الجمعة 27 سبتمبر 2024
39°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
الأولى   /   الافتتاحية

مجلس الأمة... مُخرجاتٌ باهتة وحكومةٌ بلا قوة

Time
السبت 27 مايو 2023
View
14
السياسة
أحمد الجارالله

عباقرةُ السِّياسة في الكويت يُحاولون "اختراع الماء السّاخن" عبر تدوير المُشكلات التي تُعاني منها البلاد، ويفتعلون العراك في ساحة الانتخابات، من خلال معركة شعارات عفا عليها الزمن، فمنذ ما قبل معرفة النتائج، أظهر كلٌّ منهم ترسانته سعياً إلى حيازة منصب ما في مجلس الأمة، الذي على ما يبدو لن يُغيِّر من الواقع شيئاً، بل ربما يكون نسخة مُشوَّهة عما سبق.
لهذا، بانت ملامح مخرجات الانتخابات، في المضمون، وليس في الشكل، فالأسماء ليست هي الهدف، إنما الطريقة التي سيتعامل بها النواب بعد السادس من الشهر المقبل، ولهذا انطبق المثل: "كأنك يا بوزيد ما غزيت" على الكويت، بل هناك كثير من الكويتيين يقولون حالياً: "اللي هذا أوله ينعاف تاليه"؛ لأنَّ الأصل في المقاربة الانتخابية هي من تكون لديه القدرة على فرض حل لهموم الشعب، بعدما وصل الأمر إلى حدٍّ لم تعد فيه الناسُ تثق في النواب.
في المقابل، لم تُقدِّم الحكومات، ومنها الحالية، ما يُمكن التعويل عليه لإخراج البلاد من المأزق، بل هي تعمل على ردِّ الفعل، ولهذا ليس لديها أي مشروع دولة للتنمية، خصوصاً في مواجهة المتغيرات الإقليمية والدولية، وضغط الحروب المُتأججة في أكثر من منطقة، وكيف يُمكنها مواجهة الأسعار المُتذبذبة للنفط، والأزمة المالية التي تلوح في الأفق جرّاء الوضع المالي للولايات المتحدة، والتبعات التي سترخي بظلالها على الاستثمارات الخارجية.
للأسف، هناك من يعتقد أن الوضع لن يتغير، وأن "الأمور زينة"، أو أنَّ رفع الأسعار هو نتيجة طبيعية لانخفاض القيمة الشرائية لعملات الدول المصدرة للسلع، بل لا يزال هناك من المستشارين، من يرفع شعار "الله لا يغير علينا"، و"ماكو إلا العافية"؛ لأن هؤلاء يسعون إلى تقديم استشارات للمسؤولين مبنية على رؤية خاصة بمصالحهم الشخصية، وليس مصلحة الشعب والدولة.
كنا ذكرنا في مناسبات عدة، أن هيبة الدولة وقوتها هي بقرار قائد، وهذا ما فعلته سنغافورة مع كوان لي، والصين مع دينغ شياو بينغ، إذ إنه رغم أن ماو تسي تونغ مؤسس الدولة الحديثة، إلا أن النهضة عند الصينيين يعود فضلها إلى دينغ شياو، فيما لا أحد يتذكر هوا جيو فينغ، الذي خلف ماو تسي تونغ، واليوم الجميع يراقب إنجازات الرئيس الحالي شي جين بينغ، بينما لا أحد يتذكر هو جينتاو، بل في العام 2017 صوت مؤتمر الحزب الشيوعي الصيني لإدراج اسم الرئيس شي جين بينغ وفكره في دستور الحزب وجعله بالمنزلة التي يتمتع بها مؤسس الحزب الراحل ماو تسي تونغ.
كذلك الولايات المتحدة فمن بين 46 رئيساً لا يتذكر الشعب الأميركي غير خمسة أو ستة منهم؛ لأن هؤلاء عملوا على ترسيخ اسمهم في التاريخ بالأعمال الجليلة التي قدَّموها لأمتهم، سواء كان جورج واشنطن، أو إبراهام لينكولن، أو روزفيلت، أو أيزنهاور، أو ترومان، أو ريغان، الذي انتصر على الاتحاد السوفييتي من دون حرب.
كل هؤلاء كان لديهم حكومات، ومجالس نواب، وبعض دولهم عانت من مشكلات بين النواب والحكومة، بل حتى إنها شهدت اضطرابات سياسية شعبية، لكنهم كانوا يمسكون دفة توجيه السفينة إلى الإنجازات، ولم يُديروا بالهم لمناكفات ومهاترات النواب، أو استجواباتهم، ولا عقدت حكوماتهم صفقات لمنع الاستجواب عن رئيس مجلس الوزراء، أو أي من أعضاء فريقه، بل في المملكة المتحدة هناك استجوابات يومية للوزراء، ولرئيس الحكومة، ولم تتضعضع أحوال الدولة؛ لأن قرار القيادة، وحتى طموحاتها، هو من يعمل به الجميع.
كما لن يلتفت مطبخ القرار إلى وسائل التواصل الاجتماعي؛ لأن القناعة هناك أن الدولة لا تحكمها تلك الوسائل، بل ستراتيجية دولة تضعها القيادة والجميع يعمل بوحيها، وتكون المراقبة صارمة على كل المؤسسات، والحزم بمنع، أياً كان، من التعدي على مصالح الدولة، أو المال العام، وليس أياً منها مقولة: "هذا ولدنا".
الكويت اليوم، وفي ظلِّ ما تُعانيه، بحاجة إلى إرادة قرار، وليس انتظار مجلس أمة كلنا نعرف، ومن خلال ما يقوله المرشحون، أننا "لا طبنا ولا غدا الشر"، وهذا يعني أننا بحاجة إلى وجود سلطة تنفيذية لديها إمكانية التغيير نحو الأفضل؛ كي تخرج البلاد من المأزق السياسي والتنموي الذي أدى إلى جملة أزمات، وتراجع كل شيء في الدولة.
آخر الأخبار