الجمعة 27 يونيو 2025
40°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
منوعات

مجدي أنور: "ذاكرة الأبيض" دعوة للمحبة والسلام بإبداع تشكيلي

Time
الخميس 14 نوفمبر 2019
View
5
السياسة
* أحرص على أن أكون في مقاعد الهواة ولن أترك نفسي تحت مقصلة الاحتراف
* تردي الحركة التشكيلية في مصر جعل كثيراً من الفنانين خارج نطاق الخدمة
* حاولت الخروج عن الألوان الملكية القديمة لكنها تأسرني وأتجاهل تفاصيل وجه الإنسان


القاهرة - شروق مدحت:

استطاع أن يسطر عالماً مميزاً فى مجال الفن التشكيلي، تعمد إثارة دهشة المتلقى عند النظر إلى لوحاته الفنية التى تمتلئ بالكثير من المعانى والأسرار البعيدة عن الأعمال الروتينية وتقليد الآخرين، أقام الكثير من المعارض الشخصية والجماعية، ويعد معرضه الأخير "ذاكرة الأبيض " هو الثامن عشر ضمن معارضه الخاصة خلال مسيرته الفنية.
التشكيلي المصري مجدي أنور أكد خلال لقاء مع "السياسة" أن اختيار اللون الأبيض بطلاً لمعرضه جاء تلبية لرغبة داخلية في إيجاد ملجأ آمن للتأمل بعيداً عن قسوة المحيط الخارجي و الصراعات والتخلي عن قيود العالم المادي، ودعوة للمحبة والسلام، ونبوءة بيضاء، لافتا إلى أنه يفضل الألوان الملكية القديمة كالتركواز بدرجاته، والبني والذهبي، وفيما يلي التفاصيل:
كيف بدأت مسيرتك الفنية؟
لاحظ أهلي، أصدقائي، أساتذتي، بداية من المرحلة الابتدائية، موهبتي الفنية، فور التخرج في الثانوية العامة، ما دفعني إلى الالتحاق بكلية التربية الفنية بالزمالك لدعم موهبتى، التي اعتبرها بيتي الثاني وأدين لها بكل الفضل، ثم بدأت الاشتراك بالمعارض الخاصة و العامة، حتى أصبح لأسلوبي بصمة.
ما المدرسة الفنية التي تنتمي إليها؟
كانت بداية أعمالي فن التجميع أو ما يعرف بـ"السنبلاج والكولاج"، مع التنوع والتناغم على السطح، إضافة الحذف والملامس الخشنة والبارزة،و الخامات المتناثرة حولي ابتداء من الرمل والخامات جاهزة الصنع، حتى وصل السطح عندى أخيرا أكثر نعومة، ثم توارت الملامس، والملامح، والبارز منها والغائر، وتلك كانت مرحلة أكثر تلخيصاً وتقع تحت بند "المدرسة التجريدية ".
من تدين له بالفضل؟
كثيرون، بجانب أساتذتي بالمرحلة الابتدائية والإعدادية، هناك أساتذتي بالكلية،وبخاصة الراحل الدكتور فؤاد حسني، الذى تتلمذت على يديه، إذ درست على يديه 4 سنوات من بين السنوات الخمس بالكلية، كان دائما يمنحني "المقويات" السحرية للمواصلة والمطالعة.
من مثلك الأعلى من رواد الفن التشكيلي؟
كثيرون عالميا ومحلياً، إلا أنني للأسف لم استشعر يوماً بأن لي مثلا أعلى من الرواد، احتذي به أو بتجربته، لي عالمي الخاص واستمتع به لأقصى درجة.
ماذا عن معارضك الشخصية التي أقمتها في مصر؟
شاركت خلال مشواري الفني في 17 معرضا فرديا متنوعا في الرؤى والعرض.
هل شاركت في معارض جماعية؟
تعتبر المشاركات الجماعية أولى الخطوات الفنية البدائية للفنان التشكيلي، اذ تتنوع العروض،والرؤى،والأساليب، وهي فرصة للتأمل والاطلاع على جميع الأساليب والمدارس الفنية، لإظهار الإبداعات والتجارب المعاصرة، من ثم جواز الانطلاق من الفرد والتحليق في العالم الخاص، لذا أحرص دائما على التواجد في الملتقيات الجماعية، وعروض الدولة، وصالون الشباب، والأعمال الصغيرة، والصالون السنوي لأتيلية القاهرة لما يقارب من ثلاثين عاماً.

