منوعات
الشيخ أبو حديد ... لص صار ولياً
الخميس 07 مايو 2020
5
السياسة
إعداد - أحمد فوزي حميدة:"عاشوا معظم سنوات حياتهم في ضلال بعيدا عن الإيمان وتمادوا في ارتكاب المعاصي واحتراف سرقة الناس وأكل حقوقهم ، وحينما أنار الله بصيرتهم وهداهم للإيمان استجابوا وتابوا وانقطعوا عن السرقة وزهدوا في الدنيا ومتاعها حتى نالوا درجة الولاية والاصطفاء والمحبة من الله عز وجل".كان هناك شيخ يجلس بحارة درب سعادة بالقاهرة الفاطمية على مكسلة بيت متخرب ويرتدي زي الدراويش، وكان العامة يعتقدون أن له بركات ويزعمون أنه من الأولياء ويتبركون به ويقبلون يده، لكن ما لم يكن يعلمه الكثيرون أنه كان يستمر جالسًا إلى الليل وكلما مر عليه رجل بمفرده قال: "يا واحد" فيخرج في الحال من البيت جملة رجال يحيطون به ويدخلونه البيت قهرًا عنه فيقتلونه ويسلبون ما معه.يذكر الكاتب عباس الطرابيلي في كتابه "شوارع لها تاريخ"، أنه عندما ضج الناس لمقتل الكثيرين دون معرفة الجناه ، نصبت الشرطة كمينًا وضبطوه متلبسًا، ولما عذبوه اعترف الشيخ على أن له زميلين، أولهما الشيخ يوسف وثانيهما الشيخ صالح أبو حديد، ثم قتلت الشرطة شيخ درب سعادة هذا بعد أن كشف حقيقة الشيخ صالح الذي ما إن علم بالأمر حتى هرب واختبأ عند امرأة ، بعد أن عقل لسانه وعجز عن النطق من الخوف، وبمرور الوقت أُشيع عنه بين الناس أن له كراماتٍ ويتحدث بالغيب عن طريق من حوله، حيث كان ينام على الفراش لا يتكلم ويخرج من فمه أصواتًا غير مفهومة، فتقول المرأة التي كانت تجلس على مقربه من رأسه إنه يقول إن الغائب سيحضر، والقضية تكسب، وفلانة ستتزوج، فيتحقق كلامه فأخذ يزوره الأمراء والنساء والأعيان وأقبل الناسُ عليه وأتحفوه بالهدايا والنذور.يذكر بعض الكتاب أن الشيخ صالح أبو حديد ومسقط رأسه قرية (بيوم) ميت غمر بالمنصورة، وهى بلد الشيخ علي نور الدين البيومي، الذي كان رضي الله عنه يصنع القماش بنسج الخيط على نول النسيج وكان يذكر مع كل شدة خيط "لا إله إلا الله" ويقول "هكذا يكون العمل عبادة" ، وكان يساعد الفقراء وفتوة في الحق ونصرة الضعفاء، أما الشيخ أبو حديد فأعطاه الله خاصية فل الحديد بيديه، فكان الحديد يلين بين يديه، وسلك طريق أبي الحسن الشاذلي وكان يسمى بأنه باب الوصول للسيدة زينب.وحتى اليوم ، تقام حضرة كل ليلة أربعاء للشيخ ومولد كل عام في شهر شعبان، وكان للخديوي إسماعيل فيه اعتقاد واستبشر بإشارته، فذات مرة حصل ما فهم من إشارته فازداد حبه فيه، وحينما توفى الشيخ صالح أبو حديد سنة 965هـ اعتنى به وأنشأ مسجدا باسمه فيه ضريحه قرب جامع الحنفي بحي الحنفي والناصرية (شارع مجلس الأمة الآن) حي السيدة زينب بالقاهرة وأوقف الخديوي إسماعيل على المسجد ومدرسة بجواره 400 فدان بالجيزة وعدة دكاكين ومنازل ومقاه بجوار الجامع وجعل نظارة الوقف لديوان الأوقاف عام 1871م.وقال علي باشا مبارك، في كتابه "الخطط التوفيقية": "قبر أبو حديد يقع في شارع الحنفي".ويضيف علي مبارك باشا في كتابه، قائلا: "جامعه عظيم لم يبن لغيره من أهل العلم والفضل والمعرفة، ولكن هذه عادة قديمة ألفها المصريون من قديم الزمان وطالما نبه عليها كثير من المؤلفين في كتبهم". وهكذا بدأ الشيخ أبو حديد حياته لصًا وقاطعًا للطريق ثم صار من الأولياء الذين هداهم الله إلى طريقه بعد ضلال عاش فيه عدة سنوات.