الاقتصادية
مخاطر الثقافة والسلوك المصرفيين
الاثنين 31 ديسمبر 2018
5
السياسة
بقلم-عدنان أحمد يوسف أصدرت مجموعة الثلاثين، أخيراً، دراسة قيمة ومهمة للغاية للقطاع المصرفي تحت عنوان "السلوك والثقافة المصرفيين: تغير دائم في العقلية". تضمنت الكثير من القضايا المهمة المرتبطة بمخاطر السلوك والثقافة السائدة في المصارف وعلاقتها بالمشاكل التي قد تمر بها.ومن وجهة نظرنا، فإن أهمية هذه الدراسة تنبع من كون صدورها جاء متزامنا مع مرور الذكرى العاشرة الأزمة المالية العالمية 2008-2009، وهو يعني أنه بالرغم من مرور نحو عشر سنوات على هذه الأزمة إلا أن العديد من البنوك العالمية المعروفة لا تزال تعاني من حالة عدم الثقة في أعمالها وذلك بسبب عدم تصحيح مسار السلوك والثقافة الذي مثل أحد الأسباب للانهيارات التي شهدتها. في هذه الدراسة، تركز مجموعة الثلاثين على سؤالين أساسيين: (1) ما مدى التقدم الذي أحرزته الصناعةالمصرفية في مجال الثقافة والسلوك منذ الأزمة المالية؟ و(2) إلى أين نحن ذاهبون من هنا؟ أي ما المجالات التي يجب على البنوك مواصلة التركيز عليها، وما هيالأسئلة المستجدة التي يجب التفكير في الإجابة عليها للمضي قدمًا؟ ومن دون شك، فإن البنوك والجهات الرقابية في السنوات التي أعقبت الأزمة المالية، زادت من الاهتمام بالسلوك المصرفي وثقافته. ونتيجة لذلك، سعت البنوك إلى تنفيذ مختلف التطويرات لتحسين سلوكها وثقافتها.وقد تم بالفعل عمل الكثير في مختلف جوانب الصناعة المصرفية. وعلى الرغم من هذه الجهود، لا تزال الصناعة المصرفية تعاني من سمعة سلبية كما تقول الدراسة، ولاتزال الثقة فيها بحاجة إلى إصلاح لأن حالات الفشل الخطيرة في مجال السلوك المصرفي وثقافته لا تزال مستمرة في العديدمن الأسواق. وتتطلب استعادة الثقة بذل جهود متواصلة في كافة جوانب الصناعة المصرفية. وعلى صعيد السلوك والثقافة، يجب أن تشكل مجالس الإدارة والإدارة العليا في البنوك نماذج يقتدى بها.لذلك، ناقشـت الدراســة بالتفصيــل جملــة من القضايا المتعلقة بالتقدم المحرز في مجالات رئيسية معينة مثل عقلية السلوك، والمساءلة العليا والحوكمة، وإدارة الأداء والحوافز، وتطوير الموظفين، والثقافة وإدارة المخاطر السلوكية وصلاحيات الجهات الرقابية والمنظمين ومعايير الصناعة. ويقدم التقرير توصيات للصناعة في اثني عشر مجالًا يرى أنه لاتزال هناك حاجة إلى بذل المزيد من الجهود والاهتمام بشأنها:التوصية الأولى: تتعلق بضرورة قيام مجالس إدارة البنوك بإعادة تقييم هيكل الحوكمة لديه لضمان وجود لجنة خاصة تابعة لمجلس الإدارة تمتلك صلاحية الرقابة على سلوك البنك وثقافته. والتوصية الثانية: تدعو مجالس الإدارة والإدارات العليا للعمل بشكل أوثق مع مختلف وحدات الأعمال ورؤساء الوحدات الجغرافية والوظيفية من أجل تعزيز توافر وجودة البيانات والنظرات المعمقة بخصوص إدارة السلوك والثقافة في منظماتهم. والتوصية الثالثة: تدعو البنوك للنظر في التأثير المحتمل للحوافز الضخمة على آليات المكافآت لديها. وفي نفس السياق تدعو التوصية الرابعة: البنوك لتفكيك الصلة بين أهداف المبيعات الكمية والمكافآت لموظفي المبيعات من أجل تقليل الضغط عليهم الذي قد يؤدي إلى سوء السلوك، ومساعدة الموظفين على تحديد أولويات تلبية احتياجات العملاء.