ذاكرة الأبيض
ما عدد لوحات معرض "ذاكرة الأبيض"؟ وما سبب التسمية بذلك؟
اقيم المعرض فى قاعة الباب بدار الأوبرا المصرية، وضم نحو 50 عملاً فنياً، اخترت الأبيض بطلاً للحدوتة تلبية لرغبة داخلية في إيجاد ملجأ آمن للتأمل بعيداً عن قسوة المحيط الخارجي و الصراعات التي تلتهم الجميع بلا رحمة، للتخلي عن قيود العالم المادي، دعوة للمحبة والسلام، ونبوءة بيضاء، فذاكرة الأبيض عند العودة للقدماء كان له قدسية، واحترام، ورمزاً للقوة والنصر، والطهارة، والنقاء،والصفاء، والرفعة، والسعادة، عرف قديماً باسم "حدج"، كان اللون الأبيض المميز للكتان الذي يرتديه الملوك،النبلاء،وكبار الكهنة، وكانوا يحضرونه من الجير والكالسيوم.
لماذا تجاهلت التركيز علي الوجه البشري وعدم إظهار ملامحه وتفاصيله؟
غالباً ما تتسم أعمالي بعمق الباطن، وإجادة القراءة، والتحليل بعيداَ عن السطحية، وتجاهل تفاصيل الوجه البشري لأنها بعيدة كل البعد عن التفاصيل الإنسانية.
ما سبب ظهور بعض اللوحات بحالة من الفوضى والاضطراب وتشويش الصور؟
جاء ذلك مقصودا، لإشراك المشاهد وزائر المعرض لإعمال العقل والتفاعل مع الأعمال، إنها علاقة تبادلية.
لماذا أضفت اللون الأخضر إلى معظم لوحاتك فى هذا المعرض؟
لإحساسي أنه الأقرب نفسياً للون الأبيض، اذ يحمل بين طياته وتدريجاته ملامح الطبيعة بصفائها ونقائها.
كيف تستطيع إيصال معنى اللوحات للمتلقي؟
عند طرح الفكرة والمشكلة على السطح، أعمل على أكثر من سطح في وقت واحد، مع وجود رابط مشترك يقوم بإيصال الرسالة، والجملة، أما التلقائية فمبعثها حرصي من بداياتي على ألا أغادر مقاعد الهواه، فلا أترك نفسي وتجربتي تحت مفصلة الاحتراف، فالفن كغيره من الممارسات، كلما كنت في صفوف الهواه زادت متعتك الشخصية وإمتاع الآخرين، اذ ينعكس ذلك على الأداء دون توتر، فتصل الرسالة ببساطة وتلقائية.
لماذا استخدمت خلفية محايدة وألوان صامتة؟
رؤية الخلفيات بهذه الحيادية في المعرض، ليس لأنها ألوان صامتة، بل لقوة البطل الأبيض الذى قام بالسيطرة على ملامح العمل الفني واستئثاره به.
ماذا عن الخامات التي استخدمتها؟
عادة لا تخرج الخامات المستخدمة لدي عن الألوان الاكريليك على "شاسيهات" الخشب "الأبلكاج"، مع تحضير السطح تحضيراً غنياً بالورق المعالج، المجهز مسبقاً، المطبوع و المصبوغ، اذ يغلب على السطح عندى الغائر، والبارز، والملامس إضافة إلى الورق المذهب.
كيف كانت ردود الأفعال؟
كانت أكثر من رائعة، البعض أعجب بالأبيض، زار المعرض مرة وأكثر، والبعض الآخر صدم فلم يستطع التفاعل معه، الذي اسعدني أن الجميع اتفق على قدر الدهشة، والصدمة،والجرأة أن يكون اللون الأبيض هو البطل، لأنه من الألوان القوية التي يصعب السيطرة عليها، والتعامل معها يكون بحذر مغلف بحب شديد.
ما المدة الزمنية التى استغرقتها للانتهاء من لوحات المعرض؟
ليس لي حسابات وقتية لمدة استغراقي بأي معرض، ولكن "ذاكرة الأبيض" كان معرضا خفيفا على قلبي، بقدر إرهاق السهر ومشاعر القلق والتعب التي تصاحبني منذ البدء والتجهيز للمعرض، ولا تنتهي إلا بافتتاح المعرض، ولكني أقول أن فترة إعداد المعرض غالباً لدى تتراوح بين سنة وسنة ونصف، بين تحضير وتجهيز "شاسيهات" وخامات ومكان العرض وتوثيقه وتوقيته والأهم وضع يدى على الفكرة وطرح المشكلة على السطح، بعدها يبدأ العمل بالمعرض كاملاً ويتراءى أمامي وكأني أراه في نهايته إلى أن ينتهي على خير.
كيف تستطيع خلق لغة تفاعل بين اللوحة والمشاهد؟
العمل الفني هو الذي يخلق التفاعل بينه وبين المشاهد، قد تكون بساطة وتلقائية الرسالة على السطح معاونة للعمل ككل على أداء مهمته، ولكني أقوم بصياغة أبجديات مألوفة لدي تقترب في عالمها من اللغات القديمة التي نشاهدها على الحفريات، جدران المعابد،المخطوطات، أصبحت لغة تصويرية خاصة بي وبأعمالي لدى مشاهدي وزوار المعارض الفنية.
ما الخامات التى تستخدمها فى رسوماتك من بداية رحلتك؟
عادة ما استخدم ألوان الأكريلك مع بعض الخامات الورقية بكل كثافتها واستخدمها كعجائن، لدائن، رقائق، مشغولة أو مطبوعة على السطح، مع إنزال محسوس للرمل السيناوي الخفيف وإن كنت قد بدأت رحلتي بفن "الكولاج والأسنبلاج"، فن التجميع على السطح، وادخال الرقائق المعدنية،والريليف،والبوليستا، مما أدى الى ظهور سطح تصوير مباهي.
ما أكثر الألوان المفضلة إليك؟
تندرج تحت ظل الألوان الملكية القديمة التي أعشقها، التركواز بدرجاته، البني بدرجاته، اعتبر الذهبي الملكي أساس الباليتة اللونية عندي، حاولت كثيراَ الخروج عنها، لكنها تجذبني بشدة حتى أصبحت من أهم سمات أعمالي.
ما أبرز القصص والقضايا التى تتواجد على دائرة أولوياتك واهتماماتك؟
كانت دائرة اهتماماتي في البدايات كبيرة ومشوشة، إلى أن تم تقويضها بحكم الخبرة المكتسبة، أصبح تركيزي منصب على العثور على الفكرة، وبداية التجريب عليها وإدخالها للعالم الخاص للمعمل الفني، حتى تنضج وأعمل على ظهورها بالشكل اللائق، مضيفا "أهتم بتفاصيل معارضي بداية من مكان العرض،وفكرته، وتنسيقه،وكل ما يخصه من صغيرة وكبيرة، وكذا وجدت نفسي داخل دائرة اهتمامات وأولويات محيطة بأعمالي وعملي الفني فقط.
ما رؤيتك للحركة التشكيلية في مصر؟
الحركة التشكيلية في مصر بمجملها وإن كانت في أحوالها متردية، فقد سيطرت القاعات الخاصة وفرضت آليتها على الفن والفنانين، مقابل جنوح قاعات الدولة إلى التخاذل والدخول في منطقة الظل وتسليم الراية عن طيب خاطرن ما جعل كثيرا من الفنانين خارج نطاق الخدمة، وفضل البعلض عرض أعماله فقط على السوشيال ميديا بينما آثر آخرون الصمت،والانزواء ومن ثم الانعزال، إضافة إلى أن المشاكل المعتادة مثل أسعار الخامات وعدم وجود قاعات كافية لإبداعات الفنانين أدى إلى ظهور مافيا الملتقيات والفاعليات الورقية الهشة التي لا تمت للفن التشكيلي بصلة.
كيف نحل هذه المشكلات؟
أرى أن عودة الأمور إلى طبيعتها بالرجوع إلى نقابة الفنانين التشكيليين،القلعة أو المظلة، التي يحتمي بها الفنانون، ليتعاظم دورها في القريب العاجل مما يؤدي إلى حل المشاكل، لابد أن يشعر الفنان بوجود أحد في ظهره، لحل مشكلاته وتذليلها حتى يستطيع استكمال مشواره.

