الجمعة 02 مايو 2025
32°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
منوعات

مديحة كامل... خرجت من "بوابة إبليس" لتعتزل الفن وترتدي الحجاب

Time
الأربعاء 22 مايو 2019
View
5
السياسة
نجمة إغراء صعدت روحها إلى السماء في رمضان

القاهرة - أمل زيادة:

بريق الشهرة والأضواء رئة يتنفس بها الفنانون، لذا يضحون بالكثير، بل يقاتلون من أجل البقاء في هذه الدائرة، حيث المال وحب الجمهور وتهافت علية القوم عليهم، وعندما يقرر البعض، خصوصا الفنانات، الابتعاد والتضحية بكل هذا، سواء بسبب ارتداء الحجاب أو الاحتجاب طواعية أو رغما عنهن، فلابد أن تكون هناك قصة تستحق أن تروى، لذلك تفتح "السياسة" ملف "فنانات بين الحجاب والاحتجاب"، عن بعض من ضحين بالأضواء والشهرة لأسباب عدة، حتى إن عادت بعضهن.


* تسجيل صوتي مسرَّب كشف الأسباب الحقيقية لابتعادها
* تزوّجت رجلاً أكبر منها حتى لا يحرمها والدها من التمثيل
* راودتها فكرة العمل في الديكور لكنها تراجعت لشغفها بالشهرة
* مرض والدتها ومشاجرات ابنتها بسبب أفلامها العارية دفعاها للاختفاء
* شعرت بالغربة... وهجومها على الساحة منع عرض حوارها الصريح جداً


ما كان أحد يتخيل أن الفنانة اللامعة مديحة كامل، التي اشتهرت بتأدية أدوار الإغراء في السينما المصرية، بل ولقبت بملكة الأغراء، وقطة السينما، لما تتميز به ملامحها من إثارة، أن تعلن يوما اعتزالها وارتداء الحجاب، الغريب أنها قررت التوقف عن الفن وهي تعمل في آخر أفلامها "بوابة إبليس"، وهو أمر لم يصدقه الكثيرون وقتها لما عرف عن التزامها في عملها، فكيف لها أن تضع صناع الفيلم في هذا الموقف الصعب، الذي يمكن أن يتسبب في خراب بيت المنتج ومن معه، لكنها كانت الحقيقة، أبلغتهم قرارها ونشرت الصحف ووسائل الإعلام نبأ اعتزالها الفن وارتدائها الحجاب.
ما السبب وراء هذا القرار؟ هذا السؤال ظلت إجابته غامضة لسنوات امتدت حتى بعد وفاتها ولم يكشف عنه سوى تسريب صوتي لها تم تسجيله لها أثناء حضورها جلسة دينية نسائية، تحدثت فيها عن أسباب اعتزالها بشكل واضح، وكيفية اتخاذها هذا القرار، فقالت: "زهدت العمل والدنيا، كنت أتحاور مع نفسي وأنا في غرفة الماكياج استعدادًا لمشهد أقوم بتمثيله في البلاتوه، وأقول لنفسي ما هذا الذي أفعله وإلى متى، كنت أشعر بأنني غريبة عن الوسط الفني، وأن الستديو الذي أذهب إليه يوميا ليس مكاني، أحسست بأنني أريد أن أترك المجال الفني، فقد كنت أكسب الآلاف ولا أدري فيما وكيف تنفق، بل بالأحرى، كان كل ما أكسبه يتبخر في الهواء، لا أشعر بالراحة، ولا أشعر بطعم أي شيء، دائماً أشعر أن هناك شيئاً ينقصني، ما هو؟ لا أعرف".
وأكملت قائلة، "حاولت أن أعمل عملاً آخر، أن أقوم بتأسيس مشغل تريكو صغير، أبدأ به حياتي الجديدة، لم يتركوني في حالي، وطاردوني بالشائعات، قالوا لم يعد أحد يرشحها لأي أعمال فنية، وأن المخرجين ابتعدوا بالبطولات عنها، رغم أنني كنت أمثل ثلاثة وأربعة أفلام في السنة، في ذلك الوقت مرضت أمي قبل اعتزالي بعام، وبدأت رحلة التأمل وإعادة الحسابات مع نفسي، أدركت أن المرض ليس له ميعاد، من هنا شعرت أن الحياة ليس لها أمان".
في رحلة تأملها لحياتها من أجل إعادة الحسابات مع نفسها تذكرت "قطة السينما" مديحة كامل، حياتها كشريط سينما يمر أمامها، فقد ولدت في 13 يناير سنة 1946 بالإسكندرية، كان والدها يملك مضارب أرز، تحتل الترتيب الثاني وسط أشقائها الست، احبت كرة السلة والطاولة في المرحلة الابتدائية، ظهرت عليها موهبة التمثيل في مرحلة مبكرة من عمرها، ورغم أنها لم تكن من الطالبات المتفوقات في الدراسة، حيث كانت درجاتها في المواد الدراسية ضعيفة، لكنها كانت تحصل على درجات عالية في الألعاب الرياضية والتمثيل، في المرحلة الإعدادية تم اختيارها في إحدى الحفلات المدرسية لتجسيد دور "رابعة العدوية" في المسرحية المدرسية، التي تحمل نفس الاسم، وأجادت تجسيد ذلك الدور وحصلت على "كأس الجمهورية" لأفضل ممثلة مدرسية، ثم انتقلت مع أسرتها بعد ذلك إلى القاهرة، وأثناء دراستها بالمرحلة الثانوية أتيحت لها فرصة ذهبية عندما شاركت في مسابقة لاختيار عارضات الأزياء، حيث نجحت في هذه المسابقة وبدأت مشوارها الفني في ذلك المجال، بتشجيع من والدتها التي كانت ترافقها دائما في جميع خطواتها الأولى، فقد كانت مديحة صغيرة على القيام بخطواتها الأولى بمفردها.

