السبت 05 أكتوبر 2024
34°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
الأولى   /   منوعات

"لورانس العرب" عمر الشريف ... رشح لجائزة "أوسكار" وتألق في هوليوود

Time
الخميس 06 أبريل 2023
View
5
السياسة
* علاقته مع يوسف شاهين تفتح له عالم التمثيل وإسرائيل تحاربه
* فاتن حمامة رفضت العمل معه واشترطت نجاحه في الأداء بالإنكليزية
* ارتبط بعلاقة غرامية مع صوفيا لورين وكاترين دونوف وباربرا سترايسند
* توج مسيرته بنيل "غولدن غلوب" ثلاث مرات و"الأسد الذهبي" و "سيزار"
* النجومية الطاغية أدارت رأسه فاستسلم لإدمان البريدج وسباق الخيل
* أبرز أعماله "فتاة مرحة" و"دكتور زيفاغو" و"الثلج الأخضر"


مشهد من أحد أفلامه


Mandatory Credit: Photo by Everett/REX Shutterstock (2990334a)
Omar Sharif, around the time of Funny Girl, 1968
Omar Sharif, around the time of Funny Girl, 1968


'لورانس العرب'


القاهرة ـ أحمد أمين عرفات:

بات من أبرز مشاهير العالم، بعدما علا بنجمه في سماء النجومية، فما ان واتته الفرصة لكي ينتقل من بلده مصر إلى هوليوود، حتى اقتنصها وأصبغ عليها من موهبته، حتى أنه رشح من أول أفلامه لجائزة "أوسكار أفضل ممثل مساعد"، وانطلق بعدها يصول ويجول لكتابة تاريخه عالميا عبر أفلام مهمة، جعلت العالم كله يردد اسمه، ويتناقل أخباره الفنية وغرامياته مع نجمات السينما العالمية.

لم ينبئ المناخ الذي نشأ فيه ميشيل ديمتري شلهوب، والذي أصبح فيما بعد عمر الشريف، بأنه سيكون يوما أحد نجوم التمثيل، فوالده تاجر أخشاب معروف بالاسكندرية، وكان ينتظر قدومه إلى الدنيا لكي يخلفه في تجارته، وما ان أبصر ميشيل، النور في 10 أبريل 1932، حتى فرح الأب به لكونه الابن المنتظر، وبدأ رسم الخطوات التي حتما ستنتهي بأن يرثه ابنه في تجارة الأخشاب.
كانت الخطوة الأولى أن يتعلم ميشيل في أرقى المدارس، فتجارة الأخشاب تحتاج متعلم يجيد الحسابات، لذا ما أن بلغ ميشيل، سن المدرسة حتى ألحقه والده بمدرسة "فيكتوريا كوليدج"، أقدم وأكبر المدارس الإنكليزية في الإسكندرية، ومحط أنظار الأثرياء وعلية القوم من مصر والعالم العربي، إلا أن ميشيل وقع في غرام التمثيل الذي عرفه ومارسه في المسرح المدرسي، وكان زميله في المدرسة يوسف شاهين، الذي أصبح فيما بعد مخرجا شهيرا.
لم يقتنع الأب بأن يمتهن ابنه التمثيل، خصوصا أن الفن مهنة لا تحتل مكانة جيدة في المجتمع، بل كانت النظرة إليها متدنية للغاية، وأمام إصرار الأب، لم يجد ميشيل، مفرا من أن يحقق رغبته فدرس الرياضيات، وما ان تخرج في "فيكتوريا كوليدج" حتى أخذه ليعمل معه في تجارة الأخشاب.

