الثلاثاء 24 سبتمبر 2024
36°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
منوعات

محمود المليجي ... المحطة الأخيرة نضج وتألق في "المرحلة الشاهينية"

Time
الأحد 10 يونيو 2018
View
5
السياسة
الشرير والشرس والطيب 4-4

* المخرج العالمي أجاد العزف على قدراته بعدما ضبط أوتاره
* عضو مجلس الشورى توفي خلال تصوير "أيوب" في مشهد مثير
* أعاد تمثيل أحد مشاهد فيلم "الأرض" 22 مرة رغم الاحتجاج
* سجل تاريخاً مختلفاً بأداء سهل ممتنع في "رجل اسمه عباس"


القاهرة – علاء الدين يوسف:

المحطات الأخيرة في مسيرة الفنان القدير محمود المليجي هي بحق "المرحلة الشاهينية" الأكثر أهمية في تلك المسيرة العامرة بالإنجازات والأعمال الفنية البارزة، وتعتبر كذلك سنوات التألق المرتبط بالنضج الفني والأداء التعبيري والإنساني الفريد من نوعه، ولقناعة المخرج الكبير يوسف شاهين بقدراته وامكاناته الفنية الهائلة، استعان به على وجه التقريب في كل أعماله السينمائية، التي أخرجها وأنتجها منذ نهاية الستينات في القرن الماضي وحتى رحيل المليجي عام 1983، ولكن كان لابد أن تكون للمخرج الكبير بصماته الشخصية الإبداعية على الفنان الكبير ليحصل منه على أكبر قدر من التألق ويخرج أفضل ما لديه، ما جعل النجم نور الشريف يؤكد في حديث تلفزيوني قبل أشهر من رحيله، أن يوسف شاهين أجاد العزف على قدرات المليجي بعدما ضبط أوتاره تماما، كما يجيد العازف ضبط أوتار آلته الموسيقية قبل العزف عليها ليضمن حصوله على أفضل إبداع ممكن.
المخرج يوسف شاهين تحدث في تصريحاته الصحافية عن المليجي قائلا: محمود أبرع من يؤدي دوره بتلقائية لم أجدها لدى أي ممثل آخر، كما أنني شخصياً أخاف من نظرات عينيه أمام الكاميرا... شاهين اعتبر المليجي ممثلاً عبقرياً بشتى المقاييس، ويراه أكثر الممثلين احترافية في التعبير بلغة العيون أمام الكاميرا، تلك اللغة التي كان يهوى شاهين تسليط الضوء عليها في أفلامه السينمائية، فكان المليجي يؤديها بشكل يبهر شاهين ذاته، ومن المؤكد أن محمود المليجي كان يشكل ليوسف شاهين حالة إبداعية من نوع خاص.
قال شاهين بعد رحيل المليجي: كنت أرى فيه صورة أبي، إن العلاقة الفنية بينهما حملت قدراً من الخصوصية ليست فقط الأبوة بمعناها المباشر بقدر ما هو الارتباط الذي يعني امتزاج الدماء الفنية.. وهكذا كان المليجي يشكل الحالة الإبداعية التي يحلم بها يوسف شاهين، فصار للمليجي أدوار أساسية في أفلام "الأرض" و"الاختيار" و"العصفور"و "الناس والنيل" و"عودة الابن الضال" و"إسكندرية ليه" و"حدوتة مصرية" وجميعها أخرجها شاهين. شهد فيلم "ابن النيل" عام 1951 أول تعاون يجمع بين شاهين والمليجي، ليتبعاه بمزيد من الأعمال المشتركة في أفلام "جميلة" عام 1958، و"حب إلى الأبد" عام 1959، و"الناصر صلاح الدين" عام 1963.
العملاق خرج من القمقم في فيلم "الأرض" الذي عرض عام 1970، ولكن كان هذا هو الوجه الأول للعملاق محمود المليجي، أولا يوظف شاهين طاقة المليجي بعيداً عن ملعبه المسجون فيه "الشر"، فيدخل بدور ربما ليس جديداً عليه تماما وعلى المشاهدين، حتى وإن كنا شاهدنا المليجي في أدوار غيره قبل ذلك، ولكن تظل شخصية الفلاح "محمد أبو سويلم" منطقة لم يخطوها المليجي من قبل، شاهين يقرر استثمار ما قدمه المليجي في فيلم "الناصر صلاح الدين"، فيركز أكثر على نظراته ونبرة صوته، لتكون تلك هي أدوات المليجي التي يظهر بها طاقته، لتنفتح على المشاهد "طاقة القدر" من عيني المليجي، ويتحول من مرحلة "رصيف نمرة خمسة" (1955)، حيث المغالاة في الأفعال والحركات لمرحلة أكثر وهجاً ونضوجاً، يقول شاهين في لقاء تلفزيوني أنه جعل المليجي يعيد مشهداً محورياً في فيلم "الأرض" وهو (المشهد الخاص بذكريات جملة كنا رجالة ووقفنا وقفة رجالة) نحو اثنتين وعشرين مرة!!
وبرغم احتجاج المليجي أكثر من مرة مستشهداً باعجاب وتصفيق كل من في موقع التصوير بعد أدائه المشهد من أول مرة، إلا أن شاهين كانت له رؤية مختلفة ورغبة في تصوير مشهد مختلف، "محمد أبوسويلم" في مشهد محاكمة الآخرين ومحاكمة النفس ومحاكمة التاريخ.. بكل أستاذية كانت تتغير ملامحه ونبرات صوته وهو يواجه يحيى شاهين وعبدالرحمن الخميسي وعزت العلايلي وحمدي أحمد.. ولأن الحوار الذي كتبه المبدع الراحل حسن فؤاد يملك موسيقى الشعر، فإنه في كل مقطع ينتهي إلى نفس اللازمة "كنا رجالة ووقفنا وقفة رجالة" دون ملل.

