الأربعاء 25 يونيو 2025
35°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
منوعات

متصوفون خالدون

Time
الثلاثاء 05 مايو 2020
View
5
السياسة
إعداد - نسرين قاسم:


عُرف عن "التبريزي" براعته في تفسير الأحلام، واشتهر بحبه الشديد للترحال والسعي في بلاد الله، فقد ترك بيته وذهب يتجول بين البلاد من حلب إلى دمشق ثم بغداد فقونية حيث استقر فيها.




التبريزي... الباحث
عن العشق الإلهي


عاش شمس التبريزي أغلب حياته في الخلوة يبحث عن معنى العشق الإلهي حتى أصبح صاحب هذا المذهب في التفكر والحب للذات الإلهية، لذلك يعتبر أحد أقطاب التصوُّف الإسلامي الذي اشتهر أيضًا بالزهد والورع وكان محبًا مقبلاً أديبًا يكتب في العشق الإلهي ويأخذ الناس عنه وكانت له نظرة روحانية عميقة لفهم أسرار التنزيل ومعاني ومقاصد آيات القران الكريم وفي ذلك يقول: "إنَّ كل قارئ للقرآن الكريم يفهمه بمستوى مختلف بحسب عمق فهمه، وهناك أربعة مستويات من البصيرة: يتمثل المستوى الأول في المعنى الخارجي وهو المعنى الذي يقتنع به معظم الناس، ثم يأتي المستوى الباطني، وفي المستوى الثالث يأتي باطن الباطن، أما المستوى الرابع فهو العمق ولا يمكن الإعراب عنه بالكلمات، لذلك يتعذر وصفه". من هنا كان يرى أن البحث عن الله متأصل في قلوب الجميع، سواء أكان وليًّا أم قديسًا أم مومسًا، فالحب يقبع في داخل كل منا منذ اللحظة التي يولد فيها، وينتظر الفرصة التي يظهر فيها منذ تلك اللحظة.
كان التبريزي يردد دائمًا:"عندما تبلغ أرقى إشكال الوعي، وعندما تعرف نفسك، فإنك ستعرف الله"، وفلسفته التي لم تتغير أن تبحث عن الله في قلبك، والخلوة والعبادة هما سبيلك للوصول، ومن ذاق عرف حيث يقول: "الوحدة والخلوة شيئان مختلفان، فعندما تكون وحيدًا، من السهل أن تخدع نفسك ويخيل إليك أنك تسير على الطريق القويم، أما الخلوة فهي أفضل لنا، لأنها تعني أن تكون وحدك من دون أن تشعر بأنك وحيد. لكن في نهاية الأمر، من الأفضل لك أن تبحث عن شخص، شخص يكون بمثابة مرآة لك، تذكر أنك لا تستطيع أن ترى نفسك حقاً؛ إلا في قلب شخص آخر، وبوجود الله في داخلك".
مولده ونشأته ولد شمس التبريزي في مدينة تبريز، الواقعة في شمال غرب إيران لعام 1185. تعلم وتربى على يد أستاذه ركن الدين السجستاني، وهو أول من تأثر به وأخذ عنه المذهب التصوفي.
عُرف عن "التبريزي" براعته في تفسير الأحلام حتى أنها بدأت كمورد لتكسب الرزق لكي يحصل علي طعامه وشرابه، اشتهر عنه حبه الشديد للتنقل والترحال والسعي في بلاد وملكوت الله، فقد ترك بيته وذهب يتجول بين البلاد من حلب إلى دمشق ثم بغداد إلى مدينة قونية والتي استقر فيها، ومما أشيع عنه أنه كان يكلم الله والملائكة، وذلك من خلال الرؤى التي تراوده، وهو ما لم يصدقه فيه أحد، واضطر إلى الهرب من مدينة دمشق؛ خوفًا من بطش الناس والإستقرار في مدينة قونيه ولكنه لم يسلم من البطش فقتل هناك من قبل بعض المعارضين لأفكاره ومعتقداته وذلك عام 1248 وأنشأ له ضريح في مدينة خوري وهي المدينة التي قتل فيها.
مؤلفاته يُعد كتاب "قواعد العشق الأربعون" من أهم وأبرز ما ألفه "التبريزي"، حيث تحدث فيه عن الحب والعشق للذات الإلهية، كما اعتبر "الديوان الكبير" أو "ديوان العشق" وهو أحد أهم ما أبدع فيه والتي أبرزت شخصيته ومعتقداته وأفكاره، تناول الديوان أكثر من ستون ألف بيت شعري ورغم تنوع كلمات الديوان؛ إلا أنها كلها تدور حول الحب والعشق للذات الإلهية والغزل، كما تتنوع أيضًا كلمات الديوان بين رباعيات وهي عبارة عن مقاطع من أربعة أبيات اشتُهر بها الشعر الفارسي.
الرومي و التبريزي ترك شمس التبريزي أثرًا كبيرًا في المدرسة الصوفية وتربى على يديه العديد من التلامذة والمريدين أبرزهم جلال الدين الرومي، وقد كان من أهم الشخصيات التي تأثر كثيرًا بأستاذه، حيث التقيا في عام 1244م وكان لقاؤهما بداية لصداقة غيَّرت حياة كل منهما تمامًا، فقد تحول جلال الدين الرومي من مجرد واعظ عادي يلقي الخطب ويخطب في المساجد إلى شاعر كبير ومحب عظيم يمتلأ قوله وإحساسه بالعواطف والمشاعر، حتى أصبح داعيةً إلى الحب وواحد من أشهر رجال التصوف في الإسلام، وقد لقيت تلك الصحبة كثيرًا من الممانعة والحسد لأنَّ جلال الدين الرومي أحبَّ معلمه كثيرًا وتأثر به لدرجة لا توصف وصارًا يقضيان أوقاتًا طويلةً معًا لا يفترقان، وبقيَ الصديقان على هذا الحال إلى أن فرقهما الموت بعد أن قُتل "التبريزي" في عام 1248م.
الاهتمام الدولي حازت شخصية "التبريزي" اهتمامًا بالغًا في العصر الحديث وأصبحت كلماته مصدرًا للبحث والدراسة يتوقف عندها الجمهور العامي والخاص من الدارسين للتراث حتى رشح ضريحه كأحد أهم المواقع الأثرية من قبل منظمة اليونسكو العالمية.
آخر الأخبار