الأربعاء 13 أغسطس 2025
37°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
منوعات

مدحت عبد الرازق: "ذائقة الحب" ليست سيرتي و"مَن خاف لم يسلم"

Time
الأربعاء 23 أكتوبر 2019
السياسة
القاهرة – محمود خليل:


صدرت للكاتب مدحت عبد الرازق في الفترة الأخيرة، رواية "ذائقة الحب"، التي تنتمى إلى أدب الرسائل، وتدور أحداثها فى مدينة الإسكندرية، وتتلمس الإجابة عن تساؤلات عدة بينها: هل نسبح إلى مرفأ الحب الحقيقى، أم نجدف إلى جزيرة الوحدة؟ هل يستطيع الضمير وحده أن يكون قائدا للنجاح ؟ كيف تتحول الرومانسية الوردية إلى رغبة مشتعلة فى الانتقام ؟ تميزت الرواية أيضا بالدقة فى وصف جميع الشخصيات، ما يجيش فى نفوسها من مشاعر إنسانية عبر حوار ذاتى مفعم بالشجن وبالتأمل.
حول روايته ومزجه بين الحب والأحداث السياسية، والعلاقات الإنسانية، والحياة العامة، التقت"السياسة"، الكاتب مدحت عبد الرازق صاحب موسوعة "العرش.. قراءة جديدة لتاريخ أسرة محمد على"، والرواية التاريخية "الخليفة"، وصاحب مشروع "إعادة قراءة التاريخ"، ومؤسس المدرسة الإنسانية فى الدراسات التاريخية بمصر والوطن العربى، فأكد أن "رواية ذائقة الحب ليست سيرتي الذاتية بقدر ماهي تجارب إنسانية أعدت صياغتها وان التاريخ رواية أنسانية كبرى، وفيما يلي التفاصيل:

لماذا اتجهت إلى الكتابة العاطفية رغم أن جميع كتبك تاريخية؟
أعتبر التاريخ والرواية فى حالة تكامل، لأن التاريخ رواية إنسانية كبرى، فى كل أعمالى التاريخية وعبر السير الذاتية التى أقدمها أتناولها بأسلوب أدبى، أي أكتب أدبا طول الوقت، ربما يكون الفرق أنني في السيرة الذاتية أكتب عن شخصيات دخلت التاريخ، أما فى الرواية فأكتب عن شخصيات خارج التاريخ.
البعض يقول إن روايتك "ذائقة الحب" سيرة ذاتية لك؟
لا أظن أنها سيرة ذاتية لي بالمعنى الدقيق، لكنها مجموعة تجارب لي ولأناس أعرفهم جرى صهرها وصياغتها فى رواية واحدة، يقول نجيب محفوظ "الأدب هو إعادة صياغة للمُعاش".
هل حياة منذر عبد الراضى تشبه حياتك؟
"منذر" يمثل قطاعا عريضا من الشباب عانى مهنيا، عاطفيا، أسريا، بينما مدحت عبد الرازق شاب شابته كل هذه المؤثرات، لكن ليس بالضرورة أن يكون هذا هو ذاك.
هل أخطأ والده "عبد الراضي" حينما استعمله النظام للترويج له ثم اعتقله بعد رفضه العمل معه بعد هزيمة 67؟
لا نستطيع أن نتهم جيلا كاملا بالخطيئة لأنه وثق في نظام معين وآمن به، لكن الأرجح أن نتهم الأنظمة بكل الخطايا حين تبدد ثقة الملايين فيها.
لماذا لا يعرف الأبناء قيمة الآباء إلا بعد وفاتهم مثلما حدث مع منذر بعد وفاة والده؟
مع الأسف هذا صحيح فى أحيان كثيرة، أتذكر بيت الشعر، "لا ألفينك بعد الموت تندبني.. وفي حياتي ما زودتني زادي".
هل مبدأ عبد الراضي "من خاف سلم" و"الجبن سيد الأخلاق"، سليم؟
كان مبدأ "عبد الراضي" بعدما أعتقل ضمن تظاهرات أحكام الطيران، تلك هى سمة المعتقلات وغايتها، أن يكون ضحية لها، لذا آثر مشاعر الخوف عن مكارم الإقدام، لكن الحقيقة أن "من خاف لم يسلم"، فالشجاع يموت مرة واحدة والجبان يموت ألف مرة.
لماذا يكون الحاكم المحلى أقسى على معارضيه من الحاكم الأجنبي؟
ليست قاعدة.
هل "الشيخ" صاحب عربة الكبدة يمثل التيارات المتأسلمة؟
صحيح جدا، يمثل الشريحة الأكبر من هذه التيارات.
لماذا تعمدت الاشارة إلى فساد القطاعين العام والخاص وقارنته بهزيمة يونيو؟
الرواية حملت في إحدى زواياها صراعا بين جيل عبد الناصر ويمثله الأب "عبد الراضي"، وجيل مبارك ويمثله الابن "منذر"، الربط جاء حيويا وضروريا، حينما يتسلم الفساد الراية من القمع والهزيمة، النتيجة هي خلخلة النسيج الاجتماعي.
هل كان الأب ضحية للهزيمة؟
كان الأب ضحية الهزيمة التي شرنقته فيها، أما الابن فكان ضحية الفساد إلى أن أصبح ترسا في ماكينته، حين رفض التشرنق أضحى فاسدا، هذه هى البدائل المحدودة التى أتاحتها السياسة وطرحتها الرواية -فى التعامل مع المبادئ- بين الانطواء عليها أو الانسلاخ منها.

