منوعات
مخطوطة المكتبة الوطنية بالرباط: 3 أجزاء من القرن الثالث
الأحد 03 أبريل 2022
5
السياسة
يقول اللهُ تعالى في كتابه الكريم: "إِنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون"، فقد حفظ المولي القرآن الكريم في الصدور حتى بدأ جمعه في عهد الخليفة أبي بكر عن طريق النسخ من مخطوطات أغلبها من جلود الأغنام والغزال، ثم تبارى النساخ في نقل النصوص المُقدسة على مدار عهود، وتسابق على نسخها الخطاطون، حتى امتلأت الدنيا بنسخ القرآن بأشكال وألوان وخطوط مختلفة، وظلت الأجيالُ تتناقلها إلى أن وصلت إلينا لتكون شاهدة على حفظ المولى للذكر الحكيم إلى أن تقوم الساعة... وفي هذه الحلقات نستعرض بعض المخطوطات التي وصلت إلينا من عهود موغلة في القِدَمِ.إعداد ـ أحمد القعب:يمتلك المغرب رصيدا ضخما من المخطوطات يتجاوز 200 الف مخطوطة تشمل جميع المعارف التراثية الاسلامية، وفي المقدمة منها القرآن الكريم وعلومه، اما وصولها الى المغرب فجاء على فترات متباعدة من مصادر متعددة، وتزايد الاهتمام بها في الآونة الاخيرة، ومنها المخطوطة التي نتحدث عنها اليوم والتي تعود الى القرن الثالث الهجري، وهي محفوظة بالمكتبة الوطنية المغربية بالرباط تحت رقم: 1ج وتم تصنيفها على انها تتكون من ثلاثة أجزاء، أما حالتها فتوصف بأنها متآكلة الأطراف، كتبت المخطوطة بالخط الكوفي القديم، استخدمت الألوان لتزيين حواف وأسماء السور القرآنية، وتحتوي على ثلاثة اجزاء فقط من المصحف الشريف، ويعد من اقدم المخطوطات في منطقة المغرب العربي بأسرها، ويحظى بعناية فائقة لما تعرض له من فقد الكثير من صفحاته وإصابة أطرافه بالاهتراء.كتبت هذه الأجزاء على جلد غزال ذات جودة عالية، إلا أنه تأثر بعوامل التداول والحفظ عبر الأجيال عكس المخطوطات والمصاحف الأخرى التي حظيت بعناية كبيرة، وحفظت في مكان ثابت أو حفظت داخل أكياس تحميه من العوامل البيئية.يصل ارتفاع المخطوطة القرآنية الى 41 سم وعرض 34سم، واعتمد الخط الكوفي القديم في كتابة النص القرآني، وتميزت عن المخطوطات القديمة بكتابته باللون الأحمر، الأزرق، والأصفر الذهبي.اما حروفها فقد كتبت باللون البني، وجاءت النقاط والتشكيل باللون الأحمر، بينما لونت فواصل الآيات باللون الأصفر الذهبي، مع زخارف مربعة الشكل داخل دائرة ملونة بالأزرق والأحمر، وفصلت كل سورة عن الأخرى بمستطيل عرضي بلون أصفر ذهبي وبداخله نص بلون أبيض محاط بزخارف زرقاء وحمراء.يصل عدد الرقوق او الصفحات الجلدية للمخطوطة لـ 108 رقوق ، ورغم العدد الكبير إلا أنها تضم 3 أجزاء قرآنية فقط لمحدودية أسطر الرق الجلدي بعدد أسطر لا يتخطى 6 أسطر، وتضم المخطوطة نصا قرآنيا بداية من الآية رقم 69 من سورة هود حتى نهاية الآية رقم 74 من سورة الحجر.خطت حروف المخطوطة بالخط الكوفي القديم لأنه أقدم أنواع الخط العربي المعدل من الحروف النبطية القديمة، والمعروف مع بداية انتشار الإسلام وعهد الرسول، صلى الله عليه وسلم، إذ كانت أغلب النصوص القرآنية والعلوم الإسلامية في تلك الفترة الزمنية، وحتى القرن الخامس الهجري، تكتب به، ويلاحظ أن النص المتواجد بالآيات القرآنية المكتوبة بالخط الكوفي مشابه تمامًا لما ورد بالقرآن الذي يوجد بين ايدي الناس حاليا وعدم خروج أي نص عما هو عليه الحال حاليًا من ملايين المصاحف المنتشرة في العالم.حظي المصحف مرات عدة بإعادة الإصلاح والتجليد، منها الإصلاح بجلد أخضر مذهب، ومحاولة إصلاح اهتراء أطراف الرق للحفاظ على النص القرآني.