الجمعة 27 سبتمبر 2024
35°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
منوعات

محمد عبلة: المشاعر والطاقة تترجمان أفكاري لوحات تنبض بالجمال

Time
الثلاثاء 03 يوليو 2018
View
5
السياسة
القاهرة - صفاء عزب:

من رواد الفن التشكيلي في مصر والعالم العربي، استطاع خلال مسيرة تقترب من 40 سنة، أن يبهر جمهوره بأعماله المتميزة وإبداعاته التي تفيض جمالا وإثارة لم يكتف بدراسته الأكاديمية بمصر، بل سافر إلى أوروبا لينهل من مؤسساتها الفنية الرفيعة، ما يشبع رغبته الدائمة في البحث، الاطلاع، المعرفة، عشقه للتجريب، ما انعكس على مستوى أعماله، تجاربه الفنية شديدة التنوع والمبتكرة، التي يفاجئ بها جمهوره مع كل معرض جديد وتحمل بصمته المميزة.
عن أعماله، معارضه، تجاربه الذاتية، أجرت «السياسة»، هذا الحوار مع الفنان التشكيلي «محمد عبلة».
ماذا يشغلك هذه الايام؟
اعيش تجربتين فنيتين، مثيرتين، متشابكتين، إحداهما معرض «طريق الحرير»، المقام في دبي منذ شهر ويمتد لفترة أخرى، الثانية معرضي الذى أقيمه بداية شهر ديسمبر، أعرض فيه أعمالا قديمة لم تر النور من قبل، لم يطلع عليها أحد، تبوح بأسرار فنية جديدة لأول مرة.
ماذا عن ذكرياتك في الكويت؟
تحمل الكويت ذكريات طيبة بالنسبة لي، أخر معارضي قبل «طريق الحرير « هذا العام، كان معرض « القاهرة والناس «، في قاعة «بوشهري «، قبلها بسنوات طويلة فزت بجائزة الشراع الذهبي في بينالي الكويت 1996 لكن كانت أول زيارة لي في معرض هذا العام.
ما انطباعك عن الكويت؟
الكويت حافلة بالإنجازات والابداعات الممتعة، وهي من أكثر الدول العربية التي تحظى بتعليم جيد، لديهم بنية ثقافية راقية، تسبق كل دول الخليج، يهتمون بالموسيقى، لديهم دار أوبرا، نجحوا في استغلال ثرواتهم في الارتقاء بمستوى الثقافة لديهم.
ماذا عن معرضك الحالي «طريق الحرير»؟
المعرض مرتبط بحكايات تاريخية عن طريق الحرير القديم، الذي كان يمتد من الهند عبر دول عدة، كان فرصة لتواصل الحضارات وتبادل الثقافات، استوحيت الجانب التاريخي بما يعكس حضارات وحياة الشعوب آنذاك.
ما الدافع وراء اختيارك «طريق الحرير» ليكون موضوعا لمعرضك؟
راودتني الفكرة خلال زيارة قمت بها للهند منذ عدة سنوات، اطلعت هناك على كتاب يتناول طريق الحرير، أثارني ما اكتشفته فيه، من جوانب ثقافية جذابة في تلك الفترة لا تقل أهمية عن الجوانب الاقتصادية المرتبطة به، استغرقت شهورا طويلة أفكر في الموضوع وكيفية تنفيذه، بعدها بدأت العمل في لوحات المعرض على مدار عامين تقريبا حتى خرجت اللوحات المعرض للنور.
ما أهم الملامح الفنية للمعرض؟
مجموعة من اللوحات تجمع بين أنواع عدة من الفنون التشكيلية، تجتمع كلها لتجسيد حكايات وروايات عن عادات شعوب، مظاهر حياة، طرق معيشة، للبلاد التي يمر بها طريق الحرير من الهند وحتى الشمال الإفريقي.
ما سر التميز الذي تحمله أعمالك الفنية وسحر المعادلة بين الخطوط والألوان ؟
بشكل عام، كل فنان يحاول البحث عن وسيلة يستخرج بها أفكاره وإبداعاته ، بشرط أن تكون هي الوسيلة الأقوى والأسرع للتعبير عن أفكاره. وسيلة الفنانين دائما هي الخطوط، الألوان، المساحات، من جانبي أحاول أن تكون إمكانياتي التكنيكية طوع يدي، لأعبر بسلاسة عما أريده وعن أفكاري. الموضوع يحتاج لجهد كبير، عمل دؤوب، بحث دائم وعميق، قراءة في كل الاتجاهات عن المعرفة، ما يستلزم مني تجريبا كثيرا للوصول للفكرة التي أبحث عنها.
