

لبنان… عقدتا النقص والتميز
طريقي
الكتابة في الشأن اللبناني أصبحت رتيبة، ويكاد يصطدم بقاع اليأس الشعب الذي تخصص في صناعة الفرح، والنجاح، يمضي بثبات على جسور التقوقع الطائفي، فتراه يتآخى مع واقع الألم والذل بطريقة تذهل العالم.
بالأمس، تبنت مجموعة من النواب، مدعمين بأسماء سياسية اجتماعية مالية معروفة، بيانا أطلق عليه "بيان قوى المعارضة"، واعتبرت فيه أن الصراع في لبنان، وتحديدا الصراع على آلية انتخاب الرئيس، انتقل الى مرحلة جديدة، مرحلة المواجهة مع "الثنائي الشيعي" وحلفائهما من كل الطوائف.
نظرياً، اتفق ما ورد في بيان "قوى المعارضة"، وأشد على أياديهم، كما سبق وحمسنا مارسيل خليفة.
إلا أن التوقف يصبح إلزاميا أمام ما ورد في البيان عن "مواجهة مستندة الى السيادة الوطنية والنظام الديمقراطي".
كما أعلن بيان قوى المعارضة تمسكه بـ"اتفاق الطائف" اذ ورد "تنفيذ كافة مندرجات وثيقة الوفاق الوطني في الطائف، لا سيما بند اللامركزية الموسعة، بوجهيها الاداري والمالي".
واضح أن "قوى المعارضة" كما استساغ الموقعون على البيان ان يطلقوا على أنفسهم، قررت في حقيقة الأمر "مقاومة" أي تحرك، حتى وان لم يكن جديا للمس بـ"النظام الديمقراطي" القائم على المحاصصة، وتقسيم الشعب الى مجاميع شعبية!
ثم، ألم يلحظ الموقعون على البيان انتقاءهم لـ"اللامركزية الموسعة" في "اتفاق الطائف" من دون العبور، ولو على استحياء، لمسألة الغاء الطائفية السياسية؟
لبنان بحاجة اليوم أكثر من اي وقت مضى الى ان يخرج من يجاهر ويصارح الناس بالعلة الحقيقية لهذا الوطن.
بحاجة للكف عن بيانات "تحصين المواقع"، واللف والدوران حول حقيقة الازمة الوجودية لهذا الوطن.
لبنان واللبنانيون أمام ساعة الحقيقة بان العقد الاجتماعي -الدستور- ادى الى تمزيق المجتمع، وآن الاوان لتعديله.
إن تباين مسافات حقوق "المواطنة" وامتيازاتها بين المواطن ومؤسسات الوطن أدى الى بروز عقدتي التميز والنقص في المجتمع اللبناني، وقد يكون هنا مربط الازمة التاريخية.
ثمة من يتساءل: وهل القوى السياسية اللبنانية راغبة، او قادرة على تعديل الدستور؟ بالتأكيد لا.
وهل المجاميع المنتفضة على واقعها قادرة على تحريك مياه العدالة السياسية والاجتماعية؟ بالتأكيد لا.
من هنا يأتي الحراك الإقليمي والدولي تجاه الازمة اللبنانية بحثا عن صيغة جديدة للحكم.
مجرد تقدير…وتمنٍ.
محلل سياسي
عدنان قاقون