إعداد - نسرين قاسم:"العالم هو اعتراف متبادل بالوجود بين الله والإنسان.. العقل أفقر خلق الله فاعتبروا.. فإنّه خلف باب الفكر مطروحُ.. إنّ العقول قيودٌ إن وثقت بها.. خسرت فافهم فقولي فيه تلميحُ".هذه كلمات العالم الجليل وإمام مذهب التصوف في الإسلام، والذي ينسب له العديد من العلوم الخاصة بهذا المذهب.. أنه الشيخ محيي الدين بن عربي.مولده: ولد محمد بن علي بن محمد الطائي الأندلسي، الشهير بمحيي الدين بن عربي، في مرسية بالأندلس، وتوفي في دمشق ودفن في سفح جبل قاسيون، وهو عالم روحاني من علماء المسلمين الأندلسيين، وشاعر وفيلسوف، أصبحت أعماله ذات شأن كبيرٍ حتى خارج العالم العربي.نشأته لاشك أن استعداده الفطري ونشأته في بيئة دينية وتردده إلى المدارس الرمزية، كل ذلك أدى إلى إبراز الناحية الروحية عنده ولم يشارف العشرين حتى ذاع بين الناس أنه جُعِل يسير في الطريق الروحاني، وأنه بدأ يطلع على أسرار الحياة الصوفية، حتى أن هناك من ردد بأن عددًا من الخفايا الكونية قد تكشفت أمامه وأن حياته سلسلة من البحث المتواصل عما يحقق الكمال. ولمثل هذه الأقوال اعتبر "ابن عربي" من غلاة الصوفية لما له من أحاديث وأقوال لم يتطرق إليها أحد قبله.إمام الزيغ والضلالة كان لـ"ابن عربي" أقواله التي جعلت البعض يصفه بـ "إمام الضلالة" ؛ بل وينادي بسفك دمه، فقد تطرق بأقوال وأحاديث جريئة ومختلفة لم يتطرق إليها أحد ولهذا وصفه البعض بالإلحاد واعتبر من أئمة الزيغ والضلال، وله كلمات وعبارات كفرية منها: قوله بإيمان فرعون، وقد رد عليه شيخ الإسلام ابن تيمية وقال: "وهذا القول كفر معلوم فساده بالاضطرار من دين الإسلام، لم يسبق ابن عربي إليه فيما أعلم أحد من أهل القبلة، ولا من اليهود ولا من النصارى؛ بل جميع أهل الملل مطبقون على كفر فرعون، وهذا عند الخاصة والعامة أبين من أن يستدل عليه بدليل، فإنه لم يكفر أحد بالله ويدعي لنفسه الربوبية والإلهية مثل فرعون". كما وصفه عز الدين أبا محمد عبد العزيز بن عبد السلام السلمي الدمشقي بالكاذب، وقال فيه: "شيخ سوء كذاب يقول بقدم العالم ولا يحرم فرجًا". إلا أن الإمام شمس الدين الذهبي، ذكره في "ميزان الاعتدال": "في ترجمة ابن عربي وقولي أنا فيه: إنه يجوز أن يكون من أولياء الله الذين اجتذبهم الحق إلى جنابه عند الموت، وختم له بالحسنى، فأما كلامه فمن فهمه وعرفه على قواعد الاتحادية وعلم محط القوم، وجمع بين أطراف عباراتهم - تبين له الحق في خلاف قولهم. وكذلك من أمعن النظر في فصوص الحكم، أو أنعم التأمل لاح له العجب".أشهر أقواله "دع الجهول يظن الحق عدوانا"، "لن تبلغ من الدين شيئًا حتى توقر جميع الخلائق"، "كل بقاء يكون بعده فناء لا يعوّل عليه كل فناء لا يعطي بقاء لا يعوّل عليه.. كلُّ سفينةٍ لا تجيئُها ريحُها منها فهي فقيرة.. كُلُّ مُواصَلَةٍ لا تُشْهَد في عَيْنِ البُعْدِ لا يُعَوَّل عليها"، "السماع منشأ الوجود، فإن كل موجود يهتز.. المكان الذي لا يؤنث، لا يعول عليه". مؤلفاته تزيد مؤلفات "ابن عربي" عن 800 إصدار، لكن لم يبق منها سوى 100 كتاب، كما غدت تعاليمه في مجال علم الكون ذات أهمية كبيرة في عدة أجزاء من العالم الإسلامي، لقبه أتباعه ومريدوه بألقاب عديدة، منها: الشيخ الأكبر، ورئيس المكاشفين، البحر الزاخر بحر الحقائق إمام المحققين، محيي الدين، سلطان العارفين.