الاثنين 23 سبتمبر 2024
38°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
كل القلوب إلى الحبيب تميل
play icon
الأخيرة   /   كل الآراء

كل القلوب إلى الحبيب تميل

Time
الأربعاء 20 سبتمبر 2023
View
313
محمد الفوزان

قصص إسلامية

شدا أمير الشعراء بأروع قصيد، وأجمل مدح لرسول الله "صلى الله عليه وسلم" فاستفتح قائلاً:
"وُلِـدَ الـهُـدى فَـالكائِناتُ ضِياءُ
وَفَـمُ الـزَمـانِ تَـبَـسُّـمٌ وَثَناءُ
الـروحُ وَالـمَـلَأُ الـمَلائِكُ حَولَهُ
لِـلـديـنِ وَالـدُنـيـا بِهِ بُشَراءُ
وَالـعَـرشُ يَزهو وَالحَظيرَةُ تَزدَهي
وَالـمُـنـتَـهى وَالسِدرَةُ العَصماءُ".
والقصيدة تتكون من 131 بيتاً من الشعر في مدح رسول الرحمة وخاتم النبيين (صلى الله عليه وسلم)، وهو خاتم الأنبياء والمرسلين، أرسله الله سبحانه وتعالى رحمةً للعالمين.
هو حبيبنا وشفيعنا يوم الدين، ولنْ يستطيع الكلام أنْ يصف مشاعر شوقنا وحبّنا له.
"كل القلوب إلى الحبيب تميل
ومعي بهذا شاهدٌ ودليلُ
أمّا الدليل إذا ذكرت محمدا ً
صارت دموع العارفين تسيلُ
هذا رسول الله نبراس الهدى
هذا لكلّ العالمين رسولُ
يا سيّدَ الكونين يا عَلَمَ الهدى
هذا المتيّم في حماك نزيلُ
هذا رسول الله هذا المصطفى
هذا لربِّ العالمين رسولُ".
في خبر رواه العلامة ابن حجر العسقلاني في كتابه النفيس "الدرر الكامنة" قال: "كان النصارى ينشرون دعاتهم بين قبائل المغول طمعاً في تنصيرهم، وقد مهد لهم زعيمهم هولاكو، سبيل الدعوة بسبب زوجته النصرانية ظفر خاتون.
وذات مرة توجه جماعة من كبار النصارى لحضور حفل مغولي كبير، عقد بسبب تنصر أحد أمراء المغول، فأخذ واحد من دعاة النصارى في شتم النبي (صلى الله عليه وسلم)، وكان هناك كلب صيد مربوط، فلما بدأ هذا الصليبي في سب النبي (صلى الله عليه وسلم) زمجر الكلب وهاج، ثم وثب عليه وخمشه بشدة، فخلصوه منه بعد جهد، فقال بعض الحاضرين: "هذا بكلامك في حق محمد عليه الصلاة والسلام".
فقال: "كلا، بل ان هذا الكلب عزيز النفس، رآني أشير بيدي، فظن أني أريد ضربه، ثم عاد لسب النبي وأقذع في السب، عندها قطع الكلب رباطه، ووثب على عنقه وقلع زوره في الحال، فمات من فوره، فعندها أسلم نحو أربعين ألفاً من المغول".
ونقلُ الإمام ابن حجر لها وسكوته عنها يدل على صحتها، وهو نقلها عن علي بن مرزوق بن أبي الحسن الربعي السلامي عن جمال الدين ابراهيم بن محمد الطيبي، ولم نقف عليها عند غيره فيما اطلعنا عليه.
لكن لا غرابة فيها، فقد كفى الله تعالى نبيه المستهزئين به قديماً، وهو سبحانه قادر على كفايته إياهم حديثاً، وربما يمهلهم فلا يعاجلهم بالعقوبة والانتقام لحكمة يعلمها؛ كما قال:" وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاء".
وقال تعالى: "وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِّأَنفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُواْ إِثْمًا وَلَهْمُ عَذَابٌ مُّهِينٌ".
ولكن الواجب على كل مسلم أن ينصر دينه ونبيه، ويذب عن عرضه بما استطاع، فقد قال العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي: "اعلموا أن الجهاد يتطور بتطور الأحوال، وكل سعي، وكل عمل فيه صلاح المسلمين وفيه نفعهم، وفيه عزهم فهو من الجهاد، وكل سعي وعمل فيه دفع لضرر على المسلمين من الجهاد.
ومن أنفع الجهاد وأعظمه مقاطعة الأعداء في الصادرات والواردات، فلا يسمح لوارداتهم وتجاراتهم، ولا تفتح لها أسواق المسلمين، ولا يمكنون من جلبها على بلاد المسلمين، بل يستغني المسلمون بما عندهم من منتوج بلادهم، ويوردون ما يحتاجونه من البلاد المسالمة، وكذلك لا تصدر لهم منتوجات بلاد المسلمين، ولا بضائعهم، خصوصا ما فيه تقوية للأعداء".
المقصود أن مقاطعة الأعداء بالاقتصاديات والتجارات والأعمال، وغيرها له النفع الأكبر، وهو جهاد سلمي له تأثير كبير في الردع، وتوحيد الكلمة والجهد من أنفع الوسائل وأقواها تأثيراً.
ولا ينبغي للمرء أن تحمله العاطفة والحماسة على ارتكاب ما لا يجوز له، والنظر في مثل هذه الأمور، وما ينبغي فعله، إنما هو لأولي العلم الذين يوازنون بين المصالح والمفاسد، ويدركون مقاصد الشرع، فقد قال الله تعالى: "وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ فَيَسُبُّواْ اللّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ"…والله المستعان

إمام وخطيب

محمد الفوزان

[email protected]

آخر الأخبار