الجمعة 12 سبتمبر 2025
37°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
منوعات

"ليلة واحدة تكفي" ... رواية المأساة العربية وتفاصيل إنسانية عن احداث النكسة

Time
السبت 02 يوليو 2022
السياسة
كتب ـ جمال بخيت:


تجري أحداث رواية "ليلة واحدة تكفي" لقاسم توفيق في الليلة التي شهدت نكسة يونيو عام 1967، وتتخذ من مقهى مفترض مسرحاً لأحداثها.
تقع الرواية الصادرة عن "الآن ناشرون وموزعون" في 186 صفحة من القطع المتوسط، وهي استمرار لمشروع قاسم توفيق الذي جسّد البيئة الاردنية في عدد كبير من أعماله، كان آخرها رواية "جسر عبدون" الصادرة عن الناشر نفسه عام 2021.
وتوزعت أحداث الرواية على أربعة فصول تشابكت فيها المصائر، وبرزت خلالها شخصيتان تمحورت الرواية حولهما وهيمنتا على المسار السردي من أوله إلى آخره، هما: الممرضة "وجدان" التي تعمل في مستشفى، فتلجأ لحظة اندلاع الحرب وامتلاء السماء بالدخان إلى المقهى، المكان الوحيد المشرعة أبوابه في ذلك اليوم، لتواجه "ذيب" العامل هناك، وتُضطرّ إلى البقاء في المكان تجنباً للأخطار التي ستواجهها إن قررت التوجّه إلى بيتها.
ورغم قصر الزمن الذي تجري فيه أحداث الرواية؛ ليلة واحدة، إلا أنها تلقي الضوء على تاريخ الشخصيتين وسواهما من شخصيات بتفاصيله الممتدة في الزمان والمكان.
فـ"ذيب"، يضطر إلى الغربة قبل أن يعود إلى بلاده ويفتتح مشروعه الخاص (الريفيرا سناك)، و"وجدان"، ابنة العائلة المهاجرة من فلسطين على إثر النكبة، خرجت من قصة حب مؤلمة انتهت بموت حبيبها السابق عيسى في حادث مأسوي.
ويطوف السرد بالخلجات الداخلية للبطلين، مقدما حقيقة ما يشعران به تجاه بعضهما بعضاً، وما يلمُّ بهما من أفكار وسط الوضع المضطرب في تلك الليلة الحزيرانية المشؤومة، التي اختارها الروائي خلفية للأحداث وتطوراتها. وتسترجع كثير من هذه الخلجات تفاصيل الماضي الذي عاشته الشخصيتان، لتلقي الضوء على بنيانهما النفسي، وعلى تشكُّلِهِ وتطوره، فتظهر الشخصيتان أمام القارئ في بنية متماسكة لها مبرراتها التي انتهت بهما إلى زمن الحدث الروائي.
ويمهد توفيق لأجواء الرواية في صفحاتها الأولى، قائلاً:
"على الرّغم من أنّ "الريفيرا" هو المكان الذي ترتاحُ فيه، وتألفُ العامل اللّبق الذي يديره، لكنّه صار أكثر صخباً بسبب حركة السيّارات والمحلّات والزّبائن...".
ومن أجواء الرواية التي تضع القارئ أمام لحظات الحدث: "أشرَعَت الباب للهواء القادم من الخارج، سرَّحت شعرها بأصابعها، لم تعُد معنيّة بمظهرها بعد أن تملَّكها إحساس ثقيل بأنَّ لا شيء جميلا اليوم، مشت صوب الراديو، أدارته وهي عازمة على تغيير المحطّات التي صدعت رأسها بأغنياتها وبلاغاتها. فكَّرَت أن تفتِّش عن إذاعة لا يُبثُّ منها شيء يُذكِّر بالحرب، تصلَّبت أصابعها فوق المفتاح قبل أن تمضي برحلة البحث، عندما سمعت صوتًا ناعمًا تحبُّه كثيرًا.
يا الله هذا صوت "شادية"! ماذا جرى للدنيا في ليلة واحدة؟!:
قولوا لعين الشمس ما تحماشي، لحسن حبيب القلب صابح ماشي".
هنا يوضع القارئ أمام مأساوية الحدث في فقرة من الرواية جاء فيها: "أخيراً ملّت (شادية)، وسكَتَت عن الغناء، جاء بعدها صوتٌ غريبٌ لمذيعٍ يقول: "استمعتُم إلى شادية في أغنية "قولوا لعين الشمس" من دار الإذاعة الإسرائيليّة في أورشليم القدس، بعد أن انضمّت لموجاتنا العاملة صباح هذا اليوم".
انهار (ذيب) في مكانه. لُجمت "وجدان". حارت بما تفعله. أعادت إطفاء الراديو. سارت صوب حقيبتها، تناولتها، ومَضَت خارجة، دون أن تلتفت وراءها".
يقول الروائي قاسم توفيق في تصريح بمناسبة صدور الرواية: "هل من المعقول أن تقف أمة بكاملها على عتبة يوم واحد من تاريخها لا تبارحه لأكثر من نصف قرن! تساؤل عاش معي منذ لحظة استيقاظي في عمان صبيحة يوم 5 يونيو سنة 1967 ولم أكن قد بلغت الثالثة عشرة من عمري، على أصوات زوامير الخطر، وعلى فزع غريب كان يستحكم فوق رؤوس السكان الوادعين الآمنين، في عمّان.
ويضيف: "لم تكن عمّان تلك الأيام سوى بيوت قليلة متواضعة، لا تبعد أحياؤها كثيراً عن بعضها بعضاً، وكان المطار الوحيد آنذاك، الذي يحمل اسم الحيّ الذي يتمركز فيه؛ (ماركا)، مكشوفاً لنا.
ويوضح توفيق أن "ليلة واحدة تكفي" تحاول الإجابة عن "السؤال الكبير الذي وُضع في المقدمة"، "هل من المعقول أن تقف أمة بكاملها على عتبة يوم واحد من تاريخها لا تبارحه لأكثر من نصف قرن! ويتابع بقوله: "كان لا بد أن أبحث عن مَخرج لما مر بيّ وما عشته بعد ذلك اليوم وما يزال يؤثر في حياتي.

الغلاف

آخر الأخبار