كم تستغرق من الوقت لترجمة مشاعرك إلى عمل مرئي؟
لا تستغرق معي وقتا طويلا، قد أنتهي منها في يوم وليلة، انه أقصى تقدير للوقت الذي استغرقه في رسم لوحة، أسرع عمل هو اللوحات، لكن تبقى الفكرة الخاصة باللوحة، المرحلة التي تسبق الرسم، قد تستغرق مني أسابيع قبلها. في مرحلة ما قبل الرسم، أظل مشغولا باللوحة لمدة أسبوعين أو ثلاثة، قد تمتد لشهرين قبل بدء الرسم، لأنني أبقى في حالة تركيز مع القراءة ولمدة طويلة. بشكل العام تستغرق لوحاتي مني وقتا طويلا في الإعداد بالقراءة، الاستماع للموسيقى، مشاهدة الافلام ذات صلة بالموضوع الذي يشغلني، بحيث يحدث نوع من الامتلاء بالمشاعر والطاقة التي تدفع للتدفق لتنسكب معها الأفكار على اللوحة.
هل تعرض كل اللوحات التي ترسمها؟
أرسم كثيرا ولا أعرض منها إلا القليل، اذا رسمت عشر لوحات، قد أكتفي بعرض واحدة فقط، أرسم بحرية وانطلاق تام، عندما انتهي وأشعر أنني قلت ما عندي أكتفي بعرض واحدة. لست ممن يحب أن يرى الناس ما أقدمه، أود الاحتفاظ بلوحات لأراها أنا فقط، لأنها تحمل لي خصوصية معينة. أما التفكير في المعرض واختيار لوحاته فهي مسألة تخضع لاعتبارات كثيرة منها قاعة العرض.
لماذا ترسم لوحات ولا تحب أن يطلع عليها الناس؟
لما فيها من علاقة خصوصاً بيني وبينها، هناك أعمال كثيرة جدا رسمتها ولم تعرض، قد اعرضها بعد عشر سنوات، يوم 6 ديسمبر لدي معرض يضم أعمالا لم تعرض من قبل، رغم أنني رسمتها في الثمانينيات والتسعينيات، هناك أعمال أحب أن أحتفظ بها لنفسي خلال فترة معينة، أشعر بحاجتي لإطالة النظر والتأمل لهذه الاعمال.
لماذا تتسم أعمالك بالطابع المصري؟
أنا مصري، لابد أن يكون لذلك أثره على لوحاتي، حتى لو لم يصنع الفنان المصري أعمالا مصرية بحتة، تظل مصرية بحكم المزيج الذي يتكون منه أيضا، لأن المصريين ليسوا لونا واحدا، عندما يكون الفنان صادقا فيما يقدمه من إبداع، يخرج الفن متأثرا به كمصري، من دون قصد منه، بل من خلال الرغبة في التعبير عن النفس.
لماذا خصصت جائزة تحمل اسمك دعما لأفلام التحريك؟
لأنني لاحظت وجود قطيعة بين من يصنعون السينما ويدرسونها ولا يعرفون شيئا عن الفن التشكيلي، تعمدت أن ينشغلوا أيضا بالفن التشكيلي، لذا قررت تخصيص جائزة لأفلام التحريك «الانيميشن»، التي تقوم على أعمال تشكيلية، أي أنهم يستعينون بأعمال فنانين تشكيليين ويحركونها ما يدفعهم للقراءة عن الفنان، محاولة مني لتحفيز الشباب على الاهتمام بالفن التشكيلي.
هل حققت نجاحا؟
سعيد بالتجربة في دورتها الأولى بعدما لمسته من ردود فعل طيبة من الشباب خلالها، أستعد للدورة الثانية في شهر فبراير المقبل إن شاء الله.
هل الشباب أكثر حظا ممن سبقوهم لكنهم أقل موهبة وفنا؟
بالطبع، محظوظون بكثرة وتنوع الوسائل، المعرفة، كم المعلومات الكبير، لكن ينقصهم القضية التي تشغلهم، تجعلهم يوظفون كل هذه المعارف الجديدة من أجل خدمتها. من ناحية أخرى مظلومون بالطبع بسبب سوء التعليم، تدني مستواه حيث تتخرج أجيالا كاملة بلا وعي كاف، ثقافتهم ضحلة، انها مشكلة كبيرة.
ما تقييمك للمناخ التشكيلي في الفترة الحالية؟
حركة الفنون التشكيلية الحالية لها جانبان أو وجهان، أحدهما يتعلق بالإمكانيات والفرص المتاحة، أي الوسائل والادوات، الآخر يتعلق بالشباب أنفسهم، للأسف ينقص الشباب أن يكونوا على نفس القدر من الايقاع، لابد أن يجتهدوا أكثر، يتحركوا نحو العلم والمعرفة بشكل أكبر، ليستطيعوا مجابهة الواقع ومواكبة مستجداته.
ماذا عن دور كليات الفنون؟
للأسف الشديد نظام تعليم الفنون في مصر والعالم العربي، بشكل عام، سيء جدا، لأنه يتنافى مع مضمون دراسة الفن، الدراسة تحتاج نوعا أكبر من الحرية والتجريب، لكن ما يحدث لدينا هو انشغال زائد بالمناهج المكدسة، التفاصيل الروتينية، التي تعطل الإبداع عند الطلبة والمدرسين. المدرس محكوم بجداول ومستحدثات تسمى الجودة، تشغل الأساتذة طول السنة بأوراقهم لتكون دقيقة، بينما الأمر على أرض الواقع ليس على ما يرام. لذلك أرى أن دراسات الفنون في مصر تحتاج الى تغيير شامل.