أما التوصية الخامسة: فهي ترى أنه ينبغي على البنوك استكشاف الطرق للاحتفاء بنماذج يحتذى بها في السلوك في منظماتها، سواء في القرارات المتعلقة بالأعمال أو في المواقف الفردية. والتوصية السادسة: ترى أنه على البنوك السعي لتعديل الهياكل التنظيمية لديها بحيث تعكس الدورالأساسي والمكمل الذي تلعبه الإدارة الوسطى في ترسيخ الإصلاحات الثقافية وتعزيز القيم في المستويات الأدنى من المنظمة، بينما التوصية السابعة: ترى أنه ينبغي على البنوك أن تبذل الجهود لتشجيع التنوع والشمول في مكان العمل عن طريق تطوير وتغيير معايير التوظيف وممارسات تنمية قدرات الموظفين. أما التوصية الثامنة: فتتحدث عن ضرورة قيـام البنوك بتعزيز بيئة "السلامة النفسية" التي تشجع الموظفين على التحدث بما لديهم من ملاحظات ورفع القضايا للإدارة العليا والمشاركة في إبداء الرأي دون خوف من العقاب. كما يجب عدم السماح بأنماط الإدارة التسلطية أوالعدوانية. واستكمالا لها تتحدث التوصية التاسعة عن أهميــة وضع آليات تأديبية ذات مصداقية وقابلة للتنفيذ لمخالفات السلوك لضمان أن يأخذ الموظفون هذه الإجراءات على محمل الجد. والتوصية العاشـرة: ترى أنه ينبغي على البنوك أن تركز على توظيف الأشخــاص الذين ينسجمون في ثقافتـهــم مع أهداف البنك وقيمـه وذلك لتعزيز مساعـيهــا في خلق الثقافــة الصحيحة للمنظمة، مع الإقرار بأن التوظيف عنصر حاسم في خلق الثقافة الصحيحة. بينما تدعو التوصية الحادية عشرة: البنوك إلى مواصلة جهودها من أجل جعل مخاطر السلوك في خط الدفاع الأول، كبقية أنواع المخاطــر التي تواجهها، لضمان إن هذه المخاطر يتم تعيينها وإدارتها ضمن إطــار سليــم وفعال. وتدعو التوصية الثانية عشرة: البنوك لتوضيح وتعيين أدوارومسؤوليات مراقبة مخاطر السلوك عبر مختلف وظائف الخط الثاني في المنظمة مثل وظائف الموارد البشرية والمخاطر والامتثال.وأخيرًا، ومع استمرار الصناعة في تعزيز سلوكها وثقافتها ومعالجة الثغرات العالقة، تحتاج البنوك إلى تحليل التحديات الجديدة الآخذة في الظهور والاستعداد لها بصورة جيدة، على سبيل المثال الطبيعة المتغيرة للعوامل المؤثرة في السلوك والثقافة، خاصة مع دخول التحول الرقمي. كذلك الطبيعة المتغيرة لشعار "العميل أولا" وتجنب تضارب المصالح مع الشركاء الآخرين. كما أن عليها أن تطور مؤشرات كمية ونوعية لقياس الثقافة والسلوك في مؤسساتها، وأن تكون هناك درجة من الشفافية في الإفصاح عن الجوانب المهمة فيها للجمهور لتعزز ثقة العملاء فيها. رئيس مجلس إدارة جمعية مصارف البحرينرئيس اتحاد المصارف العربية سابقاً