دور الدولة
ما دور الدولة فى تشجيع الفن التشكيلي؟
تستطيع الدولة أن تشجع الفن التشكيلي، إذ يجب عودة حصة التربية الفنية والموسيقية والرياضية لضمان عودة الموهوبين والمبدعين، والمحافظة عليهم ورعايتهم منذ النشأة وتذليل العقبات، ودعم المبدع لبكون في حالة نفسية مستقرة تسمح له بطرح إبداعه والتفرغ له، فلا يضيع جهده في مهاترات، كما يجب أن تقوم الدولة بافتتاح مراسم للفنانين،خاصة بالأماكن الملهمة وهى كثيرة في مصر، مثل، الاقصر، أسوان، سيوه، الواحات، البحر الاحمر، مطروح، ومساعدتهم في نفقات الخامات.
ما حلمك فى مجال الفن التشكيلي؟
لدي أحلام أن يظل مرسمي حاضني لآخر يوم في عمري، وأشتغل لآخر نفس، وأن أجد واقعا أفضل لعالمي التشكيلي الخاص، وأجد الناس تتقابل وتتحاور كما كانوا أيام زمان، أحلم بلم الشمل، "اللمة جميلة".
هل سيظل البعد عن المألوف القاسم المشترك في أعمالك المقبلة؟
منذ بدايتي وأعمالي قائمة على البعد عن المألوف، والسطح يبدأ عندي بتلك الملامس الخشنة والتأثيرات البارزة المحملة برموز المتداخلة لعالمي الخاص من الحروفيات مصحوبة بتلك الشحنة في التعبير وامتداداً في الخيال، فتخلق تكوينات من طبقات تتحاور فيما بينها بالروح المميزة في أعمالي.
بم تستعد خلال الفترة المقبلة؟
استعد لتغيرات جذرية شاملة، وإعادة ترتيب الأوراق المختلطة، وأخذ نفس طويل وراحة قصيرة لمتابعة السير، واستهل الموسم المقبل بمعرض يجمعني باثنين من فرسان الحركة التشكيلية.

آخر الأخبار