الأحد 25 مايو 2025
39°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
المحلية

مجزرة تراثية... 900 قطعة أثرية اغتالتها يد السرقة أو الإهمال

Time
السبت 21 نوفمبر 2020
View
10
السياسة
كتب ـ سالم الواوان:

في جريمة أمن قومي لا يمكن السكوت عليها، وهي مجزرة تراثية فقدت الكويت 900 قطعة أثرية تحكي سيرة حضارتها وبداياتها الأولى منذ العهود الهلينستية والعبيدية واليونانية القديمة والإغريقية والحضارة الاسلامية، حدث كل هذا بفعل إهمال مسؤولين أو تغاضيهم أو مشاركتهم جرم تبديد تلك الكنوز، هذا هو واقع الحال الذي ترويه مئات القطع المفقودة من الآثار الكويتية الشاهدة على حضارة إنسانها الضاربة في الأعماق وعلى مر العصور.
8500 قطعة أثرية تمثل كل الحقب التاريخية التي مرت بها الكويت وهي مسجلة في سجلات إدارة الآثار والمتاحف عثر على نحو 7600 فيما بقيت 900 قطعة تعود إلى عصور قديمة لم يستدل لها على أثر، أو أين تبخرت وما إذا سرقت أو بيعت، والسؤال، لماذا لم تكن هناك شفافية ليعرض الامر على أولي الأمر، وأين اللجان المكلفة متابعة آثار البلاد؟ ولماذا لم تكن هناك عمليات جرد سنوي لهذه التحف حفاظا عليها وتعقب ما تفلت منها؟
إن ضياع هذه القطع الأثرية، يمثل مأساة تحمل في زواياها محاولات لمحو التراث الكويتي من جانب، والاهمال المتعمد من جانب آخر، وإلا لماذا لم تصن هذه القطع الأثرية ويسجل ويوثق هذا التراث الذي يشكل جزءا من الكويت ويحكي أزمنة سحيقة من حضارتها.
المجلس الوطني للثقافة والفنون والاداب يتكتم على ضياع جانب كبير من تراثنا وحضارتنا وهو المعني الأول بالحفاظ عليها، وتطول المسؤولية كل رؤساء المجلس الوطني للفنون والآداب منذ الغزو الغاشم وحتى اليوم فيما لم يعثر على أي من هذه الكنوز.
وفي هذا السياق، أكدت مصادر مطلعة لـ"السياسة" ان مسؤولين في المجلس تقدما بالاستقالة هروبا من المسؤولية ولكن رفضت الاستقالة ووضعت رهن العثور على القطع الأثرية المفقودة والتي تعود لنتاج الكثير من البعثات الأثرية التي عملت في الكويت على مدار اعوام طويلة مضت.
وأوضحت ان هناك لجنة للجرد يقودها سليمان بولند المكلف بالبحث وايجاد هذه الكنوز الثمينة تمكنت من العثور على نحو 7 الاف قطعة أما البقية الباقية فلا أحد يعرف هل سرقت وهربت خارج الكويت؟ وإذا كان الأمر كذلك، فمن المسؤول عن تهريبها وكيف السبيل إلى إعادة هذه الآثار التي من الممكن ان تصنع أكثر من متحف وتمثل كنزا أثريا كبيرا.
وأشارت المصادر إلى أن كل القطع تحمل رقم وتاريخ العثور عليها والحقبة التاريخية التي تمثلها، لافتة إلى أن هذه الدائرة الحساسة آلت لأكثر من امين مساعد في المجلس الوطني ومنهم من تولى الموضوع بالإنابة؟
وتساءلت، ماذا فعل هؤلاء خلال فترة توليهم المسؤولية؟ وأين التقارير النهائية حول نتائج البحث عن هذه القطع ، مطالبة بنشر كل هذه التقارير بكل شفافية للرأي العام وآلية التوثيق والتسجيل في ادارات المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب وكيفية المحافظة على الآثار المكتشفة في المناطق الآثارية للكويت.
وأكدت المصادر أنه حيال ضياع هذه القطع ليس سوى ثمة خيارين لا ثالث لهما إما أن هناك تسيبا واهمالا أدى إلى فقدانها او انها فقدت بفعل فاعل وما يدور داخل الاروقة السرية هو التكتم على هذه الحالة التي بالطبع لم ولن يعلن عنها،.
وأضافت طبقا للتسريبات من مقربين مطلعين على هذا الشأن، فان محاولات العثور على الاثار المفقودة لاتزال ضمن نطاق السرية والتكتم الشديد، مشيرة إلى أن المتعارف عليه أن كل متاحف العالم يوجد بها متخصصون في الترميم لمعالجة القطع المكتشفة وإعادتها لحالتها الاصلية او الاقرب من الحالة التي كانت عليه، وربما تكون القطع المفقودة من آثار فيلكا تشكل جانبا كبيرا من تاريخ الكويت القديم وتعود آثارها الى العصورالهلينستية وهناك مواقع اخرى في الكويت منها ما قامت به البعثة البريطانية من جامعة درهام للتنقيب عن الاثار الاسلامية بالتعاون مع فريق آثاري كويتي وكان ذلك موسم عام 2013.
على خط مواز انتقدت المصادر الحالة المزرية لمتحف الفن الحديث، مؤكدة أنه تنقصه الصيانة الدورية والاهتمام بالمبنى الذي يعتبر واجهة تاريخية للكويت ويوثق تاريخ عظماء التشكيل والمبدعين الذين ارسوا معالم الفن التشكيلي منذ اربعينات القرن الماضي، ناهيك عن البنية التحتية للمبنى الذي كان مدرسة تراثية درس فيها الكثير من الشخصيات الكويتية ومنهم سمو الامير الراحل الشيخ صباح الاحمد.

