نواب من "فرنسا المتمردة" وشيوعيون واشتراكيون يقدمون اليوم مذكرة للمطالبة بحجب الثقة عن الحكومةباريس - وكالات: بعد يوم رابع من تعبئة "السترات الصفر"، يفترض أن يعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قريباً إجراءات جديدة في مواجهة هذه الأزمة الاجتماعية، التي تشكل امتحاناً لولايته الرئاسية.وأمضى ماكرون، الذي استهدفته هتافات متكررة خلال التظاهرات التي طغى عليها شعار "ماكرون استقل"، ولم يدل بأي حديث علني طوال الأسبوع، أول من أمس، في قصر الإليزيه محاطاً بقوة أمنية كبيرة، فيما ترك لرئيس الوزراء إدوار فيليب مهمة التوجه إلى البرلمان ووسائل الإعلام.وفي وقت لاحق، أعرب ماكرون في تغريدة عبر موقع "تويتر"، أمس، عن شكره لقوات الشرطة الفرنسية على شجاعتها التي أظهرتها خلال احتجاجات "السترات الصفر".وقال فيليب ليل أول من أمس، إنه "حان وقت الحوار"، مضيفاً: "بات علينا إعادة نسج الوحدة الوطنية" التي تعرضت لهزة في هذا التمرد الشعبي غير المسبوق الذي ولد على شبكات التواصل الاجتماعي على الإنترنت.وأكد أن "ماكرون سيتحدث ربما الإثنين (اليوم)، وسيعود إليه أمر اقتراح الإجراءات ليتاح لكل الأمة الفرنسية أن تجتمع من جديد".وذكرت وزارة الداخلية الفرنسية أن نحو 125 ألف متظاهر شاركوا أول من أمس، في التحرك بفرنسا، موضحة أن أعمال عنف سجلت لكن بنسبة أقل من السبت الماضي، وعبر وزير الداخلية كريستوف كاستانير عن ارتياحه "لوضع حد ... لتصاعد العنف"، ولأن "حراك مثيري الشغب ... كُسر".وعبرت رئيسة بلدية باريس آن ايدالغو ليل أول من أمس، عن أسفها "لمشاهد الفوضى" و"الأضرار التي لا تقدر"للاقتصاد ولصورة المدينة، فيما قال زعيم حزب "الجمهوريين" اليميني المعارض لوران فوكييه إن "العديد من الفرنسيين، خصوصاً التجار شهدوا سبتاً أسود".وأفادت حصيلة وطنية موقتة للإدارة العامة للصحة بأن "الطواقم الطبية في المستشفيات عالجت 179 شخصاً أصيبوا بجروح" خلال التظاهرات.من جانبها، أطلقت السلطات الفرنسية عمليات تدقيق مع تزايد حسابات إلكترونية مزيفة على شبكات التواصل الاجتماعي تهدف إلى تضخيم حركة "السترات الصفر".
وقال مصدر قريب من الملف: إن "الأمانة العامة للدفاع والأمن الوطني" كلفت تنسيق عمليات التحقق الجارية.وأوضح مصدر آخر أن الاستخبارات الفرنسية حذرة جداً من التلاعب بالمعلومات، لكن لا يزال من المبكر البت في صحة معلومات نشرتها صحيفة "التايمز" البريطانية التي أكدت أن مئات الحسابات المزيفة التي تدعمها روسيا تسعى إلى تضخيم ثورة "السترات الصفر".وفي الوقت نفسه، شارك آلاف الأشخاص في مسيرات جرى معظمها بهدوء من أجل المناخ في عدد من المدن الفرنسية. وارتدى جزء منهم سترات صفر داعين إلى التحرك في مواجهة "وضع المناخ الملح" و"الوضع الاجتماعي الملح" معا.ويبدو أن التنازلات التي قدمتها السلطات وخصوصا إلغاء الزيادة على رسوم المحروقات، أدت قبل كل شيء إلى إضعاف رئيس الوزراء الذي كان يدافع عن قرار بتعليق هذه الزيادة قبل أن تتخذ الرئاسة فجأة قرارا مخالفا لطرحه.في سياق متصل، تحدث زعيم كتلة حزب "فرنسا المتمردة" اليساري جان لوك ميلانشون عن "حل" الجمعية الوطنية، معتبراً أن ذلك سيشكل مخرجاً "معقولاً" للأزمة.وسيقدم نواب من هذا الحزب وآخرون شيوعيون واشتراكيون اليوم الإثنين، مذكرة لحجب الثقة عن الحكومة يفترض أن تناقش الأربعاء أو الخميس، لكنها لا تتمتع بأي فرصة لإقرارها.ومن بلجيكا، دعت رئيسة حزب "التجمع الوطني" اليميني مارين لوبن، التي تطالب بحل الجمعية الوطنية أيضاً، ماكرون بـ "إجراءات قوية وفورية" للتجاوب مع "معاناة" المحتجين.في غضون ذلك، ورغم تحذيرات السلطات ودعوة بعض "قادة" حركتهم المتنوعة، عاد محتجو "السترات الصفراء" أمس إلى باريس لينجزوا "الفصل الرابع" من غضبهم الشعبي والمطالبة بتغيير.وكتب أحد المتظاهرين على سترته الصفراء "فرنسي عنيد لا يقهر"، فيما قال أحد المحتجين كزافييه إن "الناس لم يعودوا قادرين على التحمل".إلى ذلك، حذر وزير المالية الفرنسي برونو لومير لدى زيارته المحال التجارية في باريس التي تعرضت إلى النهب، أمس، من أن العنف المرتبط بتظاهرات "السترات الصفراء" التي تجتاح البلاد يشكل "كارثة" بالنسبة لاقتصاد فرنسا.