الأربعاء 02 أكتوبر 2024
33°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
الافتتاحية

كفكفي دموعك يا نرجس... فالله معك

Time
الاثنين 03 يوليو 2023
View
10
السياسة
نرجس أحمد خير مثال على الظلم غير المبرر لفئة وُلدت وعاشت وتعلمت في مدارس الكويت، ولم تعرف وطناً غيرها، وليس هناك أي داع أن تحرم هذه المتفوقة من تحقيق حلمها في أن تدرس الطب.
هذه الفتاة ليست الوحيدة التي عاشت معاناة الحرمان الطويلة، بل هناك الآلاف الذين وُلدوا وتعلموا في الكويت، وعاشوا طوال عمرهم فيها، وأخيرا تقطعت بهم السبل، لأن هناك من يرفض الاعتراف بإنسانيتهم في بلد الإنسانية! أوليس هذا الشعار الذي نتغنى به أمام العالم، وهو ينظر إلينا بعين مختلفة لأننا لم نمنح الحقوق المشروعة لهذه الفئة؟
كل هدف نرجس أحمد أن تخدم الوطن الذي عاشت فيه، كأي إنسان يسعى الى رد الجميل لمن احتضنه، لكن هناك من يحول عمداً دون ذلك، لأن عقدة الامتيازات تتحكم بسلوكه وقراره، وكأن العالم ضاق على البشر إلى حد الاعتقاد أنه يعيش في جنة عدن، ولن يسمح لكائن من كان أن يشاركه فيها.
في هذه العجالة تذكرت قصة طبيب بريطاني، ففي عام 1920 أقامت نقابة الأطباء في إنكلترا حفلاً لتخريج دفعة من الأطباء الجدد. وقد شهد الحفل رئيس الوزراء البريطاني في ذلك الحين، وأثناء الحفل ألقى نقيب الأطباء النصائح الواجبة للخريجين الجدد. وقال: "طَرَقَتْ بابي، بعد منتصف ليلة عاصفة، سيدة، وقالت: ساعدني يا دكتور، طفلي مريض، وهو في حالة خطيرة جداً، أرجوك أن تفعل أيّ شيء لإنقاذه. فأسرعت غير مبالٍ بالبرد الشديد والمطر الغزير. وكان مسكنها في ضواحي لندن، وهناك، وبعد رحلة شاقة، وجدت منزلها وهو عبارة عن غرفة صغيرة، وكان الطفل يقبع في زاوية يئن ويتألم، وبعد أن أديت واجبي نحو المريض ناولتني الأم كيساً صغيراً فيه نقود، فرفضت أخذه، ورددته إليها بلطف معتذراً، فقد نظرت إليه باعتباره واجباً إنسانياً، بل تَعَهّدْتُ الطفلَ حتى مَنَّ الله عليه بالشفاء".
وما كاد النقيب ينهي كلامه حتى قفز رئيس الوزراء ديفيد لويد جورج من مقعده واتجه إلى المنصة قائلاً: "سيدي النقيب، اسمح لي أن أُقبِّل يدك، فمنذ عشرين عاماً وأنا أبحث عنك؛ فأنا ذلك الطفل الذي ذكرته في حديثك". ثم أردف قائلاً أمام الحضور: "آه، فلتسعد أمي في مثواها الأخير، ولتهنأ؛ فقد كانت وصيتها الوحيدة لي هي أن أعثر عليك لأكافئك على جميلك الذي أحسنت به إلينا في فقرنا، فأنقذت حياتي".
ولا أدري أليس من الممكن أن تكون نرجس أحمد تلك الطبيبة التي تشفي أحد الذين يعاندون في حرمانها؟
في كل دول العالم تعمل الحكومات على الاستفادة من المبدعين، بل تغريهم للقدوم إليها، لأنها تدرك أن هؤلاء هم الذين يكتبون تاريخها الحقيقي بالإبداع، فالولايات المتحدة فيها عشرات الملايين من الهاربين إليها، وتستفيد منهم، وتمنحهم جنسيتها، وكذلك استراليا وبريطانيا وفرنسا، وغيرها من الدول، التي لا تتحكم فيها عقدة الجنسية ونقاء الهوية الوطنية.
الكويت على العكس من ذلك، تعلم الناس الذين لا يعرفون غيرها وطنا، ومن ثم تطردهم، خوفاً من مطالبتهم بقسيمة أرض وبيت، علما أن بعض دول الخليج تعمل على العكس من هذا، وها هي اليوم تعج بالوافدين.
علينا أن نتذكر أن غالبية أهل الكويت إما جاؤوا على ظهر جمل، أو على متن قارب، وعمروا هذه الأرض، بل أصبحوا اليوم من خيرة أهلها لهذا نقول: ارحموا من في الأرض ليرحمكم من في السماء.

أحمد الجارالله
آخر الأخبار