الاقتصادية
كيف سيؤثر قرار الغرب بحظر الذهب الروسي على المعدن النفيس؟
الثلاثاء 28 يونيو 2022
5
السياسة
أعلنت مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى بدءها خططًا لحظر استيراد الذهب المستخرج في روسيا، ضمن مساعي الدول الكبرى لتشديد عقوباتها على موسكو، وهي الخطوة التي وصفتها المجموعة بأنها محاولة لـ"تجفيف خزائن" الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" بعد غزوه أوكرانيا.وتحتل روسيا المرتبة الثانية عالمياً في إنتاج الذهب بعد الصين، حيث أنتجت العام الماضي قرابة 331 طنا، بالمقارنة مع 332 طنا للصين، بما يثير التساؤلات حول آثار هذا القرار على المعدن النفيس وعلى الاقتصاد الروسي.وتصدر روسيا أكثر من 60% من إنتاجها من الذهب، و90% من هذه الصادرات إلى الدول السبع الصناعية الكبرى، وغالبيتها تذهب إلى بريطانيا تحديدًا، ولعل هذا هو ما جعل لندن تتقدم إلى مجموعة السبع باقتراح حظر الذهب الروسي، وأول من يعلنه رسميًا بعد تسريبات متعددة.واللافت أن العقوبات الغربية اقتصرت على الذهب المستخرج حديثًا، أي أنها لا تسري على الذهب الموجود بالفعل فوق الأرض وقت إقرار العقوبات ولكن على الذي سيتم استخراجه بعدها، فيما تبدو محاولة لتجنب عمل صدمة للأسواق ترفع سعر الذهب بشكل مفاجئ.ويشير الخبير في أسواق الذهب "وارين بيترسون" إلى أن تأثير الحظر الغربي على الذهب الروسي يبدو محدودًا بما أن الأسواق نفسها بدأت التحسب منذ فترة لاحتمال اتخاذ خطوة مثل تلك، وبالتالي بدأت الكيانات والشركات الغربية في خفض طوعي لمشترياتها من الذهب الروسي بشكل لافت.وتشير التقارير إلى أن الأثرياء الروس اشتروا ما قيمته 12-14.5 مليار دولار ذهبًا منذ بدء الغزو وهي أرقام مرتفعة للغاية وتؤشر على أن السوق المحلي قد يحد من أية عقوبات منتظرة من الغرب على ذهب موسكو.كما أن التقارير الروسية تشير إلى سعي موسكو منذ أبريل الماضي إلى فتح أسواق جديدة في الصين والشرق الأوسط لصادراتها من الذهب، وهناك تقارير عن مفاوضات مع الهند والصين على سبيل المثال لشراء الإنتاج الروسي الحديث من الذهب (كما هو الحال مع النفط والغاز أيضًا).كما أن الحقيقة التي أعلنها الكرملين أنه "لن يعدم أن يجد سوقًا للذهب"، وأن المعدن النفيس دائما ما سيجد مشترين تبدو منطقية، لا سيما إذا ما حدث ما يخشاه كثيرون وبدأ الركود مع رفع غالبية البنوك المركزية حول العالم أسعار الفائدة بما سيجعل الطلب على الذهب يعود لمستويات عالية.فالذهب ليس كالنفط والغاز اللذين يحتاجان لترتيبات لوجستية كبيرة لنقلهما بسبب هيئته الصلبة المعدنية، بما يجعل نقله لأي مكان في العالم ممكنًا ميسورًا . ان الاحتفاظ بالذهب دون تصديره يعد داعمًا للعملة والاقتصاد الروسي، وإذا اضطرت موسكو فإنه يمكنها استخدامه كوسيلة إيفاء بالثمن ولو بتحويل "أرصدة" ذهب (أي قيود دفترية وليس نقل الذهب بنفسه إلى الدول) والاحتفاظ به في روسيا في نفس الوقت، خاصة مع دول صديقة لها، أو حتى إرساله لأي دولة منها لتتولى هي بيعه.وبذلك تؤكد كل الشواهد أن قرار حظر الذهب الروسي يبقى دعائيًا بالدرجة الأولى، ومحاولة لإبقاء خط تشديد العقوبات الاقتصادية الغربية ضد موسكو متصلًا دون توقف ولو على الصعيد المعنوي، ولكن تأثيره الواقعي سيكون محدودًا للغاية على الأسواق والأسعار من ناحية، وعلى الاقتصاد الروسي من ناحية أخرى.