ثنائي ناجح
في ذلك الوقت سافر يوسف شاهين، إلى الخارج لدراسة الإخراج وعاد لتقديم بعض تجاربه السينمائية، وعندما كان يستعد لإخراج فيلم "صراع في الوادي"، احتاج إلى وجه جديد تماما، وتذكر هنا زميله في المدرسة ميشيل شلهوب، الذي كان يعجبه كثيرا وهو يؤدي المسرحيات العالمية بمسرح "فيكتوريا كوليدج"، فتواصل معه وعرض عليه دور البطولة أمام النجمة الشهيرة الفنانة فاتن حمامة، لم تسع ميشيل الفرحة، خصوصا أن والده أدرك أن ابنه خيب ظنه وقتل حلمه، من خلال تعمده ارتكاب أخطاء مهنية كبيرة كبدته خسائر فادحة، لانشغاله بالفن وسعيه لاحتراف التمثيل، فتركه يفعل ما يريد.
كان أول لقاء جمعه بالفنانة فاتن حمامة في بيتها، حين اصطحبه يوسف شاهين، لكي تراه وتوافق عليه،ولكنها طلبت منه أن يؤدي مشهدا تمثيلا، فاختار مشهدا من رواية عالمية قدمه باللغة الإنكليزية، وانتهى اللقاء بالموافقة عليه ليبدأ رحلته كبطل أمام "سيدة الشاشة العربية" في تجربته الأولى بالسينما.
مع عرض فيلم "صراع في الوادي" جماهيريا أصبح ميشيل أو عمر الشريف، نجما وتوالت أفلامه الناجحة، خصوصا بعد زواجه من فاتن حمامة، التي أشهر إسلامه من أجلها، ليشكل مع زوجته فاتن، ثنائيا ناجحا قدما من خلاله العديد من الأفلام الناجحة مثل "أيامنا الحلوة، صراع في الميناء، سيدة القصر، لا أنام، نهر الحب" وغيرها، كما شارك بطلات السينما حينها أفلامهن مثل شادية، هند رستم، ماجدة، سعاد حسني وغيرهن.

"الرولزرويس الصفراء"
لم يكتف عمر الشريف، بالنجومية التي حققها وسعى للمزيد منها، ومن هنا تولد لديه حلم جديد للعمل في الأفلام الأجنبية، وفعل ذلك من خلال تجربتين لم يحققا له ما يريد، إلى أن شاء القدر في بداية الستينيات أن يلتقي المخرج العالمي ديفيد لين، الذي كان يبحث عن ممثل عربي لا تخطئ العين ملامحه الشرقية لأداء دور مهم في فيلم "لورانس العرب"، وما ان شاهد عمر الشريف، حتى أيقن أنه وجد ضالته، خصوصا عندما علم بأنه يتقن الإنكليزية وأكثر من لغة أخرى، فأسند له دور "الشريف علي"، الذي جعله يقف أمام نجوم السينما العالمية حينها بيتر أوتول وأنتوني كوين وأليك غينيس.
عرض "لورانس العرب" العام 1962 وحقق نجاحا كبيرا، ولفت الأنظار بشدة إلى الفنان الوسيم القادم من بلد النيل والهرم، ولم ينته الأمر عند هذا الحد، بل تم ترشيح الشريف، لجائزة "أوسكار أفضل ممثل مساعد" عن الفيلم، ما ساهم في ترسيخ شهرته في هوليوود، وأصبح نجما تتهافت عليه شركات الإنتاج العالمية، على الرغم من عدم فوزه بالجائزة التي كان يستحقها عن جدارة وفق رأي النقاد نتيجة الحملة الظالمة التي شنتها ضده المؤسسات الصهيونية والجمعيات الداعمة لإسرائيل في أميركا، حتى انها استعانت بصورة قديمة من أحد افلامه، كان يؤدي فيها دور ضابط في الجيش، وأشاعت انه خدم في جيش مصر، وكان سببا في مقتل عدد من الاسرائيليين، وفشلت محاولاته لإقناعهم بكذب الشائعة وان الصورة مشهد سينمائي.
واصل الشريف رحلته الناجحة في هوليوود، فقدم مع مكتشفه المخرج ديفيد لين، العديد من الأفلام الناجحة منها "دكتور زيفاغو، الرولزرويس الصفراء، الثلج الأخضر، فتاة مرحة"، ومع كل نجاح يحققه يعلو نجمه في سماء الشهرة، حتى أصبح في السبعينيات وحتى منتصف الثمانينيات من ألمع نجوم هوليوود و"ثيمة" النجاح في كل الأفلام التي شارك فيها سواء الأميركية أو الإيطالية أو الفرنسية، حيث كان بجانب لغته العربية، يتقن لغات عدة هي الإنكليزية والفرنسية واليونانية، علاوة على إلمامه كذلك بالإيطالية والتركية.

