الجمعة 04 أكتوبر 2024
30°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
كل الآراء

لا تكثر همك

Time
السبت 24 يونيو 2023
View
11
السياسة
د. حمود الحطاب

فلستَ في الغالب بمدرك ما ادركه قارون الذي اعيت مفاتِحُ كنوزه العصبةُ من الرجال اصحاب القوة البدنية ان يحملوها؛ والعصبة من الرجال ما بين العشرة والاربعين رجلا من اشد الرجال قوة.
وليست هذه النصيحة بالتوجيه المعنوي السلبي الاحباطي يا صاحب الهمة القارونية، ايا كان توجهك؛ فإن اردت ان تكون ثروة ايا كانت تلك الثروة، ولها هذا المقدار من العظمة؛ فأرنا قدراتك يا راعي مفاتح الكنوز «إن قارون كان من قوم موسى فبغى عليهم؛ وآتيناه من الكنوز ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة اولي القوة».
اذا كان ما يهمك يا مهموم من همك صدمات السلوك البشري السلبية مع ايجابيات سلوكك المشهود لها بالايجابية، فاترك الناس مدة اسبوع من الزمن لا تأبه لأحد أيا كان وستجد بعدها أنك لم تكن اصلا بحاجة معنوية لأحد من الناس.
فاجعل فاصلا معنويا بينك وبين كل أحد، وسترى كيف سيمتليءُ حوض الماء بالماء، ويرتفع من دون وجودك بالقرب منه، بل وسيفيض.
ايها المهموم يا صاحب الخاطر المكسور؛ عندما لم تكن موجودا في الدنيا دهر الدهارير، هل كان الناس ينتظرون قدومك ليزعجوك؟
وهل تظن ايها المنغلق على خبراته المغلوطة؛ هل تظن يا صاحب الظنون الواهمة أنك انت الوحيد من بين كل البشر الذي خلق لا لشيء الا ليبرد الناس قلوبهم فيه بأذيته؟
اذا فرضت عليك نفسك المتعوسة الشعور بأن البشر؛ جميع البشر ما خلقوا الا لأذيتك، فاعلم أنك بحاجة الى الخروج، وبلطف، من صندوق الحديد الصدئ الذي تعيش فيه أحوالك النفسية، وحالتك صعبة جدا يا مغموم باوهام الهموم، ولستُ بقادر الآن على وصف علاج مناسب لك يعيدك الى بداية خط السلوك الحياتي المستقيم.
يا ساكنا بين اطلال العزلة المعنوية: إن العلاقة بينك وبين الناس حالتها خراب تعتريها الاوهام، والشكوك، والحساسية المفرطة؛ فما علاقتك برب العالمين وقد فقدت قربه وتواصلك معه، فأظلمت عليك الدنيا داخل قوقعتك السوداء، في مرفق من مرافق كهف اليأس المكتوم.
ان العلاقة بينك وبين ربك تعتريها الاحوال نفسها التي تعتري ما بينك وبين الناس، فأدرك نفسك بصدق الثقة بالله، فقد اعطاك ربك وخالقك من الخير والقوة والعزم مالم تطلب، فأحسن الظن بربك، تبدأ أحوالك الحياتية بين الناس بالتحسن.
وقد كتبت اليك هذه الخواطر في ايام العشرة من ذي الحجة لأكسب فيها الأجر إن شاء الله بهذا القلم المحراث.

كاتب كويتي

[email protected]
آخر الأخبار