صدمات
من اللحظات الفارقة في حياتها الفنية تلك اللحظة التي التقت فيها المخرج أحمد ضياء الدين بالصدفة في إحدى المناسبات، لفتت نظره بوجهها الجميل ورأى فورا أنه يصلح للتمثيل في السينما، عرض عليها العمل في أحد أفلامه، فرحت جداً، فهذه هي الفرصة التي كانت تتمناها والحلم الذي تتوق لتحقيقه، لكن كعادة الأسر المصرية البسيطة، وقف الأهل في طريقها وأصبح بين حلمها والتمثيل حائلاً وحائط صد منيع يصعب تجاوزه، رفض أهلها الأمر بشدة ولم تجد محاولات مديحة لإقناعهم، أصيبت بإحباط شديد، لأنها أحبت التمثيل وكانت تتمنى أن تصبح نجمة تحتل عناوين الصحف والبرامج ويتهافت عليها المنتجون والمؤلفون.
لم تتوقف صدماتها عند هذا الحد، بل فوجئت بأبيها يخبر والدتها بأن هناك عريسا تقدم لخطبتها، توالت الصدمات لتكتشف ابنة الـ 17 عاماً أنها ستتزوج رجلاً يكبرها بسنوات كثيرة، هذه المرة تمسكت برأيها ورفضت العريس رفضاً تاماً، لكن العريس طمأنها وأكد لها ترحيبه بعملها في مجال التمثيل.
لم تضع مديحة الفرصة فوافقت على الفور، وتزوجته، وفي العام نفسه سنة 1963 حصلت على الثانوية العامة، وأيضا شاركت في أدوار ثانوية ببعض الأفلام إلى أن أعلن التلفزيون المصري عن مسابقة لاختيار ممثلات جدد، فتقدمت ونجحت، وأعجب بها المخرج حسن إسماعيل، فأسند إليها دور البطولة في تمثيلية بعنوان "الحائرة"، وأتاح لها المخرج حلمي رفلة دور البطولة المشتركة مع نبيلة عبيد في فيلم "ابن أفريقيا" الذي تم تصويره في أدغال أفريقيا، كما رشحتها صديقتها الفنانة ماجدة الخطيب لدور في فيلم "دلال المصرية"، الذي التقت فيه مع صانع النجوم المخرج حسن الإمام، ثم عرض عليها المخرج اللبناني سمير الغصيني بطولة فيلم "قطط شارع الحمراء".

