"متحف المستقبل" في دبي... أعجوبة معمارية وهندسية

أندريا لوريا

أشرت بالفعل في مقالاتي السابقة إلى الإمارات العربية المتحدة، عندما كتبت عن متحف اللوفر أبو ظبي اندريا لوريا وهو عمل معماري رائع ومتحف كبير صممه النجم المعماري الشهير جون نوفيل.
إذا كانت إمارة أبو ظبي تمنح الحياة لمشروع غير عادي، من خلال إنشاء منطقة متاحف فريدة من نوعها في جزيرة السعديات في أبو ظبي، فإن إمارة دبي بالتأكيد لا تضيع الوقت أيضًا.
اليوم سوف أصيف لكم متحف المستقبل (MOTF)، أحد أشهر معالم دبي، الذي يحتل مكان الصدارة على الطريق السريع للمدينة، وهو شارع الشيخ زايد في الحي المالي في دبي. أسستها مؤسسة دبي للمستقبل.
حيث تأسست مؤسسة دبي للمستقبل عام 2016، من قبل الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة و رئيس مجلس الوزراء وحاكم دبي، لإضفاء الطابع المؤسسي على تشكيل المستقبل.
افتتح متحف المستقبل في دبي رسميًا في 22 فبراير 2022. وتم اختيار التاريخ رسميًا لأن 22 فبراير 2022 هو تاريخ متناظر.
تم تصميم المبنى من قبل استوديو كيلا للتصميم Killa Design studio، وهو استوديو معماري مقره في دبي و هو واحد من شركات التصميم المعماري الرائدة في المنطقة الآن، بعد تنفيذ هذا المشروع الاستثنائي وهو المعروف بشكل أساسي بتصميم متحف المستقبل.
متحف المستقبل هو بالتأكيد مثال غير عادي لمتحف فائق. فالمتحف معلم قوي ومبنى رائد في السياق الحضري بأحجامه المذهلة والرائعة وخياراته الكتلية والجمالية، التي تشبه النحت أكثر من المبنى. هدفها هو إبهار المشاهد وكمتحف فائق نموذجي يمكن المساعدة في المنافسة بين الحاوية والمحتوى، من خلال المراوغة القوية للهندسة المعمارية على المجموعة.
تتمثل أولوية المصمم هنا، في تحويل مبنى المتحف إلى مبنى مذهل على فعالية عرض الأعمال الفنية المحفوظة، كما أوضحت مرات عدة، وهي الميزة النموذجية للمتاحف الفائقة.
ومع ذلك، يجب أن أقول أنه في حالة متحف المستقبل فإنه يتجاوز الطبيعي. فهذه الهندسة المعمارية هي التي تثير أسئلة جديدة حول مفهوم المتحف وهويته.
يتكون متحف المستقبل من ثلاثة عناصر رئيسية: التل الأخضر والمبنى والفراغ. شكلها أو عناصرها الثلاثة رمزية. يمثل المبنى الضخم الدائري البشرية والتلة الخضراء، التي تجلس فوقها تمثل الأرض والفراغ يمثل المستقبل المجهول.
تم تصميم المبنى الرئيسي على شكل طارة غير متناظرة مكسوة بالفولاذ والزجاج، وتوجد هذه الكتلة القشرية على شكل حلق أعلى المبنى وتتألف من 1024 لوحًا مركبًا مقاوم للحريق مكسو بالفولاذ المقاوم للصدأ، ولكل منها شكل فريد ثلاثي الأبعاد لإنشاء النص العربي.
تم الاعتراف بمتحف المستقبل من قبل ناشيونال جيوغرافيك، كأحد أجمل 14 متحفًا في العالم.
يبرز المظهر الخارجي المذهل للمتحف أيضًا بفضل استخدامه الفني للخط العربي، والذي يعمل كنوافذ زجاجية أيضًا.
وهي من تصميم الفنان الإماراتي مطر بن لاحج، وتعكس خطوط شعر ملهمة لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة ورئيس مجلس الوزراء حاكم دبي. من بين الاقتباسات الثلاثة التي تحيط بالواجهة: "المستقبل سيكون لمن يستطيع تخيله وتصميمه وتنفيذه... المستقبل لا ينتظر.. المستقبل يمكن تصميمه وبناؤه اليوم ".
