السبت 28 سبتمبر 2024
37°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
لا توهموا ولاة الأمرأن "الشق عود"… القرار هو الغائب
play icon
الافتتاحية

لا توهموا ولاة الأمرأن "الشق عود"… القرار هو الغائب

Time
الاثنين 28 أغسطس 2023
View
346
السياسة

في الكويت، كما في بعض الدول العربية، لا أحد ينتظرُ العجائبَ، فالتعقيدات والحساسيّات والإشكالات ورواسب العقود الثلاثة الماضية والشكوك المتراكمة، وتلوُّن الفاسدين واللصوص، وأشكالهم، وما يُروى عنهم، أو بالأحرى ما يسوقونهم عبر مُريديهم، جعلت الجميع يتهيَّبون هذه الشخصيات، حتى لو انفضح أحدهم، وإذا لاحقته الدولة، والإنتربول، إلا أنه يجد من يدافع عنه؛ لأنهم دَرَجوا على تغطية سرقاتهم ببعض فتات يقدمونه للفقراء، كي يقال عنهم إن أيديهم بيضاء.
في الواقع هم ليسوا أكثر من آكلي لحم شعبهم، ومهما تلوَّنوا يبقون هم ذاتهم، وحين يقدمون على سرقة فأول ما يفعلونه تحويل الأموال المسروقة إلى الخارج، فلا يفيدون شعبهم منها، ولا يستفيدون هم، لذا يُروى أنَّ أحد أكبر اللصوص في العصر العباسي، وكان اسمه أدهم بن عسقلة، حين حضرته الوفاة، بعد تاريخ من اللصوصية، نصح أتباعه بالتالي: "لا تسرقوا امرأة ولا فقيراً ولا جاراً، وإذا سرقتم بيت أحدهم فاسرقوا نصفه واتركوا النصف الآخر له ليعتاش عليه مع أهله، ولا تكونوا أنذالاً أو ظلمة أو قتلة".
بعيداً عن المثالية التي تتعارض مع اللصوصية والغدر وسلب أموال الناس، نجد أن لبعض هؤلاء حكايات وفلسفات، تنطوي على ما يُمكن أن يكون عبرة للصوص اليوم، الذين تفننوا بالنهب والسطو المُمنهج، وبأساليب عدة، لم تخطر على بال كل اللصوص الذين سبقوهم، كما جرى، مثلاً، في لبنان حين أقدمت طبقة سياسية ومالية فاسدة على الاستحواذ على ودائع الناس، وحرمتهم حتى العلاج.
فيما في الكويت هناك من يعمل على النَّهب من المال العام، و"على عينك يا تاجر"، كما تقول العامة، بل إن الفجار أسسوا دولة عميقة داخل الدولة، وراحوا يُعرقلون كل مشروع إذا لم تكن لهم حصة، أو يهمسون في آذان المسؤولين بأن إنصاف الكويتيين يعني تعويدهم على الأخذ من دون مقابل، لذلك يحرمون أي خطوة للتفريج عن الناس، أكان في القروض أو الديون البسيطة، أو حتى في وضع الرجل المناسب في المكان المناسب؛ لأنَّ قاعدة "هذا ولدنا" جاهزة لديهم.
تنطبق على هؤلاء القصة القصيرة للأديب الروسي ليو تولستوي عن ثلاثة لصوص تآمروا على سرقة أحد الفلاحين، فالأول غافله وسرق عَنَزتَه، ووضع الجرس في عنق الحمار، والثاني سرق الحمار بعد أن كسب ثقته وأرشده بوجهة السارق ليلحق به، أما السارق الثالث الذي استطاع أن يكسب عطفه، فقد سرق ملابسه.
في الرواية الأولى يكون أحياناً اللص أفضل حالاً من المسؤول المرتشي الذي يأكل المال العام، والتاجر غير المؤتمن، وهذه الشخصيات موجودة اليوم في غالبية الدول العربية، كما في الكويت، فهناك من يكسب ثقة الحاكم قبل أن يغدر، أو يجيد البراءة فيما يمارس الظلم قبل أن يستولي على كل شيء بما فيها ملابس الناس.
يغيب عن بال هؤلاء، وعن المسؤولين أحياناً، أن المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين، لكنهم يستمرون في توسيع دائرة الفاسدين؛ كي يوهموا أصحاب الشأن أن "الشق عود"، ولا يُمكنهم إصلاحُهُ، فيما الحقيقةُ غير ذلك، فإذا وُجِدَ القرارُ الحازم يُمكنه نسف الدولة العميقة، وإصلاح البلاد.

أحمد الجارالله

[email protected]

آخر الأخبار