غيرة وطلاق
ورغم أن زوجها كان الداعم الأول لها، والسبب في بزوغ نجمها في عالم الفن والتمثيل، إلا أن تدخلاته في اختياراتها، وإصراره على انتقاء الأدوار لها، كان أمرا يزعجها، كما أنه لم يكتف بالتدخلات فقط، بل بدأ يشعر بالغيرة الشديدة بسبب التفاف المعجبين حولها، وبسبب المشاكل التي تفاقمت بينهما، أخذت لأول مرة تفكر في الاعتزال المبكر اتقاء لهذه المشاكل، لكنها تراجعت لحبها الشديد للفن ولأن لديها أحلامها وطموحاتها الكبيرة فيه، اختارت الفن وضحت بالزواج، وحصلت مديحة على الطلاق بعد زواج دام ثلاث سنوات كانت ثمرته ابنتها الوحيدة "ميرهان".
واصلت مديحة كامل رحلتها مع الفن بتألق شديد، حيث بلغ رصيدها السينمائي نحو 75 فيلماً، كان أهمها فيلم "الصعود إلى الهاوية" المأخوذ عن قصة الجاسوسة المصرية هبة سليم، إنتاج العام 1977 من إخراج كمال الشيخ، ونالت عنه جوائز عديدة، ولم يكن هو الفيلم الوحيد الذي كرمت عليه، فقد حصلت على جائزة أفضل ممثلة عن دورها في فيلم "بريق عينيك"، الذي لعبت بطولته أمام نور الشريف، حسين فهمي وليلى حمادة وأخرجه محمد عبدالعزيز، وإن كانت ترى أن هذه الجوائز تبقى للأولاد والأحفاد، أما الجائزة الحقيقية في رأيها فهي حب الجمهور، لم يقتصر تاريخها على السينما فحسب، بل شاركت في الدراما التلفزيونية وأيضا المسرح الذي قامت فيه ببطولة 6 مسرحيات ناجحة، منها "لعبة اسمها الفلوس"، "هاللو شلبي"، "يوم عاصف جدا"، "هنا لندن" و"الجيل الصاعد".

"ملف في الآداب"
كانت الحياة تمضي بملكة الإغراء كما كانت تحلم، حيث بلغت سماء الشهرة والنجومية، ورغم تعرضها لبعض المواقف، التي كانت من الممكن أن تجعلها تغير مسارها أو على الأقل تتروى فيها، لكنها لم تكترث لها، مثل تعرضها لوعكة صحية أثناء تمثيلها في مسلسل "الأفعى" العام 1975، حيث أصيبت للمرة الأولى بجلطة لتكتشف ضعف عضلة القلب، لم تبال بذلك، وبمجرد تعافيها عادت لنشاطها الفني بقوة وبسرعة، وكأنها في سباق مع الزمن، حيث كانت تقوم بتمثيل أكثر من أربعة أفلام في العام الواحد، ما أثر على صحتها بشكل كبير وجعلها تلجأ للتدخين وشرب الخمر، للتغلب على مصاعب العمل والهروب من مشاكل الحياة وغيرة رفيقاتها الممثلات منها، واللاتي كن يتهمنها أنها لا تجد عملاً وأن المنتجين لا يعرضون عليها أي أعمال مما كان يسبب لها إزعاجاً كبيراً، فساعد ذلك في تدهور حالتها الصحية في تلك الفترة، وكما أكد بعض المقربين منها كانت فكرة الاعتزال تراودها كثيرًا، فكانت تعلن عن تفكيرها فيه، ثم تتراجع في اللحظات الأخيرة، فمثلا حدث معها أثناء تصوير فيلم "ملف في الآداب" العام 1985، حيث كشفت عن رغبتها في اعتزال السينما، وقالت إنها تفكر جديًا في الاعتزال والتفرغ لإنشاء مكتب ديكور حتى لا تشارك في الأعمال الهابطة، التي سميت بأفلام المقاولات وانتشرت بشكل كبير في الثمانينات، وفي العام التالي 1986 قالت أنها تستعد للاحتجاب عن الوسط الفني في المستقبل القريب، وقد تعمل في الديكور أو تفتح محلا للورود، وفي العام 1988 قررت أن تظهر في صورة جديدة من حيث الملابس ونوعية الأدوار، ووضعت مجموعة من المحاذير في الأعمال السينمائية، وقالت ان ارتداء الحجاب ربما يكون الخطوة التالية عندما تغير المهنة، إلا أن الوسط والجمهور تفاجأ بها تعلن الاعتزال بشكل حازم أثناء تصويرها فيلم "بوابة إبليس" وبعدها ارتدت الحجاب، ورفضت تصوير باقي مشاهدها بالفيلم، ما اضطر المخرج عادل الأعصر إلى الاستعانة بشبيهتها "الدوبليرة" لتكملة العمل مكانها في محاولة لحفظ ماء الوجه، وإنقاذ ما يمكن انقاذه، خصوصا بعد فشل محاولاته في إثنائها عن قرارها أو تأجيله حتى ينتهي تصوير العمل تماماً، لكن محاولاته ذهبت أدراج الرياح، وأضطر لإجراء تغييرات كثيرة في مجرى الأحداث بما لا يؤثر على دورها، الذي أنهاه بموت البطلة في محاولة لتدارك الموقف الصعب الذي وضعته مديحة فيه بقرارها المفاجئ بالاعتزال.