يعد متحف المستقبل علامة فارقة لا تصدق، فالمبنى هو أعجوبة معمارية وهندسية، وشكل المتحف رائد: فهو يفتح طريقًا جديدًا بعيدًا عن ناطحات السحاب الشاهقة التي تهيمن على المناظر في كل مكان. شكله غير عادي لدرجة أنه مبتكر للغاية. يبدو أن المبنى قد هبط، من الفضاء في وسط ناطحات السحاب، والتي هي على أي حال حديثة جدًا من عالم لم نشهده إلا في السينما.
بصفته متحفًا فائقًا مثاليًا فإن هذا المتحف ليس مجرد مبنى، ولكنه شيء جميل ونحت معاصر يخلق جسراً بين الماضي والمستقبل، ويمزج بين التكنولوجيا المتقدمة والممارسات الفنية التقليدية. عند رؤية هذا المتحف، لا يسع المرء، إلا أن ينبهر بتصميمه المتقدم الذي يثير الإعجاب، خاصة في الليل عندما يضيء.
إذا كان الشكل الخارجي لمتحف المستقبل متقدمًا من دون سوابق، فحتى التصميم الداخلي للمتحف لا علاقة له بمتاحف الماضي من حيث علم المتاحف الذي نعرفه.
عند الدخول إلى المتحف نجد ان هناك سبعة طوابق مخصصة لمعارض عدة. ثلاثة طوابق مخصصة لتطوير موارد الفضاء الخارجي، والنظم البيئية والهندسة الحيوية، والصحة الجسدية والنفسية. تعرض الطوابق الأخرى تقنيات المستقبل القريب التي تعالج التحديات في مجالات، تشمل الصحة والمياه والغذاء والنقل والطاقة، بينما الطابق الأخير مخصص للأطفال.
هذا المتحف الكبير ليس متحفًا عاديًا حيث توجد آثار قديمة وراء الحبال الحمراء، انما يريد أن يكون بوابة لعصر المستقبل، من صنع المصممين والفنانين وصانعي الأفلام الحالمين. يجمع إعداد المتحف بين عناصر عرض ومسرح غامر وعناصر جذب ذات الطابع الخاص. تمت صياغة هذا المحتوى من قبل فريق من المصممين الرائدين في مجال المنتجات ووسائط الميديا والمعارض والاكثر خبرة في العالم. سيتفاجأ الزائر دائمًا أثناء الزيارة، فكل طابق يشبه مجموعة أفلام من المستقبل، يمكنك استكشافها والتفاعل معها.
يستكشف المتحف، كيف يمكن للمجتمع أن يتطور في العقود القادمة باستخدام العلم والتكنولوجيا. معرض المتحف غامر بالتأكيد، ولكنه واسع أيضًا: كل شيء مصمم لمضاعفة ما يظنه الجمهور أو ما يحلم به لعالم المستقبل.
نشأت مؤسسة دبي للمستقبل من اعتقاد أساسي: القيادة في الوقت الحاضر ليست كافية. إنه المستقبل الذي يجب أن نتخيله ونصممه وننفذه. يعتمد المتحف على الثقافة ذات الرؤية التي حولت دولة الإمارات العربية المتحدة إلى واحدة من أكثر دول العالم تقدمًا في أقل من 50 عامًا. نحن معرض لروح الشجاعة والتفاؤل والابتكار التي تدفع دبي إلى الأمام. المتحف موطن للإلهام مفتوح للجميع.
إذا فكرنا في المتاحف التقليدية وحول قرون من تقاليد في فن تنظيم المتاحف وعلم المتاحف، فلن نجد شيئًا مثل ذلك هنا. لكن سيكون هذا موقفًا خاطئًا. متحف المستقبل، هو مساحة عرض للأيديولوجيات المتقدمة التي تطمح إلى تعزيز التطور التكنولوجي والابتكار. عندما نزور هذا المتحف، يجب أن نتجه نحو المستقبل ونفكر في الإلهام والأفكار التي يقدمها لنا هذا المتحف.

أندريا لوريا

بروفيسور أندريا لوريا هو عالم آثار إيطالي تخرج في أكاديمية الفنون الجميلة في روما. وهو حاصل أيضًا على درجة في تاريخ الفن في جامعة روما تري في روما. أندريا لوريا يحاضر لطلبة الماجستير في علم المتاحف في جامعتي تور فيرغاتا في روما وجامعة تمبل الأميركية (حرم روما الجامعي). في عام 2020، أصبح مؤلفًا منشورًا لكتاب: "من عصر النهضة إلى المتحف المعاصر"، وهو أيضًا يعد دليل محاضراته. مجال بحث لوريا هو ظاهرة المتاحف الفائقة مع اهتمام خاص بالدول العربية مقارنة بالعالم الغربي.
الترجمة العربية: المعمارية المصرية ايلاريا عبد المسيح