حسن علي كرمالبروفيسور عدنان شهاب الدين، والده أحمد شهاب الدين، من الخمسة الأوائل من البعثة التعليمية الفلسطينية التي أرسلها مفتي القدس، آنذاك، الحاج امين الحسيني إلى الكويت، في ثلاثينيات القرن الماضي، حيث انضموا الى قافلة المعلمين الكويتيين للتدريس في مدرسة المباركية والمدرسة الأحمدية، ومعلمة واحدة للتدريس في المدرسة القبلية للبنات.عندما نتحدث عن عدنان شهاب الدين، فإنما نتحدث عن تاريخ يقترب من قرن، فالبعثة التعليمية الفلسطينية لم تأتِ بحثاً عن عمل، إنما جاؤوا بطلب من الحكومة الكويتية، فحاجة الكويت لمُعلمين اكفاء لتدريس ابنائهم لم تكن ترفاً، إنما ضرورة وحاجة للخروج من استار الظلام الى النور ولعلي من الذين حظوا بتدريس اللغة الانكليزية على يد الاستاذ خميس حلاوي، رحمه الله، الذي هو واحد من الخمسة من البعثة التعليمية الفلسطينية، كان يدرسنا في مدرسة الصديق المتوسطة للبنين، جاء هؤلاء الى الكويت في وقت، لا ماء موصل بأنابيب الى المنازل ولا كهرباء، لكنهم تأقلموا مع الوضع شأن الكويتيين.ولعل الحديث عن عدنان شهاب الدين يقودنا للحديث عن أمور ينبغي ألا نُغمض عيوننا عنها وكأنها غير موجودة، من تلك الأمور قضية الجنسية، وجنسية أولى وجنسية ثانية وبالتجنيس وبالتأسيس، ومن يستحق أن يلتهم ثروات البلد ومن لا يستحق حتى شربة ماء، وكأنَّ المسألة عندهم سباق للجنة، لا سباق لمن يكون أجدر بالمنصب والأخلص والأكفأ، طالما يجمعنا وطن واحد وآمال مشتركة لوطن نريده ان يبقى مزدهراً.أبونا آدم لم ينزله الله فقط للكويتيين، ولا الكويتيون كانوا قد نزلوا هذه الارض التي باركها الله وجعل أهلها آمنين. ان مثل عدنان شهاب الدين هناك الكثير من الاخوة قدموا هذه الارض منذ الثلاثينات والأربعينات، منهم الطبيب السوري الدكتور صبحي الحديدي، والد الدكتور صباح الحديدي، وما بعدهما من القرن الماضي، منهم مدرسون وأطباء ومهندسون وعسكريون، استطاعوا ان ينصهروا في المجتمع الكويتي ورأوا الكويت وطنهم الأول بعدما حملوا جنسيتها، بل يكاد الواحد منا لا يميزهم عن اخوتهم الأصليين، ولذلك من اجل وطن يجمع لا يفرق، علينا ان نزيل عن عقولنا كل الندب والتشوهات الاجتماعية، ونرى وطننا جميلاً مزدهراً بأهله وناجحاً بإنجازاته، فالوطن لا تبنيه يدٌ واحدةٌ ولا عقل واحد، ولكن متى تجمعت الأيادي والعقول على النوايا الطيبة والعمل المشترك غدا الوطن مزدهراً.عدنان شهاب الدين الذي ألقى بأحماله من على ظهره بعد رحلة طويلة بين تلقي العلم والعمل والانتقال من ميدان الى ميدان، وهو يلقي سلاحه مُعلناً الاستراحة، لا شكَّ برحيله سوف تخسر الكويت رجلاً قضى عُصارة عمره بين الجندية والقيادة في علوم الذرة والطاقة والبحوث والعلوم والتخطيط والثقافة، وإذا كان يختم رحلته بمؤسسة الكويت للتقدم العلمي، فهي خاتمة نرجو ألا تكون نهاية الرحلة لرجل مازال طاقة معطاءة.الكويت لا ينبغي أن تخسر أبناءَها في ظرف أحوج ما تكون فيه إلى كلِّ الطاقات، لاسيما الطاقات العلميّة المُبدعة وعدنان شهاب الدين واحد من هؤلاء. صحافي كويتي
[email protected]