كُنْ ذا جِلْد سَمِيك

د. خالد عايد الجنفاوي

يدرج في اللغة العاميّة استعمال مصطلح "الجِلْد السميك" لوصف سلوك نفسي معيّن، وطريقة تفكير إنسان تبدو لديه قدرة خارقة على تحمّل الضغوط النفسية الشديدة، التي يتعرّض لها في حياته، الخاصة والعامة، وهي سجيّة شخصية نادرة وفعّالة.
لا سيما في عالم اليوم المتغيّر، والذي زادت فيه نسب الحساسية المفرطة، ويُفترض بالمرء العاقل اكتساب سمة سماكة الجِلْد، وربما يجدر به جعلها العلامة المميِّزة لشخصيته، وبخاصة إذا وجد نفسه يعيش في بيئة تزيد فيها إهانة كرامة الانسان الآخر، ويطغى فيها نكران الجميل، ويدرج فيها النقد المشخصن واللاذع، أو تنتشر فيها الوقاحة، وقلّة الأدب أو السلوكيات الهمجيّة.
ومن بعض دلائل وسمات الانسان ذي الجِلْد السميك ما يلي:
-تشير سماكة الجِلْد النفسية الى قدرة الفرد على تحمّل النقد، وعدم شعوره بالضيق أو التوتّر عندما يتلقّى كلمات ملغومة بالسلبية، تخرج من أفواه بعض من يتعامل معهم في حياته، الخاصة أو العامة.
-أضداد ذُو الجِلْد السميك: مرهف العواطف، ورقيق الإحساس، والمتأثّر بإفراط تجاه ما يلقيه عليه العالم الخارجي، والمثاليّ المتوهّم، وضعيف الثقة بنفسه.
-يعيش ذُو الجِلْد السميك حياته بشكل جريء، ويميل الى المبادرة والتعامل الحازم مع الأمور الصعبة التي تواجهه، لا سيما في ما يرتبط بعلاقاته مع الآخرين، وهو لا يكترث بآرائهم تجاهه ما لم يتعمّد إيذائهم، ويستعمل كلمات واضحة تعبّر تمامًا عمّا يريده وما يقبله أو ما يرفضه من تعاملات الناس معه.
ويقدّر نفسه بشدّة، ويرفض تلقّي الهراء والحماقات من الآخرين، ويصدّ بسرعة وقاحة الوقحين معه، ويمتنع عن تمكين كل من يهب ويدب، خصوصا السِّفْلة، أن ينرفزوه بسبب كونه قوي الأعصاب، ومتمكّن تمامًا من نفسه، فكريًّا وعاطفيًّا وسلوكيًّا.
ويحرص على أن يكون تأكيديًّا وحازمًا، و مستعدًّا على الدوام للتصادم مع من يتجاوز حدوده معه، ولا يجاوز الحدّ في تأنيب ضميره تجاه كلمات، أو تصرّفات، أطلقها لسانه، أو قام بها، بهدف الدفاع عن نفسه وعمن يهمّه أمرهم، فلا تكن صاحب جِلْد رقيق، تربت يداك.

كاتب كويتي

@DrAljenfawi