مشروع الدائري الاول طمس آثار أسوار الكويت (تصوير: سامر شقير)


هنا وجدت أقدم بصمة بشرية


متحف الكويت الوطني


متحف الفن الحديث


جانب من آثار فيلكا



تاريخ البعثات الآثارية

ساهمت بعثات الآثار الأجنبية إلى الكويت في الكشف عن الكثير من الدلائل الأثرية المؤكدة في البلاد التي أصبح معها بالإمكان التحدث عن تاريخ الحضارات والإعمار على أرضها الذي تجاوز سبعة آلاف عام.
وبدأت قصة التنقيب الأثري في الكويت قبل الاستقلال منذ عام 1957 عندما دعا الوكيل السياسي البريطاني لدى الكويت آنذاك بعثة التنقيب الدنماركية للتنقيب في جزيرة فيلكا حيث توجد الكثير من التلال الأثرية.
ومع صدور التشريعات التي رعت ونظمت العمل الأثري بصدور قانون الآثار عام 1960 وهو من أوائل القوانين في منطقة الخليج تم انشاء المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب واهتم المجلس منذ عام 2004 بالتراث الثقافي في دولة الكويت.
وركز المجلس على التراث المادي الذي يبرز تاريخ وأهمية أرض الكويت ومساهمتها في بناء الحضارة الإنسانية حيث نفذ عددا من برامج اعمال المسح والتنقيب الأثري والدراسات الميدانية، كما وقع اتفاقيات تعاون للتنقيب والمسوحات مع عدد من البعثات العلمية العالمية من جامعات ومعاهد متخصصة في علم الآثار للمشاركة مع الفريق الوطني للكشف عن هذا المخزون الثقافي.
ومن هذه الاتفاقيات اتفاقية مع البعثة السلوفاكية من معهد الآثار بالأكاديمية العلمية ومع البعثة الدنماركية من متحف ما قبل التاريخ في "موسجورد" ومع البعثة الفرنسية من معهد دراسات بيت الشرق في مدينة "ليون" ومعهد دراسات الشرق الأدنى الفرنسي.
كما وقع المجلس اتفاقيات مع البعثة البريطانية من جامعتي لندن ودورهام والبعثة اليونانية من وزارة الثقافة والبعثة البولندية من معهد آثار الشرق من جامعة وارسو والبعثة الجورجية من متحف جورجيا الوطني والبعثة الإيطالية من جامعة مدينة "بروجيا".
وتتعاون الكويت والفريق الكويتي من ادارة الاثار والمتاحف في المجلس مع البعثة الخليجية التي تمت دعوتها عام 2001 بمناسبة اختيار الكويت عاصمة للثقافة العربية وهي تتألف من فريق مشترك من دول مجلس التعاون والذي لا يزال يعمل في موقع "سعيدة" في جزيرة فيلكا اذ تم اكتشاف منازل ومسجد تعود للفترة الإسلامية المتأخرة. وعملت جميع هذه البعثات وبعضها ما زال يعمل في مواقع مختلفة في الكويت ترجع إلى فترات حضارية مختلفة ومن أبرز تلك المناطق جزيرة فيلكا ومنطقة الصبية "شمالي جون الكويت" كما كان للفريق الكويتي دور مهم في تنقيبات منطقة الصبية ومدينة الكويت.