ألهذا السبب سافرت للتعلم بالخارج؟
لا أستطيع القول أن السفر علاج لمشكلة التعليم ببلادنا، لكنه بالنسبة لي كان حلا لأنني عندما أنهيت دراستي الجامعية، شعرت برغبة في الاستزادة من العلم، نظرت حولي فلم أجد المنافذ التي يمكن أن تشبع رغبتي في المعرفة وتنمية مهارات جديدة، كان لابد من السفر، وفي السبعينات لم يكن هناك انترنت ولا وسائل معرفة، كما هي الآن، كانت المعرفة صعبة جدا ولا وسيلة للحصول عليها إلا السفر لمشاهدة الفن على الطبيعة، أما الآن فالمسألة أسهل، أصبح الفن متاحا للجميع، شرط معرفة كيفية تحقيق الاستفادة، وجود إرادة لها، لذا نحتاج لهزة قوية في تعليم الفنون في الوطن العربي كله.
ما رأيك في ظاهرة الورش الفنية الخاصة ودروس الفن الخصوصية؟
الظاهرة ليست جديدة، كانت دائما موجودة في مصر منذ سنوات طويلة، كانت هناك مدارس لفنانين كثيرين للدروس الفنية، معظم الفنانين الرواد تعلموا بهذه الطريقة، لكنها كانت محدودة ويقوم عليها فنانون كبار. أنها ظاهرة إيجابية كأحد الوسائل لتعليم الفنون للراغبين، خصوصاً لمن لم يحالفهم الحظ في الالتحاق بكليات الفنون، من خلالها يستعيدون حماسهم للفنون بالتعلم من خلال كورسات خصوصاً على أيدى فنانين، نصيحتي لهم بضرورة التدقيق في اختيار من يمكنهم التعلم على أيديهم، لأنهم قد يلتحقون بورشة للتعلم على يد فنان، هو نفسه لم يتعلم جيدا.
لماذا أنشأت مركزا خاصا للفنون في قلب الريف ؟
أرفض أن تتركز كل الفاعليات، الجمعيات، المراكز الثقافية في القاهرة، لذلك فضلت إقامة مركزي الخاص للفنون خارج العاصمة، اخترت الفيوم كمنطقة ليست بعيدة لتكون مقرا له، المركز يقدم عدة أنشطة، منها ورش لتعليم الفنون المختلفة، لدينا متحف للكاريكاتير، نستقطب فناني العالم للتدريس بالمركز، نستهدف شباب الفنانين من مصر وخارجها للتجمع في مكان واحد، الاستفادة من خبراتهم على مدار تجربة عمرها 13 سنة.
ما تقييمك لها؟
جيدة، ساهمنا في إبراز جيل جديد من شباب الفنانين في مصر والعالم ممن استفادوا من تجربتنا وخبراتنا الفنية، ما منحنا دفعة كبيرة للاستمرار. أسعدني رد فعل واستجابة أبناء وجه قبلي وبحرى، لاشك أن هناك وعيا كبيرا، الوعي هو الأساس للتوجه والدافع الشخصي للمعرفة.
ما رأيك في حركة النقد التشكيلي العربي؟
الحركة النقدية لا ترتقي للحركة الفنية، لعدم وجود أجيال جديدة من النقاد، أصغر ناقد لدينا عمره 70 سنة، رغم أن لدينا معهدا للنقد الفني، لكنه للأسف لا يخرج لنا نقادا لا في الفنون ولا في غيرها، لأن نظام التدريس عقيم جدا، لا يرقى لإعداد أي ناقد في مجالاته. الحل يكمن في ضرورة أن تكون دراسة النقد مفتوحة على كل الآفاق الفنية، موسيقي، فنون تشكيلية، سينما، الخ.
كم سنة قضيتها في الفن؟
أمارس الفن منذ 40 سنة تقريبا، تحديدا منذ العام 1978.
هل تشعر بالرضا عن هذه المسيرة؟
راض تماما، لم أقصر في شيء.
هل أنت راض عن تعامل الآخرين مع فنك؟
وطنت نفسي ألا أنتظر تقديرا، اهتماما، جوائز من جهات أو أفراد، لم تشغلني هذه الأمور أبدا، انشغالي الدائم بالفن، تلك الأمور الأخرى لا تعنيني، لم يحدث أبدا أن تقدمت لجائزة أو دخلت في منافسة مع شخص، مصدر رضائي أنني أعمل باختياري في مجال من اختياري، سعيد بذلك.
ما الذي تتمنى تحقيقه؟
أتمنى أن أقدم في العام الجديد معرضا للنحت. فأنا لدي أعمال فنية نحتية كثيرة، لم تخرج للنور، ككثير من رسوماتي أيضا، لي منحوتات معروضة خارج مصر، منها، تمثال في ميدان كبير بألمانيا من تصميمي وتنفيذي. النحت من الفنون التي
أعشقها، حاليا مشغول بالإعداد لهذا المعرض، الذي يضم أعمالا متنوعة في العام المقبل، أتمنى أن تلقى أصداء طيبة في الوسط التشكيلي.

آخر الأخبار