الاثنين 23 سبتمبر 2024
40°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
الأخيرة

لماذا تُغيّبون أهل الخبرة؟

Time
الاثنين 15 مايو 2023
View
12
السياسة
م. عادل الجارالله الخرافي

ثمة كثير من الكويتيين اصحاب الخبرة السياسية والادارية المعتكفين حاليا، الذين لا يمارسون اي دور في هذه المرحلة، رغم ان لديهم الكثير كي يقدموه للكويت، لكن كما يبدو فان السلطة، بوجهيها، التنفيذية والتشريعية، لا تريد مشاركة اهل الخبرة فيما يمكن ان يؤدي الى الخروج من معضلة الازمة المستحكمة في البلاد، لانها تسعى الى الاستثمار في الصراعات العبثية بين مجموعة من الاطراف، لكي تكون في النهاية هي الرابح، ومن ذلك تسعى الى تغليب مصالح افرادها على الشأن العام.
الكويت اليوم احوج ما تكون الى الاستعانة باهل الخبرة، خصوصا الذين لم يتلوثوا بالفساد، ولم تكن عليهم اي شبهات، ومن عركوا الحياة السياسية، وكان لهم دورهم في العهود السابقة، وتمرسوا في العمل السياسي، ولم يكونوا مع فريق ضد اخر، ولم يسجل عليهم انهم غلّبوا مصالحهم على المصلحة العامة، بل كانوا، ولايزالون، صوت العقل، والخطاب الهادىء المتزن.
اليوم، هناك الكثير من المرشحين يلجأون اليهم، اما الى استمالتهم لتعزيز شعبيتهم من خلال مجرد الاشاعة انهم التقوا احدهم، او ليبحثوا مشاريعهم الانتخابية، التي للاسف سرعان ما يمسخها المرشح، ويكتفي بالعنوان، وحين يصل الى مجلس الامة يتخلى عن تلك المشاريع.
الاستشارة من اهل الخبرة حاجة خصوصا في الازمات، والمراحل الحساسة، ولقد قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): "ما خاب مَن استشار"، وقال علي بن ابي طالب (كرم الله وجهه): "مَنِ اسْتَبَدَّ بِرَأْيِهِ هَلَكَ، وَمَنْ شَاوَرَ الرِّجَالَ شَارَكَهَا فِي عُقُولِهَم"، وللاسف ان مشاركة الرجال عقولهم اليوم في الكويت غائبة في ممارسة السلطة والسياسة، لان هدف من يديرون الشأن العام التنفيذي ليس خدمة البلاد، والشعب، انما الاستحواذ على اكبر قدر من النفوذ، حتى لو كان ذلك ضد المصلحة الوطنية، وهو ما اثر سلبا على الكويت، اقتصاديا وسياسيا، وحتى اجتماعيا.
وبالتالي فان الخروج من المأزق يحتاج الى رؤية مغايرة، تستند الى خبرة في معالجة المشكلات، ففي عدد من الدول العالم هناك مجلس حكماء، وهؤلاء يكونون من اهل الخبرة المتمرسين بالشأن العام، الذين يقدمون المشورة للسلطة، بل احيانا يكون رأيهم المرجح عند التنفيذيين الذين يديرون الدولة.
المستغرب أن السلطة لم تعمل على الاستعانة بما يمكن ان يسمى "مجلس حكماء" من اهل الخبرة والرأي، ولم تحاور السلطة، أكانت التنفيذية او التشريعية، هؤلاء، ولم تستعن بهم، لهذا نسأل: لماذا لا يكون هؤلاء على صلة مباشرة مع اهل السلطة يقدمون افكارهم التي يمكن ان تتحول الى مشروع دولة؟
من الواضح ان من يعنيهم الامر يريدون إبعاد هذه النخبة التي لا يمكن ان تحابي في امر تراه يضر البلاد لانه مبني على مصالح شخصية، فيما لو جرى النظر الى هذا الامر على انه مفتاح الخلاص، فان الكل سيكون رابحا، لان الهدف سيكون قوة الكويت واستقرارها وتعزيز مناعتها الوطنية، وليس المماحكات التي نراها اليوم، والتخبط بالقرارات التي لم تؤد الى الا مزيد من التعثر في كل نواحي الحياة بالبلاد.
آخر الأخبار