لا تُسلِّموا "الدولة الدينية العميقة" المفتاح
ترحيبٌ بنتائج زيارة الصين… ومخاوف من أن تلقى الاتفاقات مصير سابقاتها
- دولة الرعاية انتهت ولا بد من فرض الرسوم ورفع الدعم مع مراعاة ذوي الدخول المتدنية
- لا بد من منظومة لحماية الأجيال القادمة إلا إذا كانت النية تشغيلهم "سواقين" في دول أخرى
- أفكار وزير المالية جيدة جداً إذا نُفِّذت وفق مبدأ عادل… والدستور يجيز فرض الضرائب
كتب ـ أحمد الجارالله:
رغم تفاؤلنا الكبير بزيارة سمو ولي العهد إلى الصين ولقائه القيادات الصينية، وفي مقدمهم الرئيس بينغ، وما تخللها من توقيع اتفاقات ولقاءات مع مسؤولي الشركات العالمية لإحداث نقلة نوعية في مشاريع التنمية بالبلاد، أبدت أوساط سياسية أملها بألا يكون مصير تلك الاتفاقات كمصير سابقاتها، حيث تقبع في الادراج، ولا تجد طريقها الى التنفيذ على الارض، بسبب ما وصفتها بأنها "دولة دينية عميقة" تنشب مخالبها في مفاصل الدولة، وتسعى الى فرض رؤاها وتصوراتها على الجميع، وليس "منع الاختلاط" في الجامعة ببعيد.
وأشارت الأوساط السياسية الى أن "الدولة الدينية العميقة" التي تسيطر على المواقع والمراكز القيادية في الكثير من الوزارات ليست بعيدة عن ملف التعيينات بالمناصب العليا والوسطى الذي يشهد تخبطا غير مسبوق، كانت نتيجته الانزلاق مجددا إلى مربع الأزمات بعدما عجز المعينون عن التعاطي الجاد مع المشكلات ورضخوا لإملاءات التيار الديني، لافتة إلى أن "الازمة المفتعلة التي تسبب بها وزير التربية وزير التعليم العالي، ومدير الجامعة، انما تدل على عدم فهم للثقافة الكويتية، والتقاليد التي تربى عليها أبناء الكويت جيلا بعد جيل".
وأضافت: إن "موقف الرجلين مما يحدث في الجامعة وترك الطلاب في "حيص بيص" بـ"منع الاختلاط"، ليس فقط دلالة على عدم المقدرة على ممارسة دورهما ومسؤولياتهما على أكمل وجه، بل ينم عن عدم التقدير الصحيح لمؤسسة تعليم أكاديمية".
وإذ أكدت الأوساط أنها لمست انزعاجا كبيرا في دوائر القرار العليا من واقع الحال، أشارت إلى أن الدولة العميقة التي اعتقدنا أن البلاد تخلصت منها للأبد، توالدت منها اليوم دولة أخرى، هي من تدير المؤسسات، وتملي توجهاتها وقراراتها على المسؤولين التنفيذين الذين يرون في مؤسسات الدولة بقرة حلوبا يتفننون في حلب ضرعها حتى الإدماء.
وفيما شددت على أن هذا الوضع يتطلب اجتثاث الفساد الذي استعذبته أنياب الدولة العميقة، أشارت الأوساط إلى أن شأنا آخر لا يمكن السكوت عنه وهو "المطالبات المالية" التي يقترحها النواب، ليل نهار، لتكبل الدولة بميزانية ضخمة وهي تحاول الانطلاق نحو المستقبل.
في موازاة ذلك، اشادت الأوساط بتوجهات وزير المالية فهد الجارالله، مؤكدة أنه "أعلن عن جملة افكار جيدة جدا" ستؤتي ثمارها، وكشفت عن أن الدستور لم يغلق الباب أمام فرض ضرائب متى كانت ضرورية ودرست بعناية.
وأكدت أن "الجميع بات على اقتناع أن "الدولة الأبوية" التي تتولى جميع شؤون الفرد الشخصية من المهد الى اللحد انتهت منذ زمن، وأن الاستمرار في التغاضي عن هذا التوجه هو السبب في الارباكات المالية التي تواجهها الكويت، فضلا عن الفساد الذي تتوسع دائرته يوما بعد يوم".
ورأت المصادر أن "الخروج من المأزق يتطلب تطوير صناعات أولية وثقيلة، لتكون بمثابة خطوة اولى في طريق بدء منظومة حماية الاجيال القادمة، الا اذا كانت النية أن "يصبح شبابنا عمالا في الدول الاخرى، كسائقين وخدم".
وأشارت الى ان "الحل، كما نصح غير واحد من الخبراء والمراقبين، يكمن في رفع الدعم، وإنصاف أصحاب الدخول المتدنية، على مبدأ أن "الأخذ لا بد أن يقابله العطاء".