ابداع بلا سقف
وربما ظن البعض وقتها أن هذا هو سقف موهبة المليجي، ولكن في الحقيقة كانت هذه البشائر، فبعده بعام يطل المليجي بوجه جديد في دراما نفسية معقدة من خلال فيلم "الإختيار" مع العلايلي وسعاد حسني بدور "فرج" رئيس المباحث المرتاب المتشكك ذو الأفق المحدود وغير القادر على استيعاب النفس البشرية وقصورها، "فرج" يطل علينا كأننا ننظر لأنفسنا، وقتها كان المليجي امام أحد أصعب الأدوار التي قدمها، ربما تكمن صعوبة "فرج" من الناحية النظرية في رحلته من عدم القدرة على الاستيعاب واستنكار كل ما هو مجهول أو غامض بالنسبة له، وعدم احتياجه للبحث عن اجابات لأسئلة أكبر من قدرته النفسية، إلى الشخص الذي يعترف بقصوره ورغبته في المعرفة، المليجي مع فرج "الاختيار" كان عليه أن يلجأ لهذا المارد ويجعله طوع أمره، "فرج" شخصية تسير على شفرة حادة للغاية فإن اختل توازنها قد تقع في فخ الافتعال الذي يفقدنا التعاطف مع الشخصية، وإذا اهتزت فقدت بريقها وفلتت خيوط صراعها منه، لذلك شاهين جعل المليجي في "الاختيار" يسير على الحبل وهو يحمل فرج بداخله، المخرج أدهش المليجي، ففهمنا "فرج" وأزماته وصراعاته.
في "الاختيار" يصل المليجي لنهاية مرحلة فنية، ويبدأ بعدها مرحلة جديدة، مرحلة فرضتها أحكام العمر والسن، ولكن المليجي يدخل تلك المرحلة بموهبة شابة للغاية، وكأنما سقاه شاهين ماء الحياة من جديد، مرحلة تبدأ بشائرها في "العصفور" بشخصية "جوني" الهادئ، الذي يبدو غائبا عن الزمن والوعي والوجود بالكامل، لنكتشف أنه عكس كل هذا، "جوني" يخزن ويعرف ويشعر بكل ما يحدث، "جوني" هنا هو الأب الذي عاد في النهاية ليحرر ولو رمزيا العصفور من قفصه، ولكن ظلم المليجي هو حجم الدور ومساحته، حجم الدور الذي ظلم المليجي في "العصفور"، عوضه شاهين في "عودة الابن الضال"، حيث رؤية التشرذم العربي.
مشهد آخر في فيلم "إسكندرية ليه" ليوسف شاهين أخذ نفس الإيقاع الموسيقي الذي يعود دائما إلى نفس "اللازمة"، حيث كتب السيناريو والحوار محسن زايد، "اللازمة" هذه المرة هي كلمة "وعايزني أكسبها".. إنه هذه المرة المحامي الذي يدين المجتمع.. نعم يعلم أن أحمد زكي لن ينجو من حكم جائر، ولهذا تزداد جرعة السخرية المشوبة بالمرارة وهو يكرر "وعايزني أكسبها"!! ربما كان هذا المشهد هو قمة سقف موهبة المليجي العملاقة، في فيلم "إسكندرية ليه" المتخم بالنجوم والمواهب العظيمة.

