الأربعاء 25 يونيو 2025
35°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
منوعات

لصوص أحبهم الله

Time
الثلاثاء 05 مايو 2020
View
5
السياسة
إعداد - أحمد فوزي حميدة:


"عاشوا معظم سنوات حياتهم في ضلال بعيدا عن الإيمان وتمادوا في ارتكاب المعاصي واحتراف سرقة الناس وأكل حقوقهم ، وحينما أنار الله بصيرتهم وهداهم للإيمان استجابوا وتابوا وانقطعوا عن السرقة وزهدوا في الدنيا ومتاعها حتى نالوا درجة الولاية والاصطفاء والمحبة من الله عز وجل".




الفضيل بن عياض...قاطع طريق تاب بآية


وصفه علماء عصره بأنه رجل صالح ووصفه رواة الحديث بأنه ثقة مأمون وقيل إنه "أحفظ الناس وأفقههم"، وقال عن هارون الرشيد: "ما رأيت في العلماء أهيب من مالك، ولا أورع من الفضيل"، إنه العالم العابد الصالح الزاهد الفضيل بن عياض بن مسعود بن بشر التميمي الخراساني ولد في مدينة سمرقند عام 107 هـ ونشأ في أبيورد (مدينة تقع الآن في تركستان)، وتعلم على يد الكثير من العلماء في الكوفة والبصرة والمدينة.
وقال عنه عبد الله بن المبارك: "ما بقي على ظهر الأرض عندي أفضل من الفضيل بن عياض.. لقد رأيت أعبد الناس عبد العزيز بن أبى رواد، وأورع الناس الفضيل بن عياض، وأعلم الناس سفيان الثوري، وأفقه الناس أبا حنيفة".
أما عن قصته فجاءت في كتاب "تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني"، حيث كان الفضيل بن عياض في أول أمره رجلاً يُخيف الناس ويقطع الطريق وينهب أموال عابري السبيل ما بين "أبيورد وسرخس" وكان هذا الطريق تحت تصرفه؛ وكان الكلٌّ يخاف سطوته وجبروته، ثم هداه الله واتَّجه نحو الانشغال بالعبادة والزهد وملازمة البيت الحرام وكان سبب توبته أنه عشق جاريةً، فبينما هو يرتقي الجدران إليها سمع تاليًا يتلو: "أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللهِ" [الحديد: 16]، فقال: "يارب، قد آن"، فرجع فآواه الليل إلى خربة، فإذا فيها رفقة، فقال بعضهم: "نرتحل"، وقال قوم: "حتى نصبح، فإن فضيلًا على الطريق يقطع علينا"، فتاب "الفضيل" وأمنهم وقيل إنه قال: "ففكرت" وقلت: "أنا أسعى بالليل في المعاصي، وقوم من المسلمين ها هنا يخافونني، وما أرى الذي ساقني إليهم إلا لأرتدع"، فنظر "الفضيل" إلى السماء وقد حشرجت عيناه بالدموع فقال: "يا رب.. إني أتوب إليك من هذه الليلة، وجعلت توبتي مجاورة بيتك"، ثم نزل فاغتسل ولبس ثيابه وذهب إلى المسجد يبكي حتى الصباح، فتاب الله عليه، فجعله إمام الحرمين في العبادة والزهد.
وذات يوم وهو يسير في الشارع متجهًا لصلاة الفجر سمع تاجرًا يقول لصاحبه فلننطلق الآن إلى تجارتنا، فقال له الآخر إن هذه المدينة بها رجل يقال له الفضيل بن عياض وسيقطع طريقنا، فبكى بكاء شديدًا وأخذ يقول في نفسه: "من أكون أنا لأخيف عباد الله".
وقال إبراهيم بن الأشعث: سمعت الفضيل ليلة وهو يقرأ هذه الآية: "وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ) [البقرة 155 – 157]، وجعل يقول: "ونبلو أخباركم!" ويردد ويقول: "وتبلو أخبارنا.. إن بلوت أخبارنا فضحتنا وهتكت أستارنا.. إن بلوت أخبارنا أهلكتنا وعذبتنا"
طلب "الفضيل" العلم على كِبَر، فأبلغه الله منه ما يريد، وفقهه الله في الدين، فكان صحيح الحديث، صدوق اللسان، شديد الهيبة للحديث إذا حدّث، وكان يثقل عليه الحديث جدًا، وربما قال لمحدثه: "لو أنك طلبت مني الدنانير كان أيسر علي من أن تطلب مني الحديث".
ويقال إن الفضيل بن عياض قدم إلى الكوفة وهو مسن، فسمع الحديث، ثم تعبد، وانتقل إلى مكة ونزلها إلى أن مات فيها في خلافة هارون الرشيد في شهر المحرم سنة سبع وثمانين ومئة هجريًا.
ومن أقوال "الفضيل": "لم يتزين الناس من شيء أفضل من الصدق، وطلب الحلال"، فقال ابنه علي: "يا أبتي إن الحلال عزيز"، قال: "يا بُني إن قليله عند الله كثير"، وقال أيضًا: "جعل الشر كله في بيت وجعل مفتاحه الرغبة في الدنيا، وجعل الخير كله في بيت وجعل مفتاحه الزهد في الدنيا".
آخر الأخبار