الأربعاء 25 يونيو 2025
34°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
منوعات

محمد عفيفي... صاحب "شلة الحرافيش"

Time
الثلاثاء 28 أبريل 2020
View
5
السياسة
الساخرون على مائدة رمضان

إعداد – ريندا حامد:


"عزيزى القارئ، يؤسفنى أن أخطرك بشيء قد يحزنك بعض الشيء وذلك بأننى قد توفيت، وأنا طبعا لا أكتب هذه الكلمة بعد الوفاة "دى صعبة شوية" وإنما اكتبها قبل ذلك، وأوصيت بأن تنشر بعد وفاتى، وذلك لاعتقادي أن الموت شيء خاص لا يستدعى ازعاج الآخرين بإرسال التلغرافات والتزاحم حول مسجد عمر مكرم، حيث تقام عادة ليالى العزاء، وإذا أحزنتك هذه الكلمات، فلا مانع من أن تحزن بعض الشيء، ولكن أرجو ألا تحزن كثيرًا".
بهذه الكلمات وبأسلوب يعجز عنه أكبر الأدباء الساخرين، كتبها الساخر محمد عفيفي بنفسه لنفسه قبل وفاته، وقبل أن يرحل عن حياتنا، يودع من أحبوه من جمهوره القراء والأصدقاء، وأوصى بألا ينشر هذا النعي في صفحة الوفيات بالطريقة العادية التي ينشر بها، وإنما كخبر خفيف ظريف أشبه بـ"نص كلمة" الشهيرة التي يكتبها الكاتب الكبير والساخر أيضا أحمد رجب، ليرسم الابتسامة على شفاههم، كما كانت عادته دائما في حياته، فيجعلها أيضًا رسالته بعد مماته، وقد تم تنفيذ وصيته بالفعل فلا نعي ولا عزاء ولا حزن على هذا الكاتب الساخر الذي أطلق عليه الكاتب محمود السعدني لقب "الساخر العظيم".
ولد الكاتب محمد حسين عفيفي في 25 فبراير 1922، حصل على ليسانس الحقوق عام 1943، ودبلوم الصحافة عام 1945، كان من عادته أن لا يترك شيئا أو موقفا او حدثا للصدفه، فقد تزوج فى يوم عيد ميلاده، فالزواج بالنسبة له يعد الميلاد الثانى للإنسان ولكن عام 1950، من السيدة اعتدال الصافي وأنجب ثلاثة أبناء، ووافته المنيه يوم 5 ديسمبر 1981 بعد صراع ساخر مع المرض الخطير.
من أقوال عفيفي التي تضمنتها كتاباته: "لو أنني عملت بنصيحة الشاعر وامتنعت عن إجابة السفية إذا نطق فمعني ذلك أنني سأقضي معظم حياتي ساكتا"، "حين تنظر إلى وجوه الجالسين على المقهى أثناء مرور أنثى جميلة تدرك أن قراءة الأفكار ليست من الأمور المستحيلة "، "إذا نظرت إلى القمر وتنهدت فأنت عاشق، وإذا نظرت إليه وتصعبت فأنت فيلسوف، وإذا نظرت إليه وتثاءبت فأنت أنا".
والمتأمل في كتاباته يجدها بالمعاني والسحر والذوق الخاص الذي اختص به عن كتاب جيله، والأجيال التي تلته، فسخريته كانت من طراز خاص، ورغم أنه لم ينل ما يستحقه من الشهرة، لكن ذلك لا يقلل من عظمته، والسبب أن كتاباته لا يفهمها إلا الأذكياء والمثقفون، فمن يريد فهم مغزى السخرية فيها عليه أن يتمعن في معانيها، وهذا يتوقف على مدى ثقافة وذكاء القارئ، وليس بغريب أنه بعد فهم معاني كلماته ينتاب القارئ نوبة من هيستيريا الضحك التي لا تنتهي، وبسمة على الشفاه لا تعوض".
على الرغم من الموهبة الفريدة التي امتلكها الكاتب محمد عفيفى، إلا أن أعماله كانت قليلة، ولكنها رائعة كيفًا وأدبًا، ومن أشهر أعماله كتاب "تائه في لندن"، فكلماته لها فلسفة خاصة تجعل القارئ ينتابه هستيريا من الضحك المتواصل، إلى جانب المعلومات العامة والطرائف والثقافة الجغرافية والتاريخية أيضًا، ومن أعماله أيضًا "أنوار" مجموعة قصصية، و"التفاحة والجمجمة" مسرحية، و"بنت اسمها مرمر" قصة، و"فانتازيا فرعونية" رحلات، و"شلة الحرافيش" قصة، و"سكة سفر" رحلات. "ترانيم في ظل تمارا" آخر أعمال عفيفي التي تعد أروع ما كتب، حيث تحتوي على تأملات رجل ينتظر الموت يحدث جميع الكائنات المحيطة به من طير وشجر ونسمات هواء، فكتابات هذا الكاتب تعتبر إدمان، يكفى أن نعلم أنه كان من "شلة الحرافيش"، التي كونها أديب مصر العالمي نجيب محفوظ، وهو من اختار اسم كتابه الأخير.
وللكات ب أيضًا سلسلة مقالات منها "ابتسم من فضلك"، و"ابتسم للدنيا"، و"ضحكات عابسة"، و"ضحكات صارخة"، و"للكبار فقط".
آخر الأخبار