منوعات
مدن والجسمي: التشجيع على الابتكار للتخلص من ثقافة الاستهلاك
الثلاثاء 26 نوفمبر 2019
5
السياسة
كتبت- إيناس عوض: ضمن الفعاليات المصاحبة لمعرض الكويت الدولي للكتاب في دورته الـ44، عقدت ندوة نقاشية بعنوان "مستقبل الثقافة في الخليج العربي"، أدارتها الدكتورة ليلى الخياط وحاضر فيها كل من أستاذ الفلسفة في كلية الآداب بجامعة الكويت الدكتور عبد الله الجسمي، والبحريني الدكتور حسن مدن.استهلت الأمسية بكلمة موجزة ألقتها عريفة الندوة رحبت خلالها بالحضور، وتطرقت الى أهم محاور الندوة ومنها التحولات الثقافية المستجدة التي بدأت بوادرها في الظهور أخيراً بعد تراجع أسعار النفط ، ودخول منطقة الخليج العربي مرحلة ما بعد النفط، وتحول دول الخليج تدريجيا الى مراكز تجارية ومالية ما يستدعي انفتاحاً فكرياً وثقافياً، لاستيعاب الانفتاح الاقتصادي، إضافة إلى تناول مستقبل الثقافات التقليدية في ضوء التحولات الاقتصادية والتحول من مجتمعات استهلاكية الى مجتمعات منتجة.في البداية قال الدكتور حسن مدن: إن التحدث عن مستقبل الثقافة في الخليج العربي يرتبط ارتباطاَ وثيقا بدراسة ماضيها وواقعها والتحديات التي تواجهها، مشيراً الى ان الخليج كان ولايزال عنصراً فاعلاً في الثقافة العربية التي تزخر بالمكونات والمضامين والقيم الانسانية التي تراكمت بفضل وعي الأجيال السابقة باهمية الثقافة ودورها في بناء الانسان.وعدد مدن أهم التحديات التي تواجهها الثقافة في دول الخليج العربي والتي من أهمها اشكالية التاريخ الثقافي الخليجي،التي تقترن بصعوبة بالغة في دراسة تاريخ الثقافة في الخليج العربي ورموزها ومعالمها ، خصوصاً اذا اخذنا بعين الاعتبار أن كثيراً من الكتابات في هذا المجال ما زالت دون المأمول وتميل أحيانا إلى الجمع العشوائي.يضاف الى التحدي السابق تحديات أخرى مهمه منها "سطوة" نمط الثقافة الاستهلاكية وتراجع فضاءات التنوير والحداثة، واستحواذ العالم الرقمي على أذهان الأجيال الجديدة، وتراجع دور المؤسسات التعليمية الأمر الذي أدى الى خلق فجوة مابين المثقفين والأكاديميين من جهة ، والجيل الحديث والمثقفين من جهة أخرى.واختتم مدن عرضه بالتأكيد على أن الضمان الحقيقي لمستقبل مشرق للثقافة في الخليج العربي يتحقق بمجابهة ومواجهة التحديات التي تعصف بواقع الثقافة في المجتمعات الخليجية ومحاولة ايجاد حلول منطقية وناجعة لها تلائم طبيعة العصر وتسارعه التكنولوجي وتستفيد من المكتسبات المرتبطة بالتطور مشدداً على أن أي اجراء غير ذلك سيؤدي الى ضبابية الرؤية المستقبلية للثقافة في الخليج والى تراجعها ومراوحتها مكانها.بدوره قال الدكتور عبدالله الجسمي إن البعد الاقتصادي للثقافة يكتسب أهمية كبيرة في دراسة واقعها بمنطقة الخليج العربي تحديداً، مشيرا الى أنه وفق هذا الاطار مرت المنطقة بمرحلتين أساسيتين لكل منهما خصوصيته وطبيعته وسماته ومميزاته، الأولى مرحلة ماقبل اكتشاف النفط في زمن اللؤلؤ والصيد، حيث كانت الثقافة محدودة بسبب غياب التعليم النظامي، كما اتسمت بكونها سكونية انعزالية بسبب الموقع الجغرافي، والثانية ما بعد اكتشاف النفط حيث تحولت المجتمعات الخليجية من الانتاج البسيط الى الاستهلاك، وتراجعت قيم العمل وتحول التأثير الثقافي الى الشعوب.ولفت الدكتور الجسمي الى أنه في العصر الحالي بعد الثورة الرقمية والتطور التكنولوجي ودخول دول الخليج الى مرحلة اقتصادية جديدة، انتجت بدورها تغيرات ثقافية جديدة تستوجب اتخاذ اجراءات سريعة للتقليل من سلبيات تلك التغيرات من أهمها تشجيع المجتمعات الخلجية على الانتاجية والابتكار، والاعتماد على العلم في خلق ثقافة واقعية عامة توحد الكثير من الكيانات الاجتماعية، والتخلص من القيم الثقافية الاقتصادية وترسيخ قيم التسامح والتعايش والاختلاف والتعددية الفكرية والدينية، ونشر الثقافة القانونية وتعزيز دولة المؤسسات بغية جذب الاستثمارات الخارجية، مشيراً الى ان التحول الذي شهدته دول الخليج العربي من مجتمعات عمرانية بسيطة الى مراكز تجارية ومالية أدى الى انفتاحها على العالم وهو ما يفرض ضرورة خلق ثقافة تتجاوز الثقافات التقلدية.وبين الجسمي أن الثقافة مرتبطة في الخليج بالجوانب والشرائح الاجتماعية، وفي الفترة الأخيرة أصبح هناك سعي لتغيرات اجتماعية في عدد من دول الخليج العربية، سيكون لها آثارها على الثقافة الدارجة في المنطقة وخصوصاً على الموقف من المرأة التي أصبحت من المكونات الأساسية للمشهد الثقافي الجديد، مؤكداً أن ترسيخ التعليم في عدد من الدول الخليجية وتراجع الامية ساهم بشكل كبير في خلق مردود ثقافي وعلمي مميز نتج عنه احداث تطور كبير في الروافد التي تثري الثقافة العربية بشكل عام والخليجية على وجه الخصوص والتي من أهمها تطور حركة الترجمة في العقدين الاخيرين . واختتم الدكتور عبد الله الجسمي حديثه بالتأكيد على أنه رغم اتساع رقعة التعليم والمتعلمين وكثرة المبتعثين للخارج والاتصال بثقافات عدة فإن ذلك لم يغير من الأمر الشيء الكثير إذ ظل الخليج على حاله من اتجاه سريع مستمر إلى الاستهلاك، والتقليل من الإنتاج، إضافة إلى الاعتماد على الغير في كثير من شؤون الحياة اعتمادا على الثروة الموجودة، حتى ارتبطت ثقافة النفط بثقافة الاستهلاك، وغياب فقه الأولويات في بناء الدول الحديثة، مشدداً على أهمية دور النخبة الثقافية الخليجية في معالجة بعض الامور والقضايا ومن أبرزها البحث عن كيفية احداث تحولات ثقافية فعلية في الواقع الثقافي الخليجي، وابراز دور المثقفين الخليجيين في تشكيل الثقافة العربية، وتحديد ماهية الوجهة الثقافية التي تريدها الدول الخليجية والقيم المطلوبة لنشرها في مجتمعاتها.