الخميس 21 أغسطس 2025
35°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
كل الآراء

لم يجدوا في ريشي سوناك نقصاً قالوا يعبد البقر!

Time
السبت 05 نوفمبر 2022
السياسة
حسن علي كرم

لم يكن ليتسلم المواطن البريطاني من اصول هندية منصبا سياسيا رفيعا، رئاسة حكومة التاج، التي لم تكن تغيب عنها الشمس، الا حين اصبحت من الدول الاقل حظاً، والاضعف اقتصادًا بالمقارنة مع الصين واميركا والمانيا.
فبريطانيا لا تعاني حاليا من مشكلات اقتصادية، او اضرابات عمالية غير معهودة، انما باتت عاجزة عن تلبية احتياجات مواطنيها وتحقيق الرفاهية، لهم ولعل استقالة رئيسة الوزراء السابقة التي اعترفت بعجزها عن تنفيذ برنامجها الاصلاحي فانسحبت من المشهد السياسي مفسحة المجال لمن هو اقدر في مملكة كانت حتى وقت قصير قبلة المحرومين، وملاذ المهاجرين.
بريطانيا التي استعمرت شبه القارة الهندية، وكانت تسمى الهند جوهرة التاج، انسحبت من المنطقة تاركة لاهلها ادارة شؤونهم، الا ان ذلك لم يكن ليتحقق في بلد ذات اعراق متعددة ومجتمعات متنافرة، لكن المدهش ان تستقر في نهاية المطاف، اخذة بالنظام الديمقراطي والاعتراف بالحقوق المتساوية، فالهند الدولة الاعظم في محيطها والتي تشكل الاقتصاد الاقوى بعد الصين، والتي تتكون من مئات القوميات والعصبيات لم تعد مشكلة الجنس والديانة مستعصية فيها.
الهند منذ استقلالها تقلد منصب رئيس الدولة ثلاثة رؤساء مسلمين وحاليا رئيسة الدولة سيدة.
صحيح ان هناك مشكلات دينية واثنية، الا انها غير مؤثرة في كيان الدولة، بل لعل بعضها ناجم عن تدخلات خارجية، لاسيما بين المسلمين والهندوس، واقول هنا انني شاهدت بام عيني الروابط الوطنية التي تجمع الهنود بمختلف اديانهم ومللهم، وليت نأخذ هنا بالنموذج الهندي مثالاً للوحدة الوطنية، وازالة كل المثالب والعصبيات، فنحن، واعني الكويت، الزم ما نكون بحاجة للوحدة الوطنية، والرباط الكويتي الاصيل الذي جمع الاولين على قلب واحد وحري بالاجيال اللاحقة ان تسير مسيرتهم.
هناك من يتعمد قاصداً ضرب الوحدة الوطنية وتقسيم البلاد الى قوميات واثنيات وملل ومناطق، رغم ان الكويت لا تتسع لمثل هذه التقسيمات، وكأنها بحجم قارة لا مجرد مساحة محدودة ومجتمع مسالم، وكان علينا ان نتخذ من الغزو العراقي عبرة ونعيد النظر بكثير من سلوكياتنا الخاطئة، الا اننا لا زلنا نتمادى، بل نزداد تمادياً.
بعض تلك المفارقات منقولة وعابرة ومقصودة والهدف معروف، وعلينا حقيقة ان ننظر الى ما يدور من حولنا، فالخلافات الداخلية بين الكويتيين منبعها خارجي، والخطر خارجي، ولنضع اصبعنا على الحقيقة ولا نكابر او نغالط، وعلى الحكومة الا تتهاون مع من يسعى الى تمزيق الوحدة الوطنية والرباط الاجتماعي النبيل!
نعود الى رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك الذي ينحدر من اصول هندية وديانة هندوسية، فقد القى باصوله خلف ظهره، وغدا مواطناً بريطانيا لا علاقة له بوطن ابويه السابق، واذا زار الهند فسيزورها كمواطن بريطاني، فالانسان ابن الارض، وغير ذلك عنصرية وانانية وجهل، لذا علينا ان نتعلم كيف نتعامل انسانياً مع المقيمين ونكسبهم ونسقيهم ماء المحبة والاخوة، فالنفور والاستعلاء مرض.
فبناء الانسان قبل بناء المجمعات والابراج، والتفاخر بالاصول مرض والعنصريون يحاربون الرياح، فالزمن لا يعود الى الوراء، لذلك علينا الا ننشغل بالترهات ونترك الاهم، وهو بناء دولة عصرية ومجتمع ناهض، لهذا لا يجب ان يتصدر الفاشلون المشهد السياسي،وعلى الحكومة ومجلس امتنا ان يرتقيا باطروحاتهم ومرئياتهم فالكويت للجميع. في اوائل الستينات من القرن الماضي شرعت الحكومة بتجنيس عدد من الاسر العربية المقيمة(فلسطينيون ومصريون وعراقيون)، وقد اخذ بعضهم زمام الامور في البلاد، خصوصا على الصعيد الحكومي والتخطيط العمراني، ولعلي اذكر هنا اشرف لطفي، وطلعت الغصين الذي عين سفيراً للكويت في واشنطن وعبدالمحسن القطان وعادل الجراح وعائلة الشوا وابو غزالة وعائلة شحيبر الذين تولوا شؤون الجيش والشرطة واوائل المدرسين الفلسطينيين والخبير الاقتصادي العراقي فخري شهاب.
هؤلاء وغيرهم غابوا عن المشهد الكويتي واغلب الظن تركوا البلاد حاملين معهم الجنسية الكويتية او اسقطوها، ايضاً في الكويت مواطنون مسيحيون اصلاء يحملون الجنسية الاصلية (مادة اولى) لكنهم مهمشون، بل لعل هؤلاء ايضاً تركوا البلاد للعنصرية الكريهة.
لا ينبغي التعامل بالجنسية كورقة اليانصيب، فهي وطن وانتماء وينبغي اخضاع منحها لشروط ومقابلات والاهم شرط القسم بالاخلاص والانتماء.
الوحدة الوطنية لا تتحقق باغنية تافهة وشعارات سطحية، لكنها تتجلى بالشعور الحقيقي بالانتماء وهذا لن يتحقق في ظل عقلية الصحراء والخيمة.
بعد اعلان تعيين ريشي سوناك رئيساً للوزراء في بريطانيا، لم يتحدثوا عن مؤهلاته وسياساته لحل الازمات الاقتصادية، بل راحوا يتحدثون عن عبادته البقر، متناسين ان الله العلي القدير له الحكم والفصل؟

صحافي كويتي
[email protected]
آخر الأخبار