خارج دائرة الضوء
قبل ولوجه للمرحلة الشاهينية، لم يتوقف المليجي عن الإبداع وقدم أعمالا تعتبر من علامات السينما رغم أنها لم تنل حظها من الشهرة ولا يقلل هذا من أهميتها، حتى ولو كانت خارج الأضواء، ولأن المقام لا يتسع هنا للحديث عن عديد من هذه الأفلام لكثرتها، نكتفي بعرض نموذجين منها، الأول فيلم "الدخيل" الذي يتناول من خلال معالجة بسيطة وهادئة وقائع الإغتصاب الصهيوني لأرض فلسطين، وذلك من خلال مرابي صهيوني، البائع المتجول "زكي" الذي يدخل بلدة صغيرة ويدعي الإغماء ويستضيفه العمدة فى بيته لإسعافه ويطلب زكي أن يستقبل أحدهم إبنته "اللعوب" فتنة "الفنانة ليلى فوزي" فيستقبلونها ويستضيفونها كذلك وتلعب "فتنة" بإبن العمدة، حتى يشترى زكي بعض عقارات البلدة وأراضيها بالخداع وبدون دفع ثمنها ويأتي بقومه ليعيثوا فسادا في الأرض إلى أن يتحد أهالي البلدة والبلاد المجاورة رغبة في القضاء على الدخلاء، أما الفيلم الثاني فهو فيلم بسيط جدا من إنتاج التلفزيون المصري عنوانه "رجل اسمه عباس" من بطولته بمشاركة الفنان عبدالله غيث ونجم المسرح كمال ياسين والنجمة سميحة أيوب، وتدور أحداثه في إحدى قرى الصعيد التي نقل إليها المليجي "مدرسا للتاريخ"، حيث الخوف والرعب اليومي بسبب دماء ظاهرة الثأر التي يتصدى لها المليجي بشكل فكري مختلف يتفق وتكوينه الفكري والفلسفي والإنساني، في هذا الفيلم البسيط قدم المليجي عرضاً بديعاً وأداء تمثيلياً بارعاً بتلقائية غير عادية تشعر من طريقة حديثه وأسلوب مشيته وهندامه أنك بالفعل أمام الأستاذ عباس مدرس التاريخ.
وهناك محطات أخرى فنية وإنسانية ينبغي التوقف عندها في مسيرة المليجي نظراً لأهميتها في استكمال الصورة، فرغم اعتباره واحداً من نجوم السينما، التي يصعب تكرارها، إلا أن الفنان المليجي لم يجد في نفسه ذلك على الإطلاق، بل كان دوماً يؤكد أنه وباقي الزملاء المصريين "عملة مستهلكة" وليس كما يصفونهم بالعملة الصعبة، المليجي ضرب مثلا بصديقه الشخصي النجم الأميركي روبرت تايلور، الذي ذهب ذات مرة لزيارته في الستديو أثناء تصوير أحد أفلامه، فوجده المليجي جالساً داخل سيارته الخاصة المزودة