وتعمل البعثة الكويتية - الجورجية في منطقة الصبية حيث تم الكشف عن موقع مبني من الحجارة ذي مدخل ينتصب على جانبيه تمثالان حجريان يرجع تاريخه الى العصر البرونزي ثلاثة الاف سنة قبل الميلاد.
ونقبت البعثة الكويتية - البولندية في موقع"بحرة" بمنطقة الصبية، حيث كشفت عن مستوطنة ترجع إلى 5750 عاما قبل الميلاد أي في نهاية العصر الحجري الحديث "اربعة الاف سنة قبل الميلاد" وتمثل هذه المستوطنة بداية استقرار الانسان على ارض الكويت وهي معاصرة لمستوطنة اخرى كشف عنها في جزيرة "طبيج" التي تقع جنوبي الصبية. وتعتبر "مستوطنة بحرة" أكبر موقع عائد لحضارة العبيد في منطقة الخليج العربي كما تعتبر مركز التقاء بين حضارات بلاد الرافدين وحضارة الجزيرة العربية ويطلق على هذه المرحلة الحضارية مرحلة "حضارة العبيد""من 5300 إلى 4000 قبل الميلاد".
وتتكون المستوطنة من مجموعة من الدور السكنية المترابطة رصفت أرضية بعضها بالحجارة وقد عثر فيها على مواد أثرية تنوعت ما بين الفخار المزخرف والفخار الأحمر إضافة إلى الأدوات الصوانية والخرز الصدفي. أما في جزيرة فيلكا فتعمل البعثة في موقع "خرائب الدشت" الذي يقع قرب قرية القرينية وهذا إلى جانب بعثات عدة لا يتسع الموضوع لاستقصائها.


مشروع التنقيب

بدأ مشروع التنقيب الأثري في مدينة الكويت منذ عام 1987 في موقع مكتبة البابطين" وكان في ذلك الوقت عبارة عن مواقف لوزارة التخطيط وفي مكان خلف "مسجد الخميس" وهو موقع البنك المركزي الجديد وقرب (مسجد الشرهان) وهو موقع المكتبة الوطنية حاليا وخلف "ديوان الشملان" الذي اصبح الآن ضمن القرية التراثية.
وتم الكشف في جميع المواقع المذكورة عن أسس لمنازل تمثل العمارة الكويتية رصفت أرضيات بعضها بـ"الآجر" كما عثر على آبار مياه داخل المنازل و"تنانير" وبعض الجرار الفخارية المختلفة. إن النتائج التي يتم التوصل إليها خلال أعمال التنقيب الأثرية أغلبها متغير وهي ترتبط بمواصلة العمل الميداني وقراءة الحدث التاريخي ومعرفة نتائج العمل الميداني في مواقع أخرى معاصرة حيث يقدم المزيد من العمل الميداني صورة أوضح للمجتمعات التي عاشت على موقع ما في فترة ما.

آخر الأخبار