بلطجة حكومية
ماذا تعني بالبلطجة الحكومية؟ وما تأثيرها على المواطن؟
التقدير الجزافى للضرائب بلطجة حكومية، سيارة الحي التي تستولي على ما تضعه من بضاعة بالخارج بتهمة إشغال الطريق ثم تتركها بعد الدفع بلطجة حكومية، المشرفون على طفاية الحريق أو تجديد لافتة المحل الذين يوقعون الغرامات الفادحة وبعد رشوتهم يمزقون ايصال الغرامة بلطجة حكومية، النماذج عديدة والأمثلة كثيرة، كلها تعيق مشروعات الشباب وتعرقل عملية الاستثمار.
كيف ترى الحل؟
الاهتمام بالمواطن، فمن غير الملائم أن نقول للمواطن إن الدولة ليس لديها عمل، القطاع الخاص يلفظه أو يعين من الشباب أقل القليل لأنه منهك من الأساس، نقطع عنه معاش والده بعد وفاته، نحرمه بدل البطالة بحجة عدم تشجيعه على التكاسل، حينما يحاول اقامة مشروع صغير يجد الجهاز الحكومي يواصل التنكيل به، لكن بنكهة رسمية.
هل يؤثر ذلك على انتماء الشباب؟
بالتأكيد لأن تلك المعاملة تخلق منظومة إجرام، فساد، إرهاب، فالمواطن سيضطر أن يرتشى، ينصُب، يكون فريسة سهلة للجماعات المتطرفة ليحصل على القوت والنقود.
هل للحكومة دور فى القضاء على هذا الفساد؟
من المفترض على أية دولة أن تكفل المواطن فى إنسانيته، لكن حينما تتخلى عنه فإنها تحوله إلى كاره للإنسانية كلها، هذا ما يفسر ظواهر التطرف وكل ممارسات العنف.
كيف ترى الحل؟
هذا لا يعنى أن نشجع التهرب الضريبي، نعيق الشارع بالبضائع، إهمال وسائل السلامة المهنية، غيرها من المخالفات، لكن يجب أن نقنن عملية الإشراف، يكون هناك تقديرات ضريبية صحيحة، موظفون أمناء ومخلصون، تفتيش حازم على الموظف، التعاون الأمين بين التاجر والجهاز الحكومى يصب فى النهاية فى صالح الدولة.
هل عدم اشباع كرامة العامل يحط من قدر المشروعات والدول؟
بالتأكيد يحط من قدرها الإنساني، أما قدرها الانتاجي فهو شيء مختلف، فمعسكرات "الكولاج" كانت الأكثر انتهاكا لكل حقوق الإنسان، مع ذلك ساهمت مساهمة فعالة فى جعل الاتحاد السوفيتى دولة عظمى.
هل سياسة فرق تسد ونشر الجواسيس بين العمال التى اتبعها البطل كانت صحيحة؟
فرق تسد سياسة هدامة بكل المقاييس.
هل يغير النجاح والمناصب من ولاءات الناس؟
بالتأكيد، هذا ما حدث مع "هدى" التى توددت إلى "منذر" بعد نجاحه وكانت تتجاهله قبل ذلك، في حين أن "نشوى" أحبته وساندته في أثناء فقره.

