منوعات
لصوص أحبهم الله
الأربعاء 06 مايو 2020
5
السياسة
إعداد - أحمد فوزي حميدة:"عاشوا معظم سنوات حياتهم في ضلال بعيدا عن الإيمان وتمادوا في ارتكاب المعاصي واحتراف سرقة الناس وأكل حقوقهم ، وحينما أنار الله بصيرتهم وهداهم للإيمان استجابوا وتابوا وانقطعوا عن السرقة وزهدوا في الدنيا ومتاعها حتى نالوا درجة الولاية والاصطفاء والمحبة من الله عز وجل."عكبر الكردي...احترف السلب والنهبيذكر ابن قدامة المقدسي في كتابه "التوابين"، قصة رجل من بني إسرائيل كان في زمن سيدنا عيسى ابن مريم عليه السلام، عاش حياته على انتهاك الحرمات والاعتداء على ممتلكات الآخرين وقطع الطريق على الناس والقوافل ونهبها وترويع الآمنين بالسطو عليهم وسرقة متاعهم وأموالهم، وبعد سنوات قضاها بعيدًا عن الإيمان رجع إلى نفسه وأخذ يلومها على أفعال الماضي عندما حرك الله في قلبه حب الإيمان وكره السرقة وقطع الطريق.القصة تروى بسندها عن التابعي وهيب بن الورد قال: "بلغنا أن عيسى عليه السلام مر هو ورجل من بني إسرائيل من حوارييه بلص في قلعة له ، فلما رآهما اللص ألقى الله في قلبه التوبة قال: فقال لنفسه: هذا عيسى ابن مريم عليه السلام روح الله وكلمته وهذا حواريه ومن أنت يا شقي؟ لص بني إسرائيل! قطعت الطريق وأخذت الأموال وسفكت الدماء!تذكر ماضيه وكيف كانت حياته البعيدة عن تعاليم دينه ، حيث لم يكن همه في دنياه سوى الحصول على المال بأي طريقة سواء باعتراض الناس في الطرقات أو السطو عليهم في بيوتهم لسرقة أموالهم غصبًا عنهم، ومن كان يعترض يقتله فنظر إلى السماء واستعظم ذنوبه وأفعاله، فدفعه ذلك دفعا إلى ملاقاة نبي الله عيسى عليه السلام لعله يشفع له عند ربه فيغفر له. هبط رجل بني إسرائيل إليهما تائبًا نادمًا على ما كان منه، فلما لحقهما قال لنفسه:" تريد أن تمشي معهما: لست لذلك بأهل! امش خلفهما كما يمشي الخطّاء المذنب مثلك! " ، فالتفت إليه الحواري فعرفه فقال في نفسه: "انظر إلى هذا الخبيث الشقي ومشيه وراءنا!"، فاطلع الله سبحانه وتعالى على ما في قلوبهما من ندامته وتوبته ومن ازدراء الحواري إياه وتفضيله نفسه عليه ، فأوحى الله تعالى إلى عيسى ابن مريم أنْ مُرِ الحواري ولص بني إسرائيل أن يستأنفا العمل جميعاً، أما اللص فقد غفرت له ما قد مضى لندامته وتوبته، وأما الحواري فقد حبط عمله لعجبه بنفسه وازدرائه هذا التواب".وفي الوقت الذي رجع فيه اللص العاصي عما كان مذمومًا في الشرع إلى ما هو محمود ، خرج عن كل ما يحجبه عن الحق من الذنوب فأحبه الله تعالى وقبله بين عباده التائبين المقبولين، نجد حواري نبي الله عيسى ابن مريم عليه السلام الذي قضى حياته عابدًا لربه يمقت المعاصي وارتكابها، تسقط درجاته الإيمانية لازدرائه واحتقاره للص التائب، فأخبر الله نبيه عيسى عليه السلام أنه قبل توبة اللص وأحبط درجة الحواري وكلاهما في درجة واحدة لاستئناف العبادة والتقرب إلى الله تعالى.ومن المعروف أن الحواريون خلصاء الأنبياء عليهم السلام، وصفوتهم، والدليل على ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: الزبير ابن عمي وحواريي من أمتي، أي خاصتي من أصحابي وناصري. قال: وأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، حواريون، وتأويل الحواريين في اللغة: الذين أُخْلِصوا ونقوا من كل عيب" ، كما روى مسلم عن ابن مسعود أن رسول الله (ص) قال: "ما من نبي بعثه الله في أمته قبلي إلا كان له من أمته حواريون وأصحاب يأخذون بسنته ويقتدون بأمره.