الجمعة 09 مايو 2025
35°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
كل الآراء

مجلس النقد... اقتراح غير مناسب (1من 2)

Time
الاثنين 11 يناير 2021
View
5
السياسة
د.لويس حبيقة

يكثر الحديث هذه الأيام عن فكرة إنشاء مجلس نقد في لبنان، بالرغم من الحسنات النظرية لهذا المجلس، نرى أن انشاءه غير ضروري، خاصة في هذه المرحلة، حيث يجب على الدولة اللبنانية أن تفعل المؤسسات الموجودة ولا تخلق مؤسسات أخرى موازية.
سقوط العملات الاسيوية بنسب كبيرة في 1997 طرح مسائل الاستقرار النقدي وكيفية تحقيقه بأقل تكلفة ممكنة عبر مجالس نقدية، سقوط هذه العملات بالسرعة التي حصل بها أفقد ثقة المجتمع الدولي بالمؤسسات الوطنية والعالمية المشرفة على الاقتصاد الاسيوي، يحصل اليوم أمر مماثل في لبنان حيث سقطت الليرة من 1500 للدولار الى ما يقارب الـ 10 آلاف، لذا تعود الى الواجهة المجالس النقدية Currency Boards لتحقيق الاستقرار، هل تشكل هذه المجالس الحلول الأفضل لتجنب أزمات نقدية أو انها في الواقع معالجة سطحية لأزمات ظاهرها نقدي وقلبها اجتماعي واقتصادي ومالي وسياسي؟
يهدف المجلس النقدي الى تثبيت سعر صرف العملة الوطنية تجاه الدولار أو اليورو قانونا أي بالتصويت في مجلس النواب ما يجعل تعديل سعر الصرف أمرا صعبا جدا، يمكن لكل مواطن أن يحول عملته الوطنية الى العملة الدولية والعكس بالعكس ساعة يشاء بسعر الصرف الثابت.
تكمن المشكلة في حصول المجلس النقدي على العملة الصعبة بالكميات الكافية وهذا ليس بديهيا كما تشير اليه تجربة الأرجنتين، حيث سقط المجلس دفعة واحدة وانهار كل الاقتصاد.
في لبنان يثبت سعر الصرف اليوم المصرف المركزي وهذا يعطيه المرونة للتعديل اذا اقتضت الحاجة، هل لنا ثقة في مصرفنا المركزي؟ اذا كان الجواب سلبيا، فلماذا ستكون لنا ثقة في أي مجلس نقدي مستقبلي؟ ربما نجحت الفكرة في بلغاريا لكن عوامل النجاح أي خاصة الوجود في قلب أوروبا والانضباط الاداري والسياسي لا تتوافر في لبنان.
فكرة مجلس النقد نشرها أساسا الاستعمار البريطاني في بعض الدول الأفريقية والاسيوية بدأ بجزيرة موريشيوس في سنة 1849، سعر الصرف الثابت يقيد السلطات النقدية محددا من امكانية الاصدار النقدي الذي يؤدي الى هبوط سعر صرف العملة الوطنية اذا لم ترفع الفوائد، تثبيت سعر الصرف ينقل فعلا السلطة النقدية الى الدولة التي ثبت سعر الصرف مع عملتها، الهدف تحقيق الاستقرار النقدي وتقوية الثقة بالعملة الوطنية.
ما الضرورة لانشاء المجلس النقدي في لبنان ولماذا لا يقوم المصرف المركزي بهذا الدور؟ في الدول التي لا تعتبر مصارفها المركزية مستقلة قانونا أو واقعا عن السلطات السياسية يصبح لانشاء مجلس نقدي فوائد كبرى لدعم الاستقرار النقدي والثقة به. السؤال: لماذا ننتظر من أي سلطة سياسية احترام استقلالية المجلس النقدي عندما لا تحترم استقلالية المصرف المركزي؟ طبقت المجالس النقدية في أكثر من 14 دولة كالأرجنتين وبلغاريا والبوسنة وليتوانيا وكانت نسب النجاح والفشل مختلفة جدا.
غابت فكرة المجالس النقدية عن السمع لسنوات، غابت لأنها نبعت من الاستعمار الغربي وما كان للاستقلال الحديث الا ليطيح بها، كما ان زيادة ثقة أو معرفة الدول المستقلة بادارة الشؤون النقدية الوطنية ساهمت في الاطاحة بهذه المجالس المتخصصة، فلما نعود اليها اليوم؟
أولا: وجد صندوق النقد الدولي أن متوسط مؤشر التضخم في الدول التي اعتمدت المجالس النقدية كان 4% أقل من التي اعتمدت فقط سعر الصرف الثابت، حجم تقلبات هذا المؤشر كان أقل بكثير في الدول المعتمدة للمجالس النقدية، يعود ذلك الى الحد من نسبة زيادة الكتلة النقدية.
ثانيا: نمت الدول المعتمدة للمجالس النقدية بنسب أعلى من الدول التي اعتمدت فقط على سعر صرف ثابت لعملتها الوطنية، كما ان سياساتها المالية كانت أكثر اعتدالا واتزانا.
من المساوئ الرئيسية لسياسة سعر الصرف الثابت مع مجالس نقدية أومن دونها هو عدم تأقلمه مع المتغيرات الاقتصادية الداخلية والعالمية وبالتالي يصبح أحيانا غير واقعي يحدث خللا نقديا وماليا يتفاقم مع الوقت.
فهل اعتماد المجالس النقدية كفيل بتحقيق الاستقرار النقدي أم يمكن أن يتحقق ذلك عبر مصارف مركزية مستقلة؟

خبير اقتصادي لبناني
آخر الأخبار