

لبنان… الفلوس جاهزة لكن "شخطة القلم" معطلة!
لا تزال تفاعلات تصريح وزير الاقتصاد اللبناني تتمدد في كل من الكويت ولبنان، والواقع ان هناك من يتعمد صنع من الحبة قبة كما يقولون في الامثال، فيما الموضوع لا يستحق اكثر من حجمه، فالوزير اللبناني قال تصريحه بنوايا حسنة، وهناك من ينتظر زلات اللسان حتى يسن سكينه، وينزل بالنطع والتقطيع في جثث الخصوم.
قبل ان يدلي الوزير اللبناني بتصريحه منذ انفجار المرفأ تكفلت الكويت اعادة بناء صوامع الحبوب، فالكويت التي بنتها قبل ستين سنة ليست عاجزة، ولن تتنصل من عمل اخوي وانساني،خصوصا لبنان العزيز البلد والامة.
ولعل التأخير وفق ظني ليس من لبنان او من صندوق التنمية الكويتي، لكن من السياسيين اللبنانيين والازمات المتلاحقة هناك، التي كل صباح يستيقظ المواطن اللبناني على ازمة جديدة، ونكد مقرف جديد.
اللبنانيون، وبخاصة الطبقات الفقيرة والمتوسطة وجهوا للسياسيين اللبنانيين واصحاب الارصدة المليارية المودعة في البنوك خارج لبنان، تهما كثيرة وشكوكا لا حدود لها، وبين هذا و ذاك تضيع الحقيقة، الا ان لا دخان من غير نار، فاللبنانيون ادرى بسياسييهم.
ولعل اكبر ما يتعرض له لبنان، وهو اساس كل الازمات ليست الطائفية ولا تجاذباتها، انما التدخلات الخارجية، فلبنان ليس وحده الذي ينقسم الى اكثر من سبع عشرة طائفة ودين ومذهب، فالهند التي وصل سكانها الى مليار ونصف المليار نسمة، ينقسمون الى ملل وطوائف واديان ولغات ولهجات، بعضها لا مكان لها في العقل الانساني وبعضها محل نكتة وطرفة، لكن كل هؤلاء بلغاتهم وعقائدهم وازيائهم، يعيشون بسلام او على الاقل حريصون على السلم الاجتماعي، فكيف بلبنان الذي لا تتجاوز مساحة ارضه عشرة الاف كليومتر مربع، وسكانه المقيمون في الداخل لا يزيدون عن اربعة ملايين نسمة، يعانون من ازمات في حجم الهند والصين وافريقيا؟
هذا اللبنان لن يستقر شعبه ويحقق الامن ما لم يؤمن كل اللبنانيين، من مسلمين ومسيحيين وطوائف اخرى، ان بقاءهم من بقاء لبنان، وان الهجرات الى الخارج ليست الحل، لكنها هروب من عدم وجود حل.
ثلاث سنوات او اكثر مضت على تفجير مرفأ بيروت، وما زالت المسألة معلقة بين شد وجذب، وكذب وصدق، وبين حق وباطل، وكل يرمي التهم على غيره.
تفجير موكب رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري بعد احدى عشرة سنة من وقوع الجريمة، وفي محاكمة دولية، لا لبنانية، انكشفت اصابع الجناة الذين وضعوا لبنان في أسوأ اوضاعه.
ان تتكفل الكويت باعادة بناء مخازن الحبوب في المرفأ قد لا يشكل معضلة، فكما صرح المسؤولون الكويتيون، وكرره وزير الاقتصاد اللبناني الفلوس جاهزة، لكن التأخير من اللبنانيين، وهذا يتحمل وزره وبلا شك، وبكل يقين، السياسيون اللبنانيون لا الكويتيون، طالما الفلوس جاهزة، لكن الكويت لا يمكنها ان تسلم فلوسها لاطراف غير ثقة، فليست هناك جهة موثوق بها لتسليم الامانة.
وزير الاقتصاد اللبناني وعد بزيارة للكويت لبحث الموضوع، مع اني اظن ان المسألة لا تحتاج زيارة من الوزير اللبناني، طالما وفق تصريحه الفلوس جاهزة، وما على المسؤولين الكويتيين الا "شخطة قلم" والازمة تنتهي.
لكن الوزير يتحدث وهو في حكومة" تصريف الاعمال"، يعني حكومة موقتة، بدءا من رئيسها وانتهاء باخر وزير، الا اذا كان وزير الاقتصاد ضامن عودته، وبالتالي مباشرة الاشراف على اعادة بناء ما ارتكبه المجرمون!
يحق للوزير ان يأتي الى الكويت ويعود الى لبنان حاملاً شيك اعادة البناء، وبالمناسبة وهذا ليس كلامي، لكن تعليقات اللبنانيين الذين اتهموا اغنياء لبنان بالشحاذة، وسياسييهم بالفساد.
تبقى الكويت والكويتيون توأماً للبنان، ويبقى القول الاخير نحن وانتم يجمعنا الجرح الواحد والالم الواحد.
صحافي كويتي
حسن علي كرم