هجوم إعلامي
ساعد على تألق الشريف، قدرته الفائقة على أداء مختلف الأدوار سواء التراجيدية أو الكوميدية، والتي اشتهر فيها بشخصية الرجل الهادئ واللطيف، الذي تقع في حبه النساء، حتى أن بطلات السينما العالمية تنافسن فيما بينهن للعمل معه، وبعضهن عشن معه قصص غرامية تناولتها الصحف، وكشفها هو في العديد من اللقاءات الإعلامية، وأكد ارتباطه بعلاقة غرامية مع صوفيا لورين، كاترين دونوف، باربرا سترايسند، انغريد برغمان، جولي آندروز، وكثيرات غيرهن، خصوصا بعد انفصاله عن زوجته فاتن حمامة، وهو ما كان يقابل بهجوم عليه في الصحف المصرية.
حدث طلاق فاتن حمامة والشريف، بعد نحو 15 سنة من الزواج، كنتيجة حتمية فرضتها ظروف عمله وانشغاله الدائم بالتمثيل والسفر، الذي لم يتح له الاستقرار في دولة بعينها، ورغم أن زواجهما أسفر عن ابنهما الوحيد طارق، لكن النجم العالمي وجد نفسه مضطرا للانفصال عن فاتن، حتى لا يظلمها معه وأيضا حتى لا يقع في بئر الخيانة وهو زوج لها، وسئل في أحد لقاءاته عن أسباب طلاقهما، فقال: "لم أتخاصم أبداً مع فاتن حمامة، ولا جرى بيننا أي سوء تفاهم، ولكن في فترة كنت أعمل كثيراً، وأسافر كثيراً، حاولت فاتن أن تكون بجانبي وبجانب ابننا طارق، الذي كان يدرس في باريس حينها، لكن من الصعب على امرأة شرقية مثلها أن تتخلى دفعة واحدة عن تقاليدها ونمط حياتها لتعيش في أوروبا، لأن حياة أوروبا صعبة وتختلف عن حياتنا، وفاتن اشتاقت لعملها وحياتها وجوها الطبيعي، ثم انها ممثلة وليست امرأة عادية وكان لا بد أن تعود لعطائها، فقررنا الانفصال وأن تترك ابني طارق يعيش معي".

كبوة الجواد
يقال أن لكل جواد كبوة، وكانت هناك تجارب خاضها عمر الشريف، لم تحظ بالنجاح مثل فيلمي "الوادي الأخير، بذور التمر الهندي"، وأرجع النقاد السبب إلى الرومانسية المبالغ فيها في هذين الفيلمين في وقت كان الجمهور سأم تلك النوعية، وصار مرتبطا بأفلام المغامرات والخيال العلمي التي تحولت إلى صرعة عالمية، كذلك وقع الشريف في فخ المقامرة مع شعوره بالوحدة، حيث توهم أنه يستطيع نسيان غربته ووحدته بلعب الورق والمراهنات، وأنها كفيلة بأن تجعله يشغل عقله طوال الليل، فينسى أي شيء آخر.
عانى النجم الشهير سنوات طويلة من ادمانه لعبة البريدج والتي يلجأ إليها كلما ضاقت به الدنيا، خصوصا أنه تعلم قوانينها جيدا حتى صار من أشهر لاعبيها في العالم، بل تم تصنيفه كواحد من أفضل لاعبي العالم فيها، وقام بتشكيل أول فريق محترف للعبة تكون منه وثلاثة لاعبين إيطاليين، وخاض به مقامرات عديدة، وإن كان يرفض إطلاق كلمة "قمار" على اللعبة ويؤكد أنها لعبة جميلة تحفز العقل وتحرك الذهن.
كسب عمر الشريف، من المقامرة أموالا كثيرة، ولكنه في الوقت نفسه خسر الكثير، ما انعكس على عمله بشكل سلبي، فكلما شعر باحتياجه لمال يقامر به يتصل بمدير أعماله حتى يوفر له العمل في أي فيلم يحصل منه على المال الذي يلعب به، فأنساه ذلك أدواره الكبيرة التي تربع بها على عرش البطولة سنوات طويلة، فأصبح يقبل القيام بأدوار الممثل الثاني، مثلما حدث له في فيلم "النمر الوردي يضرب مجددا"، وفيلما بعد آخر انخفضت أسهمه في بورصة نجوم هوليوود، ليقرر الابتعاد عن القمار والمراهنات، حيث كان أدمن أيضا المراهنات على الخيول وكان لديه مزرعة كبيرة تضم أجود الخيول، كما فضل الابتعاد لسنوات عن التمثيل ليرتب أوراقه، مكتفيا بالظهور في البرامج والمسلسلات التلفزيونية من أجل المال.

