الجمعة 25 أبريل 2025
32°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
منوعات

مخطوطة مكتبة أحمد باشا... سمات جمالية متناهية الجودة

Time
الأربعاء 13 أبريل 2022
View
5
السياسة
يقول اللهُ تعالى في كتابه الكريم: "إِنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون"، فقد حفظ المولي القرآن الكريم في الصدور حتى بدأ جمعه في عهد الخليفة أبي بكر عن طريق النسخ من مخطوطات أغلبها من جلود الأغنام والغزال، ثم تبارى النساخ في نقل النصوص المُقدسة على مدار عهود، وتسابق على نسخها الخطاطون، حتى امتلأت الدنيا بنسخ القرآن بأشكال وألوان وخطوط مختلفة، وظلت الأجيالُ تتناقلها إلى أن وصلت إلينا لتكون شاهدة على حفظ المولى للذكر الحكيم إلى أن تقوم الساعة... وفي هذه الحلقات نستعرض بعض المخطوطات التي وصلت إلينا من عهود موغلة في القِدَمِ.

إعداد ـ أحمد القعب:

تصنف مخطوطة مكتبة أحمد باشا، التي نعرضها اليوم ضمن مجموعة مكتبة "كوبريلي" بإسطنبول ، وتحمل رقم قيد "1" ، ويرجع تاريخها للقرن الثامن الهجري بخط الناسخ السيد خليل التبريزي، حسب ما جاء في بيانات الناسخ في الرق الأخير من المخطوطة، التي كتبت على رق غزال، مع مجموعة متنوعة من الأحبار التي تميزت بثباتها وجودتها على مدار مئات السنين.
تتميز المخطوطة البالغة أبعادها 17.8سم طولاً و 12.7سم عرضًا للرق، و12.5سم طولاً، 8.2سم للعرض، نصًا بسمات جمالية متناهية الجودة والجمالية، إذ تمتعت المخطوطة البالغة 278 رقًا، على صفحات عددها 553 صفحة بألوان ذهبية، ونص مكتوب بشكل بديع، إذ استخدم الناسخ الخط الكوفي في عنونة اسم السور، بيان الأحزاب، الآيات، وكلمات مقتضبة دينية في صدر المخطوطة ونهايتها بألوان الأحمر، الأزرق، الذهبي، برسومات وزخارف على هيئة قلائد ورؤوس متقابلة، وعروق من الزهر وأوراق شجر، في أشكال هندسية تتمتع بدرجات جمالية كبيرة.
نُسخ النص القرآني في 16 سطرًا على الرق الواحد، تمتعت الكلمات بالتنقيط على عكس الكثير من المخطوطات القرآنية القديمة التي خلت من النقط، وجاء النص القرآني الداخلي مكتوبًا بخط النسخ وبشكل متزن ومشكول بمداد أسود للنص، ومذهب لفواتح السور وأحمر لعلامات الابتداء والوقف، وجُلدت بجلد سميك بني اللون ذات رسومات منتظمة ذهبية اللون وزرقاء وكل ذلك داخل إطارين الداخلي منه أخضر اللون ممزوج بلون بني والخارجي ذهبي على خلفية بنية، إذ تتمتع المخطوطة بجودة عالية خاصة النص القرآني الداخلي، فحافظ على سلامته وقوامه ولم يتعرض للاهتراء أو العوامل الجوية والزمنية التي تؤثر في المخطوطات عادة.
تضم المخطوطة في الرقوق الأولى رسومات ذهبية وزرقاء تشبه رسمة للشمس، ويليها رقان برسومات هندسية، عبارة عن خليط من رسومات نباتية في شكل منتظم ضمت قوله تعالى "إنه لقرآن كريم في كتاب مكنون"، فيما جاءت أولى رقوق النص القرآني بسورة الفاتحة وأوائل سورة البقرة بشكل مغاير عن باقي النص القرآني، إذ كتبا في إطارين من القلائد والرسوم المزخرفة النباتية وعدد من القلائد المذهبة، فظهرت فاتحة القرآن الكريم وبداية سورة البقرة كما هي الحال من الزخارف بالصفحات الأولى للمصاحف الشريفة الحديثة من اتقان متناه للشكل الجمالي.
ويرى الباحثون أن الناسخ خالف بعضًا من قواعد الرسم العثماني من حيث مواطن الإملاء، واهم ما يميزها هو مستوى جودتها العالية مما يدل على انها بقيت لفترة طويلة دون استخدام، او إن استخدامها كان قليلاً، إذ لم يلحظ وجود أختام، وتوقيعات، أو كتابات دخيلة على النص، يفيد أنه تمت استعارتها او نقلها، أو إن ملكيتها آلت من شخص لآخر، ما جعلها تحتفظ بتلك الجودة العالية.
اختتمت المخطوطة بتوقيع من الناسخ، إذ دوّن ما يلي، و"قد وقف هذه النسخة الوزير أبو الخير الحاج أحمد بن الوزير الأعظم الفاضل نعمان بن الوزير الأعظم العلّامة الصدر الشهيد مصطفى بن الوزير الأعظم النحرير أبي عبد الله محمد عرف بكوبريلي -أقال الله عثارهم- سنة 1170".
آخر الأخبار