الأربعاء 25 سبتمبر 2024
34°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
الأخيرة   /   كل الآراء

كيف نقيس المعاش؟

Time
الاثنين 28 أغسطس 2023
View
78
أحمد الدواس

مختصر مفيد

يُقاس معاش المواطن في دول العالم بطريقة سهلة، نشرحها هنا في هذه السطور بشكل مبسط، حتى تصل الفكرة للقارئ.
لنفترض ان عدد سكان بلد ما هو مليون نسمة، وان إيرادات الدولة المالية 100 مليون دولار، إذاً معاش المواطن هو 100 دولار في الشهر، أي قسمة حصيلة الإيرادات العامة على عدد السكان.
وإذا زاد عدد السكان انخفض معاش المواطن، لأن إيرادات البلد ستوزع على عدد أكثر من المواطنين، فنجد ان دولة مثل الهند، مثلا، لو وزعت دخل الدولة على عدد السكان المرتفع جدا، لحصل كل شخص فيها على معاش قليل، وهذا هو ما يحدث بالفعل.
فبعملية حسابية بسيطة يصبح معاش الهندي نحو 15 دينارا مثلا في الشهر، والبنغلاديشي تسعة دنانير، أما معاش السنغافوري فأكثر من ذلك، لأن البلد متقدم، وغني، وعدد السكان قليل، وهكذا.
لذلك ينصح الاقتصاديون بألا يزيد عدد السكان، ويطالبون بتنفيذ برامج تحديد النسل، أو الدعوة لعدم إنجاب المزيد من الأطفال.
وهكذا يشعر الوافد الآسيوي والعربي في الكويت بأن وضعه المعيشي جيد، بعضهم يدخر النقود، أو يحّول المال الى عائلته في بلده الأم، بل يستطيع أن يشتري أرضاً سكنية، أو شقة، أو منزلا في بلده لانخفاض الأجر، والأسعار هناك مقارنة بالكويت.
بينما يجب على المواطن الكويتي ان ينتظر 15 عاما ونيفا حتى يأتيه الدور من الهيئة العامة للإسكان، هذا إذا عاش الى هذه الفترة.
والمثال المذكور ينطبق أيضاً داخل البيت، تخيل أن مواطناً كويتياً لديه خمسة أطفال، وان معاشه 500 دينار، ولأنه ينفق عليهم فان نصيب كل منهم 100 دينار، لكن عندما يزيد عدد الأطفال الى سبعة ،مثلاً، فان نصيب كل ولد سيصبح 70 دينارا بعد توزيع المعاش عليهم، أي ان دخل الولد الآن أصبح "أقل".
وهكذا فعلى مستوى الدولة، نقول إذا كان دخل الدولة مليار دولار وعدد الكويتيين "ألف" شخص، فمن المؤكد جداً ان يكون "كل كويتي مليونيرا"، لكن إذا كان عدد الكويتيين بالملايين فان دخل الكويتي سينخفض ويصبح وضعه كحال الآسيوي، وهذه العلاقة الحسابية بين البسط والمقام تتم باستخدام مايُسمى بـ"الناتج القومي الاجمالي"، عن طريق قسمة دخل الدولة على عدد الأفراد، فنستخرج "مستوى دخل الفرد"، أي حجم معاشه، وبالتالي نصل الى الحقيقة التي ذكرناها آنفا "كلما زاد عدد السكان انخفض معاش الفرد"، وهذا ما نلاحظه في الدول الآسيوية، كالهند والصين واندونيسيا، ذات الكثافة السكانية المرتفعة.
بطبيعة الحال يختلف الأفراد من حيث مؤهلاتهم الوظيفية فتختلف أجورهم، ثم ان الدولة لها مصروفات، وان حجم المعاش يتآكل بعد ارتفاع الأسعار، لكنني اضطررت الى تبسيط الشرح لأن علم الاقتصاد مادة ثقيلة على النفس.
قياساً على ما ذكرناه، الواجب ان يكون كل كويتي غنيا، أو ميسور الحال، أو على الأقل لا يعاني ضائقة معيشية، إذا تم توزيع عوائد الدولة النفطية الكبيرة على الكويتيين أهل البلد، وعددهم مليون نسمة ونيف، لكن مع الأسف نجد ان من بيننا إخوة مواطنين يعانون مشقة الحياة، فيما تنفق الدولة الأموال الطائلة كمساعدات وقروض للدول، العربية والأجنبية، وتهمل إصلاح الوضع الداخلي، ولا تأخذ بعين الاعتباران العالم سيستخدم السيارة الكهربائية قريبا، عندئذ ستنهار أسعار النفط، وندخل دائرة الخطر، وتبديد أموال البلاد، ثم الإفلاس.
الواجب ان تعمل الدولة على تنويع مصادر الدخل المحلي، بإنشاء صناعات محلية، مثلا، ووقف المساعدات الخارجية، على الأقل لبضع سنوات مقبلة.

سفير كويتي سابق

أحمد الدواس

آخر الأخبار