هجرة داخلية
لماذا ظل منذر متمسكا بحب نشوى؟
منذر لم يكن مرتاحا فى بيته بالقاهرة، تركه فى هجرة داخلية إلى الإسكندرية – مسقط رأسه من الأساس –دائما يصف بيت عائلته بـ"الرائحة السامة"، كان كارها لكل أهله، يعتبرهم مجموعة من المنافقين، الأنذال، شذاذ الأفاق، لم يحب سوى أمه وأخاه، إذن كانت "نشوى" له السند، الطموح، تضميد الجروح، أمانى الشباب، كل شيء فى الدنيا، وفى تصوره لم يمتلك غيرها، لذا فإن تمسكه بها جاء تمسكا بالحياة ذاتها، كانت البصمة الأكثر تأثيرا فى حياته، الحب الأول، أول لمسة يد،أول دقة قلب، أول عطف، أول علاقة بالجنس الآخر.
أيمكن أن يحب الرجل فتاة وخادمتها؟
كما جاء فى الرواية فإن "منذر" لم يحب الخادمة، بل أقام معها علاقة جنسية، استخدمها للتعرف على أخبار حبيبته، فى تدمير سيدتها "محبوبته"، أى ظل يستخدمها طول الوقت، أما فى الحياة فإن حب الخادمة عادة ما يكون نزوة، لكنها نزوة مُبتلة بسطل المسح كما جاء على لسان البطل.
هل هى طبيعة الرجل أم "زواغة عين"؟
أنا ضد أن ندمغ جنس بعينه بصفة بعينها، فإن الفضائل والقبائح سمات مشتركة بين الرجل و المرأة.
هل وجد البطل فرقا بين حب الخادمة وحب سيدتها؟
أعتقد أن كينونة الحب هى التوافق العقلي، فإذا كان الرجل له عقل الخادم فسوف يرتاح في علاقته مع الخادمة حتى وإن كان متزوجا بسيدتها.
هل الحب حب للجنس أم الروح؟
حب الروح هو الخالد، حب الجنس هو الشائع.
هل الجنس ينسى الحب؟
إذا كان الحب حبا للروح، فلا تنسيه أي عوامل أو مؤثرات حسية أخرى، هذا مع حدث مع "منذر"، فقد ظل يحب "نشوى" طوال الأحداث رغم تعدد علاقاته الجنسية.

حب الشفقة
هل حب الشفقة أبقى من الحب الرومانسي؟
لا يوجد أرسخ من الحب الرومانسي، إذا كان صادقا.
ما الفرق بين حب "منذر" لنجلاء وفاتن وهدى ونشوى ودينا؟
"منذر" لم يحب سوى "نشوى"، أحبها حُبا أفلاطونيا عُذريا راقيا، أما "نجلاء" فلم تجمعه بها أية علاقة رغم أنها راودته عن نفسها،وعلاقته بـ"فاتن" كانت تبادل مصالح، هى أرادت أن تخفى هرمها فى شبابه، أراد أن يشعر معها بنوع من الحياة الأسرية التي افتقدها حينما رحل عن بيت أهله ثم تركته حبيبته، حاول أن يحب "هدى" كنوع من التعويض بعد فقدان "نشوى"، لكنها مسخت الحب فى السادية الجنسية، أما "دينا " فقد تزوج بها فى نهاية المطاف، بدا أن الحب الأكثر استقرارا - ربما الأكثر تعقلا – يأتي بعد الزواج الناجح.
هل يصل الانتقام من الحبيب إلى اطلاق الشائعات عنه؟
مع الأسف لا أحد فوق الرغبة فى الانتقام أو فوق وسائلها.

آخر الأخبار