الأربعاء 25 سبتمبر 2024
34°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
ما فيه الشق عود… فيه غياب قرار
play icon
الأولى   /   الافتتاحية

ما فيه الشق عود… فيه غياب قرار

Time
السبت 09 سبتمبر 2023
View
488
السياسة

كتب ـ أحمد الجارالله:

الدولة قرارٌ يصنعُهُ رجالٌ هم خليطٌ من رؤساء ووزراء ونواب، وحتى أصحاب مناصب وسطى، يجمعهم الطموح لتكون دولُهم في أعلى درجات التَّقدم والحضارة، لذلك هناك من تتراجع إذا لم يتيسَّر لها مسؤولون يُدركون حجم التضحيات المُلقاة على عاتقهم، وبعضها تتقدم وتسير بخطوات ثابتة نحو الأمام.
في تلك الدول التي تتقدم لا تسمع الحجة "المأكول خيرها"، بأن "الشق عود"، فهذه المُصطلحات ليست في قاموسها، بل هناك من يُعالج مشكلاتها بقرار، أحياناً يكون مُصيباً، ومرة يكون خاطئاً، لكن الإصلاح دائماً موجود.
كلُّ الدول مرَّت بمصاعب، حتى الولايات المتحدة، دفعت في بداياتها ثمناً كبيراً، لكن تصميم جورج واشنطن على توحيدها جعلها تنتصر، وكذلك إبراهام لنكولن حين إطلاق مسيرة حرية العبيد، لذلك التاريخ لم يذكر من 46 رئيساً لها إلا البعض، كهاري ترومان وايزنهاور، وروزفلت، وريغان، وجورج بوش الأب؛ لأنهم أنجزوا ما لم يفعله غيرُهم، وكانوا أصحاب قرار.
لا أحد في المنطقة ينسى الشيخ مبارك الصباح الذي فرض استقلال الكويت، وحمايتها، ولا الملك عبدالعزيز بن سعود، وتوحيده هذه المملكة العظيمة، وما سار عليه الملك سلمان بن عبدالعزيز، والأمير محمد بن سلمان، ولا السلطان قابوس بن سعيد، الذي أحيا السلطنة، وصنع منها درة حضارية ومعرفية، وبيئة عمل، بصمت، لا تسمع فيها إلا ضجيج الآلات والعمل.
كذلك الحال مع الإمارات العربية المتحدة التي عمل قادتُها على إنشاء دولة من الصفر، فكان جهد المغفور لهما الشيخ زايد بن سلطان، والشيخ راشد بن سعيد، رحمهما الله، أسطورة في البناء، وهذا ما بنى عليه كلٌّ من الشيخ محمد بن زايد، والشيخ محمد بن راشد، وقادة الإمارات الحاليين في النهضة الحديثة؛ لأنهم وجدوا بنية تحتية متينة.
كذلك لم يقل قادة قطر "صعب علينا"، إنما ذللوا كلَّ المصاعب؛ كي يُحققوا أعلى الدرجات في التنمية في بلادهم، وعلى هذا المنوال فعلت مملكة البحرين التي هي اليوم واحدة من جواهر تاج دول "مجلس التعاون".
هؤلاء جميعُهم لم ينظروا إلى دولهم من أبراج عاجية، بل كانوا بين الناس، ولا يزالون يسيرون بينهم من دون هيلمان؛ لأنهم يعرفون أنهم فعلوا كلَّ ما يحتاجه شعبُهم، وكذلك كانت سنغافورة، حين جاء إلى رئاسة الوزراء لي كوان يو، ووجد جزيرة غارقة بالأمية، والفساد، والجهل، والبطالة.
لم يركن إلى الوضع القائم، ولا قال: "لا أستطيع لأن البرلمان يُعارضني"، بل بذل جهده في جعل دخل الفرد فيها من أعلى المعدلات في العالم، وحوَّلها في غضون 30 سنة مركزاً مالياً عالمياً، بالمناسبة كل هؤلاء ليسوا عباقرة، إنما لديهم الطموح لتكون دولهم المثال الذي يُحتذى.
في المقابل ماذا فعلت الكويت؟ فإلى اليوم لا تزال قضية "البدون" عالقة في مكان ما، والتعليم من سيئ إلى أسوأ، والصحة تحتاج إلى فريق طبي لإنعاشها، والقروض كل يوم يخرج علينا عامل سلبي فيها، أما البنية التحتية فأفضل مع فعلته الأشغال فيها الترقيع، وحبل المشكلات في كل مؤسسات الدولة على الجرار، بسبب غياب القرار.
في الكويت، نسمع، دائماً، الشعارات المكرورة، وجعجعة الكلام لكننا لم نَرَ طحيناً، وإذا سألت، فيُقال لك هذا ثمن الديمقراطية، التي لم نأخذ منها إلا الشتم والاتهامات، وحياكة مؤامرات من البعض ضد البعض الآخر، وكذلك مفاسد ورشى، لذا نسأل: إذا كان "الشق عود" أليس هناك مَنْ يخيطه؟ ألا يُمكننا أن نتمثل بالدول التي نهضت بسبب العزيمة والإرادة، أم أننا سنبقى نبكي على اللبن المسكوب؟

آخر الأخبار