الأخيرة
"لا خير فيكم إن لم تقولوها... ولا خير فينا إن لم نسمعها"
الخميس 01 يوليو 2021
820
السياسة
محمد الفوزانقاعدة ذهبية أسس لها عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو خليفة تعقيباً واستحساناً وتشجيعاً لأمته .يروى أن رجلاً مسكِيناً شهِد موكب الملك، وناداه باسمه دون تعظيمٍ أو تفخيمٍ فانقض عليه الحرس، قالوا له : وهل تُكلم ابن عمتك أيُها الصعلوك؟لكن الملك منعهم دعوا الرجل يتكلم.فتكلم الرجل وسأل الملك: هل غَضبت لأني ناديتُك باسمك؟إنني أُنادي مالك الملك باسمِه وأقول : يا اللهفلا يغضب.قال له الملك: اقترب مني اقترب!فاقترب منه.قال الملك: انصحني، لقد سئمت قصائد المادحين.فوجّه له الرجل المسكين عظةً مؤثرة بدأها قال فيها:اعلم أنه لو دامت لغيرك ما وصلت إليك؛انظر إلى الجهتين.هذِه قصورهم وهذِه قبورهم ،إن الدُنيا إذا حلت أوحلت، وإذا كست أوكست، وإذا جلت أوجلت، وإذا أينعت نعت، وكم من قبورٍ تُبنى وما تبنا، وكم من مريض عُدنا وما عُدنا ، وكم من ملك رفعت له علامات، فلما علا مات.العز بن عبد السلام من خيرة علماء الشام العاملين، خرج من الشام بعد أن رأى سلطانها يوالي الصليبيين ولا يكترث بنصح العلماء الربانيين، خرج إلى مصر، واستقبله نجم الدين أيوب وأحسن استقباله وجعله في مناصب ومسؤوليات كبيرة في الدولة، وكان المتوقع أن يقول العز بن عبد السلام: هذه مناصب توليتها ومن المصلحة أن أحافظ عليها حفاظًا على مصالح المسلمين وألاَّ أعكِّر ما بيني وبين هذا الحاكم، وبخاصة أن الملك الصالح أيوب سلطان عفيف وشريف، إلا أنه كان رجلاً جبارًا شديد الهيبة، حتى إنه ما كان أحدٌ يستطيع أن يتكلم بحضـرته أبدًا، كانت له عظمة وأبهة في نفوس الناس سواءً الخاصة منهم أوالعامة.ومرةً في يوم العيد خرج موكب السلطان الصالح أيوب يجوس في شوارع القاهرة والشرطة مصطفّون على جوانب الطريق والسيوف مُصلتة والأمراء يقبّلون الأرض بين يدي السلطان هيبة وأبهة "وهذه كانت عادة سيئة موجودة عند الأمراء في ذلك الوقت".وهنا وقف العز بن عبد السلام وقال: يا أيوب "هكذا باسمـه مجردًا من ألقاب" فالتفت الحاكم ليرى: من الذي يخاطبه باسمه الصريح بلا مقدمات ولا ألقاب؟ ثم قال له العزّ: ما حُجَّتُك عند الله – عز وجل – غدًا إن قال لك: ألم أُبَوِّئْكَ ملك مصر فأبحت الخمور؟ فقال: أويحدث هذا في مصر؟ قال: نعم في مكان كذا وكذا حانة يباع فيها الخمر وغيرها من المنكرات وأنت تتقلّب في نعمة هذه المملكة؟ فقال: يا سيدي أنا ما فعلت هذا إنما هو من عهد أبي، فَهَزَّ العز بن عبد السلام رأسه وقال: إذن أنت من الذين يقولون: (إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ) فقال: لا أعوذ بالله وأصدر أمرًا بإبطالها فورًا ومنع بيع الخمور في مصر، وفيها بيان أهمية اختيار البطانة الصالحة المتخصصة للمسؤول عن مصالح الناس ومنافعهم .لما بويع أبو بكر بالخلافة بعد بيعة السقيفة تكلم أبو بكر، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال:"أما بعد أيها الناس فإني قد وليت عليكم ولست بخيركم، فإن أحسنت فأعينوني، وإن أسأت فقوموني، الصدق أمانة، والكذب خيانة، والضعيف فيكم قوي عندي حتى أريح عليه حقه إن شاء الله، والقوي فيكم ضعيف حتى آخذ الحق منه إن شاء الله، لايدع قوم الجهاد في سبيل الله إلا ضربهم الله بالذل، ولا تشيع الفاحشة في قوم قط إلا عمهم الله بالبلاء، أطيعوني ما أطعت الله ورسوله، فإذا عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم".أخرجه ابن إسحق عن الزهري عن أنس بن مالك رضي الله عنه - إسناده صحيح.إمام وخطيب