو القصائد التي تكرس القيم الإسلامية وتناصر العقيدة". نطيع نبينا ونطيع ربنا هو الرحمن كان بنا رؤوفا هكذا كان منهجه رضي الله عنه، القرب من الله ، والدفاع عن رسول الله ، انه الشاعر المجاهد كعب بن مالك الانصاري الذي شهد بيعة العقبة وحسن اسلامه بعد ان بشّره الله بالتوبة والغفران في ايات يتعبد بها المؤمنون الى ان تقوم الساعة في قوله تعالي : " وَعَلَى الثَّلاَثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُواْ حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّواْ أَن لاَّ مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلاَّ إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُواْ إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ "، ولأنه نزل فيه قرآن يقص قبول توبته بعد تخلّفه عن غزوة تبوك ثم تاب الله عليه حينما ذهب للنبي وربط نفسه بالمسجد، فإن قصة توبته الموثقة في القرآن، غطّت على كونه شاعرا عظيما جاهد في سبيل الله بسيفه ولسانه، بل هو أحد ثلاثة شعراء أُطلق عليهم : شعراء الرسول، اما الاخران فهما: حسان بن ثابت، وعبد الله بن رواحه.لم يجد المؤرخون شعرا كثيرا لكعب في الجاهلية ، إلا رواية واحدة لابن هشام تشير الى ذيوع شهرته ، اذ يروي ان " كعباً " دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم في مجلسه قبل الهجرة ومعه أحد الأنصار، وكان العباس يجلس إلى جوار النبي، فقال النبي للعباس: هل تعرف هذين الرجلين يا أبا فضل؟ قال نعم : هذا البراء بن معرور سيد قومه، وهذا كعب بن مالك، يقول كعب : والله ما أنسى قول النبي للعباس عندما ذكر اسمي : الشاعر؟ قال: نعم، ما يعني ان النبي كان يعرف شعره قبل ان يلقاه.ورغم شهرته قبل الإسلام، فلم يصلنا شيء من اشعاره ، ولم نعرف المواضيع التي تناولها، وبعد اسلامه كان محور شعره الاساسي القرآن الكريم، وما يرد به من تعاليم وشرائع وقيم انسانية عالية، كما اشتهرت قصائده التي يمدح فيها الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ويدافع فيها عن الحق وأهله ، ومنها ما قاله في يوم بدر :لأنا عبدنا الله لم نرج غيرهرجاء الجنان إذ أتانا زعيمهانبي له في قومه إرث عزةوأعراق صدق هذبتها أرومهاولعل في انتشار المعاني والمفردات الإسلامية في شعره ، ما يكشف عن إيمانه القوي من ناحية، وعن تأثير النبي فيه من ناحية أخرى ، فقد كان شديد الفخر بهذا التأثير، فنراه يقول: ما أعان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدا في شعره غيري، ومن أمثلة ذلك أنه عندما افتخر بأن قومه يدافعون عن دينهم بالكتائب العظيمة التي اعتادت القتال في قوله: مُجَالَدُنَا عَنْ جِذْمِنَا كُلُّ فَخْمَة مُذَرَّبَةٍ فِيهَا الْقَوَانِسُ تَلْمَعُ فسأله النبي : أيصلح ان تقول مُجَالَدُنَا عَنْ دِينِنَا؟ قال : نعم وغّير صدر البيت وفقا لنصيحة النبي، فخرج من دائرة افكار الجاهلية التي تعتمد على الفخر بالأنساب ، إلى المفردات الإسلامية التي تعلي قيم الدفاع عن العقيدة والإيمان والأخلاق الفاضلة على ما عداها.