بتلفزيون وهاتف وثلاجة وسرير للراحة وركن خاص للكتب والسيناريوهات، وبمجرد اقتراب موعد وقوفه أمام الكاميرا تحركت به السيارة إلى مكان التصوير بالتحديد، ربما كان يتصور الفنان المصري أن يحدث هذا مع النجم السينمائي اللامع ولكن ما لم يكن يدور بخلده أن تايلور سيظل يرقب المشهد من شاشة التلفزيون، وعندما يوافق على أداء "الدوبلير" يضيء نور أحمر من السيارة فيسرع إليه الطبيب ليقيس الضغط الجوي والتكييف داخل العربة وخارجها ثم يسمح لتايلور بالخروج، وهذا ما حدث بالفعل!!
المليجي بعد كل ما رآه أكد أنه من الصعب وصفه بالـ "عملة الصعبة" ولكنه مع ذلك قال إذا رجعت عجلة الحياة إلى الوراء فلن يتمن أن يصبح شخصا غير محمود المليجي.. الشاب المكافح والرجل "العبيط" الذي لا يتعدى رصيده في البنوك الرقمين.
العالمية التي وصل إليها الفنان المليجي لم تكن أكثر من وصوله إلى مهرجان "كان" الفرنسي بفيلمه المصري العالمي "الأرض"، ولعل عدم اشتراكه في أفلام عالمية غربية لم يكن من قصور موهبة أو عدم التفات المخرجين العالميين، وإنما عزوف شخصي منه، ومع ذلك لم يكن وصول الوفد المصري إلى "كان" يليق بمكانة الفيلم العالمي أو بمكانة مصر السينمائية والفنية، فقد سافر المليجي إلى باريس وفي جيبه 67 دولاراً ولم يكن في استقباله أي شخص، أما الملحق الثقافي فكان في وداع شقيقته بالمطار وحينما رآه تركه وجرى، بحسب ما قال الفنان المصري في حوار مع مجلة "ألف ليلة وليلة" عام 1972، وأكد المليجي أن الكاتب عبدالحميد جودة السحار، نجوى إبراهيم وعزت العلايلي وغيرهم شهدوا على تلك الواقعة "كنا والله العظيم وفداً رسمياً كامل العدد، حتى ملصقات الدعاية وصلت إلى المهرجان في "زكيبة" فلم تعد صالحة للاستعمال طبعاً، ولم يعرض عليه بعد المهرجان السينمائي أيّة فرصة للعالمية، وقال أنه إذا حدث فلم يكن ليوافق على ذلك، لأن المصري في الأفلام الأجنبية، حتى التي تصور في القاهرة، لا يتعدى أدوار "الكومبارس" لأن منتجي ومخرجي هذه الأفلام يحضرون نجومهم من الخارج، ولا يمكن أن يفكروا في إظهار نجم عربي في هذه الأفلام، حتى لا يوجد لهم منافس آخر مثل عمر الشريف.

