

لماذا خفضت فيتش تصنيف أميركا الائتماني…. وما تأثير ذلك على الأسواق؟
يتوقع الأميركيون عموماً أن يحتلوا دائماً المرتبة الأولى في كل تصنيف، لذا أحدث خفض التصنيف الائتماني للبلاد للمرة الثانية فقط في تاريخها، هزة في البلاد وفي النظام المالي العالمي بأسره. لقد جرّدت مؤسسة "فيتش ريتنغز" للتصنيف الائتماني الولايات المتحدة الأميركية من تصنيفها الائتماني السيادي من الدرجة الأولى يوم أمس، في تكرار لإجراء مشابه اتخذته "ستاندرد آند بورز غلوبال ريتنغز" قبل أكثر من عقد. وجاء خفض التصنيف في المرتين، على خلفية المواجهات الحادة بين السياسيين بشأن سقف الدين ومعدلات الاقتراض. إلا أن التاريخ يعلمنا أن تأثير هذه الخطوة في الأسواق المالية، قد يكون مؤقتاً. لكن مع ذلك، قد توفر ذريعة لمزيد من المواجهات السياسية.
وأوضحت "فيتش" أن قرار خفض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة درجة واحدة إلى (+AA)، جاء بسبب "تذبذب منظومة إدارة البلاد"، الذي "تَجلَّى في المواجهات المتكررة حول سقف الديون، وصدور قرارات في اللحظات الأخيرة". يُعزى ذلك إلى أن الولايات المتحدة تتعرض كل بضعة أعوام -نتيجة السياسة التي أقرتها بنفسها- إلى احتمال التخلف عن سداد الديون. وأقرّ القانون الصادر في عام 1917 حداً إجمالياً ثابتاً بالدولار الأميركي للاقتراض (أو ما يعرف باسم سقف الدين)، والذي لا يمكن زيادته إلا بموافقة الكونغرس الأميركي ورئيس الولايات المتحدة.
نتيجة لهذا، استمر شبح التخلف عن السداد في التخييم على الولايات المتحدة خلال النصف الأول من 2023، بعدما اقتربت البلاد بصورة خطيرة من سقف الديون البالغ 31.4 تريليون دولار تقريباً، وتأخر السياسيون في التوصل إلى قرار حتى اللحظات الأخيرة.
وجرت تسوية الخلافات في أواخر مايو الماضي، لكنها فاقمت حالة عدم اليقين حول مدى التزام القادة السياسيين الأميركيين بالتخلي عن حالة الاستقطاب السياسي الخطيرة، والوفاء بسداد السندات في موعدها، في ظل تزايد أعباء الديون.
وينخفض تصنيف (+AA) درجة واحدة فقط عن (AAA)، ما يعني أن الولايات المتحدة لم تعد صاحبة ما تعرفه "فيتش" بأنه "أعلى جودة ائتمانية". بينما تشير "فيتش" إلى أن تصنيف (AA) يدل على أن "توقعات وجود مخاطر تخلف عن السداد محدودة للغاية".
ويعتمد المستثمرون عادة على هذه التصنيفات الائتمانية عند اتخاذ قرار بشراء أي سندات، كما يمكن أن تؤثر هذه التصنيفات بشدة على مقدار العوائد التي تدفعها الجهات المقترضة لجمع الأموال في أسواق رأس المال.
مع ذلك، فإن عوائد السندات الأميركية منخفضة بفضل الطلب على كلاً من الدولار (العملة الاحتياطية العالمية) وسندات الخزانة الأميركية، والتي يُنظر إليها باعتبارها معياراً عالمياً للأصول الخالية من المخاطر.
صرحت وزيرة الخزانة الأميركية، جانيت يلين، في بيان عقب خفض التصنيف، بأن هذه الخطوة كانت "تعسفية وتستند إلى بيانات عفا عليها الزمن" ولن تغير نظرة المستثمرين تجاه ديون الحكومة الأميركية.
وعقب خفض وكالة "ستاندرد آند بورز" التصنيف الائتماني للحكومة الأميركية في 2011، برزت مخاوف حول مدى قوة الاقتصاد الأميركي، في وقت كانت فيه أوروبا تمرّ بأزمة ديون سيادية. مع ذلك، كان لهذه الخطوة تأثير محدود على المدى الطويل، حيث أقبل المستثمرون على الأصول الأميركية مجدداً، وتراجعت عوائد الديون الحكومية الأميركية بنهاية 2011.