السبت 03 مايو 2025
31°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
منوعات

مخطوطة ابن البواب... تحفة فنية تتحدى الزمن

Time
السبت 09 أبريل 2022
View
5
السياسة
يقول اللهُ تعالى في كتابه الكريم: "إِنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون"، فقد حفظ المولي القرآن الكريم في الصدور حتى بدأ جمعه في عهد الخليفة أبي بكر عن طريق النسخ من مخطوطات أغلبها من جلود الأغنام والغزال، ثم تبارى النساخ في نقل النصوص المُقدسة على مدار عهود، وتسابق على نسخها الخطاطون، حتى امتلأت الدنيا بنسخ القرآن بأشكال وألوان وخطوط مختلفة، وظلت الأجيالُ تتناقلها إلى أن وصلت إلينا لتكون شاهدة على حفظ المولى للذكر الحكيم إلى أن تقوم الساعة... وفي هذه الحلقات نستعرض بعض المخطوطات التي وصلت إلينا من عهود موغلة في القِدَمِ.

إعداد - أحمد القعب:

توصف بأنها المخطوطة المزينة المحسنة شكلاً ومضمونا والفريدة من نوعها في العالم، تُنسب الى ابي الحسن علي بن هلال المعروف بـ"ابن البواب" أحد أشهر فناني النسخ والكتابة في التاريخ الاسلامي، والأب الروحي للزخارف المحسنة في القرن الرابع الهجري.
نالت المخطوطة التي كُتبت ببغداد في عام391هـ، شهرة واسعة بين المتخصصين ، لجمال خطوطها وحسن زخارفها، ولا تزال تشكّل مصدرا للإلهام، ومحلا للدراسة ، يفد اليها الباحثون من كل مكان الى حيث تتواجد في مكتبة "جستر بيتي" في دبلن بأيرلندا.
يُصنف ابن البواب كواحد من أمهر وأشهر الخطاطين في اللغة العربية عبر تاريخها، كتب عنه الكثيرون من أعلام التاريخ، وعدّوه احد اساطين العلماء في اللغة والخط، ووصفه الامام الذهبي بأنه: قلم الله في الارض، وتعد تلك المخطوطة هي الوحيدة الدالة على مهارته وإبداعه مما وصل الينا من مخطوطات، وتتميز بتنسيقها البديع، الذي تجلى في صف الأسطر، وتنسيق الكلمات، على غير عادة الخطاطين في ذلك الوقت وهو بذلك يكون قد تخطى بفنه جميع معاصريه.
يبلغ عدد رقوقها 286 رقًا من جلد الماعز، ذات مقاس 17.5 سم طولاً و 13.5 سم عرضًا، استخدم في كتابتها خط النسخ الذي أبدع في فنه، وعنون كل سورة بمستطيل مزخرف يضم اسمها ومكان نزولها، ويظهر ابداع الناسخ في توظيفه لانعكاس ألوان الخطوط مع خلفية الورق مقارنة بعنوان السورة، فتجد عنوان واسم السورة بلون خلفية الكتاب يحيط به النص، كما اجاد في توظيف اللون المذهب في مقابلة النص الذي كُتب باللون البني، مع خلفية فاتحة نضرة، ومن مآثره ايضا أنه استخدم الجلد السميك في الكتابة، والذي تميز بالقوة والمتانة، ما كان سببا في حفظه ووصوله الينا بحالة جيدة، فضلا عن استخدامه لمواد خاصة يرجح انها خليط من الملح والتوابل في مقاومة التعفن والتحلل ومنع التأثير السلبي للفطريات.
ويحسب لكاتب المخطوطة ايضا حسن التنفيذ، إذ اتخذ النص في كل الصفحات الحجم نفسه والأبعاد نفسها داخل المخطوطة، بواقع 13.5سم طولاً مع 9سم عرضًا، وذلك في 9 أسطر احتوت عليها كل صفحة وبشكل منتظم متشابه، وكأن الأحرف صُبت في قالب واحد، فنجد الحرف وتشكيله متشابه في جميع الكلمات، سواء في أول المخطوطة أو آخرها.
بقي ان نعرف ان المكتبة الايرلندية التي تملك المخطوطة، تضم عددا كبيرا من المخطوطات الاسلامية النادرة، يتخطى عددها حاجز الاربعة آلاف مخطوطة، انتقلت إليها عبر المستشرقين والرحالة الذين طافوا بلاد المسلمين منذ القرن السادس عشر، وحصلوا على كنوز المخطوطات المحلية بثمن بخس، وأحيانا بلا مقابل بسبب جهل اصحابها بقيمتها.
آخر الأخبار