إحساس بالمرارة!
لم ينل المليجي بالفعل حظه من التقدير الرسمي المستحق في حياته وكان في "حلقه غصة" من أشياء سلبية كثيرة وعن هذا يقول: قمت ببطولة تمثيلية تلفزيونية اسمها "نحن لا نشرب القهوة" وكان دورا غير عادي قعدت أمثل فيه وحدي لمدة ‏80 ‏ دقيقة، وأدركت المخرجة أني قمت بجهد غير طبيعي فطلبت لي في مذكرة خاصة أجراً استثنائياً فجاء الرد موقعا عليه بالآتي، لم يجر العرف أن يتقاضي الفنان أجراً لمثل هذا السبب‏..‏ يغضبني من السينما ضعف إمكانات الستديوهات وكثرة الإنتاج الرخيص‏، وفي المسرح التعليقات السخيفة ومسابقة "قزقزة البذر"‏، ‏وكل الدنيا المسرح فيها تطور بالتكنولوجيا إلا في مصر‏، ‏وسمعت من المعاصرين للشيخ سلامة حجازي انه كانت عنده آلات ترش الثلج على المسرح وانه بنى كوبري فوق مسرح الأوبرا ليمثل أوبريت "‏الولدان الشريدان‏"‏ كل هذا في أوائل القرن العشرين‏.. وفي الإذاعة يغضبني نظام الدورة وعدم احترام مواعيد التسجيل والبروفات‏، ومن التلفزيون عدم التقدير والمعاملة اللاإنسانية‏، ‏ومن الزملاء الفنانين نظرتهم السطحية للعمل‏، ‏ومن فريد شوقي تصديقه لكل ما يقال عنه‏، ‏ومن رشدي أباظة تهوره واندفاعه، ومن صلاح أبوسيف تخصصه في نوع واحد من الأفلام‏، ومن فاتن حمامة ما يقال عن أنها لا تحب العمل معي‏، ‏ومن عماد حمدي حكيه الكثير‏، ‏ومن عادل إمام اهتمامه برفع أجره ونشر ذلك في الصحف‏، ‏ومن أمين الهنيدي التمسك بالفردية المطلقة على المسرح‏، ‏ومن توفيق الدقن أشياء كان يفعلها وتوقف الآن عنها‏، ‏ومن شكري سرحان أنه عندما يلعب "الزمالك" يفقد أعصابه!
وتابع: "أنا على الشاشة كما يقول علم الاجتماع مجرم بالسليقة‏، لكن فريد شوقي مجرم بالملامسة فشكله طيب لكن ظروف المجتمع هي التي رمته علي الجريمة‏، أما إجرام رشدي أباظة فهو من نوع إجرام الشباب الطائش الذواتي‏، أما توفيق الدقن فهو المجرم الجعجاع أبو قلب طيب اللي يهدد ويثور وينزل على فشوش، ‏وغاضب من نفسي لإني مش عامل حساب للغد"‏.
ويمتد شعوره بالمرارة حتى إلى فيلم "الأرض" الذي ينسبه الجميع إلى محمود المليجي كأيقونة أعماله، سوف تكتشف أن اسم نجوى إبراهيم "النجمة المبتدئة وقتها" كان يسبقه على ملصقات واعلانات، كما أنها حصلت على نفس أجره في الفيلم ذاته؟! ولكن ما يتبقى مع مرور الزمن الشريط السينمائي، وهكذا ظل المليجي، هو الفنان الذي لا يمكن أن ننسى إطلالته على الشاشة حتى لو جاء اسمه في المركز الثالث أو الثامن.
في يونيو عام 1983 مات المليجي في مكان التصوير وهو يستعد لتصوير آخر مشاهد دوره في الفيلم التلفزيوني "أيوب".. فجأة وأثناء تناوله القهوة مع صديقه عمر الشريف سقط المليجي وسط دهشة الجميع، كان يستعد للماكياج، طلب كوباً من القهوة، وفجأة وبدون مقدمات بدأ يتحدث مع الفنان عمر الشريف قائلا: الحياة دي غريبة جداً، الواحد ينام ويصحى وينام، وينام نفس داخل ونفس خارج"، وفجأة استغرق في النوم، لم يخرج النفس، وبدأ المحيطون يضحكون على دقة المليجي في التمثيل، إلى أن اتضح في النهاية أنه فارق الحياة، روى مخرج فيلم "الأراجوز" هاني لاشين واقعة وفاة محمود المليجي ووصفها بـ"الغريبة". رحل المليجي بعدما أقنع جمهوره بأدائه، فكان أستاذاً في فن التمثيل العـفوي الطبـيعي، البعـيد عن أي انفـعال أو تشـنج أو عصبـية.. كان يقـنع المتفرج أنه لا يمثل، وذلك التمكن في الأداء جعله نجماً فريداً، اختاره رئيس الجمهورية الراحل محمد أنور السادات بعد أن قرر إنشاء مجلس الشورى برئاسة الدكتور صبحي عبدالحكيم، وأصدر أمراً بتعيين الفنان المليجي لعضوية المجلس، وبذلك بات محمود المليجى أول فنان ينال عضوية مجلس الشورى عام 1980 وكانت مفاجأة هزت الأوساط الفنية فى ذلك الوقت، كعديد من مفاجآته الفنية والإنسانية التي هزت مصر ومحيطها عبر نصف قرن من النجاح والتألق.
(انتهى)




آخر الأخبار