الحب الضائع
رغم النجومية الكبيرة التي حظى بها الشريف، لم يبتعد كثيرا عن بلده مصر، ولم يتوقف عن تقديم أعمال فنية بها حتى لو على فترات متباعدة، ولو اضطرته ظروفه لتسجيل دوره في الخارج ليتولى المخرج بعد ذلك دمجه، كما حدث معه في المسلسلات الإذاعية "أنف وثلاث عيون" و"الحب الضائع"، بجانب مشاركته في العديد من الأفلام سواء التلفزيونية أو السينمائية مثل "أيوب"، "الأراجوز" علاوة على المسلسل التلفزيوني "حنان وحنين".
عندما بدأ نجمه يخفت عالمياً عاد إلى مصر في التسعينيات، حيث جاءته عروض كثيرة لكنه كان تشبع من التمثيل، فلم يقبل منها إلا عددا محدودا جدا منها فيلم "المواطن مصري" الذي قدمه العام 1991 وحظي بنجاح كبير، كما أنه عندما كان يشتاق للسينما العالمية لا يحرم نفسه منها، خصوصا إذا رشح لعمل يراه جيدا، مثلما حدث مع فيلم "السيدة أريس تذهب إلى باريس" الذي عرض العام 1992، وأيضا فيلم "السيد إبراهيم وأزهار القرآن" الذي قدمه العام 2003 وحصل من خلاله على جوائز عدة، وفي العام نفسه شارك النجمين عمرو دياب ويسرا بطولة الفيلم المصري "ضحك ولعب وجد وحب"، ثم عاد لأفلامه العالمية عندما شارك في بطولة فيلم "أمبراطورية القديس بطرس" العام 2005، وقدم للسينما المصرية العام 2008 فيلم "حسن ومرقص" الذي تقاسم بطولته مع الفنان عادل إمام وأثار ضجة كبيرة عند عرضه، لأنه عزف على وتر الفتنة الطائفية بين المسلمين والمسيحيين، وفي العام نفسه قدم أيضا الفيلم المصري "المسافر" والذي شاركه فيه الفنان خالد النبوي، كما شارك في الفيلم المغربي الفرنسي "روك القصبة"، الذي تم عرضه في قسم العروض الخاصة بمهرجان تورونتو السينمائي العام 2013، ليختتم رحلته مع السينما بفيلم علمي في 2015 بعنوان "ألف اختراع وعالم" وكان جزءا من حملة الأمم المتحدة احتفالا بالسنة الدولية للضوء التي أدارتها منظمة اليونسكو.
عبر رحلته العالمية نال عمر الشريف، العديد من الجوائز المهمة، فبعد ترشيحه لجائزة أوسكار أفضل ممثل مساعد، العام 1962 عن فيلم "لورانس العرب"، حصل على جائزة "سيزار أفضل ممثل" عن دوره في فيلم "السيد إبراهيم وأزهار القرآن"، "جائزة الأسد الذهبي" من مهرجان البندقية السينمائي عن مجمل أعماله، "جائزة مشاهير فناني العالم العربي" تقديرا لعطائه السينمائي، علاوة على حصوله على جائزة "غولدن غلوب" ثلاث مرات .
بعد آخر أفلامه، عاني النجم العالمي من "الزهايمر"، والذي اشتد عليه بصورة جعلته لا يتذكر المحيطين به، ما تطلب إدخاله المستشفى، لكنه توفي فيها في 10 يوليو 2015، بعد 6 أشهر فقط من وفاة فاتن حمامة، ليرحل عن عمر 83 عاما بعد رحلة فنية طويلة لمع فيها نجمه بشدة في سماء العالمية.
آخر الأخبار