الخميس 03 أكتوبر 2024
29°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
الأخيرة

كفى بالموت واعظاً

Time
الثلاثاء 20 يونيو 2023
View
32
السياسة
طلال السعيد

نتأثر لوفاة اخ، او ولد، او قريب، او صديق، ونحرص على الذهاب الى المقبرة لنشارك اسرته العزاء، ونعبر صادقين عن حزننا على الوفاة، وصدق مشاعرنا تجاه اسرة المتوفى، ثم نخرج من المقبرة بعد ان نؤدي واجب العزاء.
نخرج الا ان المؤسف حقا ان بعضنا ينسى واجبه تجاه نفسه، فيكون همه تقديم واجب العزاء والمشاركة، لكنه ينسى الهدف الحقيقي من دخول المقبرة، وهو اخذ العبرة والعظة، والحرص والاستعداد لمثل هذا اليوم، الذي
لابد ان يمر على كل حي، رغم إيماننا بالموت مثل ايماننا بالحياة.
رحم الله الفاروق عمر امير المؤمنين (رضي الله عنه وارضاه) الذي قال: "كفى بالموت واعظا يا عمر"! قال هذه العبارة المؤثرة لنفسه قبل الناس، وليضعها كل حي من السلف والخلف نصب عينيه، فليس هناك اعظم، واكثر تأثيرا من الموت، خصوصا حين يكون موتا مفاجئا، اما بحادث مروري، او مرض لا يمهل، او من دون مقدمات، كمن ينام في فراشه فلا يقوم منه ابدا، فيكون تأثير ذلك على الاحياء قويا جدا، على عكس من يتوفى بعد صراع مع المرض، او تقدم في السن.
وها نحن نغدوا ونروح من والى المقابر نشارك بدفن متوفى ونعزي بآخر، وقد امتلأت المقابر بشكل كبير بالقبور، فلا تكاد عائلة تخلو من فاجعة تدمي قلوبها، وفي كل يوم نتحسر على صديق، او قريب، او جار رحل عنا، ونحن على غفلتنا لا ننتبه، وقد امتلأت قلوبنا قسوة مع الاسف الشديد، فقليل منا من يتعظ، اذ نعزي، ونحضر الدفن، ونخرج من دون ان نعتبر! يقال انه في ايام الطيبين كان من يذهب الى المقبرة، سواء من اهل المتوفي او من المعزين "يتدرع" بعقاله، اي يضعه حول رقبته بدلا من ان يلبسه، مهابة للموقف، وحرصا على ابداء الحزن، وتقديرا لوهلة المكان، وكان الصمت والمقبرة في الزمن السابق صنوان، او حليفين، فهل يحدث هذا اليوم؟
رحم الله الفاروق عمر فكأنما هو يخاطب جيلنا الحالي حين قال جملته الخالدة :"كفى بالموت واعظا يا عمر"!
آخر الأخبار