أسباب عديدة
ظل قرار اعتزال مديحة كامل واحتجابها عن الفن لغزا لسنوات، حتى ظهرت تلك التسريبات بعد وفاتها وكشفت فيها بصوتها أسباب اعتزالها، وتضمن هذا التسجيل أيضا اعترافها بدور مرض أمها في قرارها، حيث قالت: "مرضت أمي قبل اعتزالي بعام، وبدأت رحلة التأمل وإعادة الحسابات مع نفسي، أدركت أن المرض ليس له ميعاد، من هنا شعرت أن الحياة ليس لها أمان".
لم يقتصر الأمر فقط على هذا التسريب بل سرب أيضا ولكن هذه المرة قبل وفاتها، تسجيلا لها مع المذيعة منى الحسيني عندما استضافتها في برنامج "حوار صريح جدا" لكن تم منع عرضه بسبب ما تضمنه من هجوم شديد على الوسط الفني، حيث كشفت فيه بعض الأمور الخاصة، التي يدار بها الوسط وكيف يتم استغلال الفتيات الطامحات للشهرة، ومن تتوق للتمثيل من قبل المنتجين والمخرجين، وكان هذا البرنامج الوحيد الذي أطلت فيه بعد احتجابها تماما ًواعتزالها الفن، وأدى وصفها الصادم للوسط الفني بأنه أشبه بالسير في طريق من الوحل لشن حملة شعواء عليها وتعرضها لهجوم كبير رغم احتجابها.
لم تكن الأسباب السابقة فقط وراء حجابها بل كشف المقربون منها أن هناك مواقف تعرضت لها مديحة ساعدت بشكل كبير في اتخاذها هذا القرار، منها موقف يخص ابنتها الوحيدة التي تصادف أن شاهدت أحد أفلامها بما فيه من مشاهد ساخنة وعُري وشذوذ، فتشاجرت معها واصطحبتها لدرس ديني، سمعته مديحة بكل خلية من خلايا جسمها، فبكت وتأثرت وأدركت أن الحياة ما هي إلا رحلة مهما طالت فهي قصيرة، وأنها محفوفة بالمخاطر والإنسان الواعي هو من يستطيع الخروج منها بأقل خسائر ممكنة فقررت الاعتزال، علاوة على مرض والدتها الذي أدركت معه أن الحياة ليس لها أمان وأنه من الضروري التسلح للآخرة، خصوصا عندما وجدت والدتها تذبل وتنزوي وهي تقاوم المرض إلى أن رحلت، فكان لرحيل والدتها أثر كبير في نفسها وانعكس على نيتها بالاعتزال ورغبتها في ارتداء الحجاب.
ولأن الإنسان الذي يأتي الله بقلب سليم يرسل له الله إشارات واضحة للأخذ بيده كانت رؤيا في المنام وراء قرارها الحاسم وبشكل نهائي وبات، حيث رأت رجلا يلبسها رداء أبيض وهو يقول لها: "لقد آن الآوان يا مديحة". بعدها سافرت إلى مسقط رأسها الاسكندرية واتصلت بصديقتها وطلبت منها أن تبلغ مخرج آخر أفلامها "بوابة إبليس" اعتزالها، ليصاب الجميع بالصدمة.
تفرغت مديحة للعبادة والتأمل والاستغفار والتقرب من الله بشتى الطرق طامعة في رحمة الله تعالى، فلم تبخل بتقديم المساعدة والإقدام على المشاركة في الأعمال الخيرية المختلفة، زاد اهتمامها بالأصدقاء في الأسابيع الأخيرة، فكانت تتصل بهم، وقد بدأ الإرهاق يظهر عليها ولم تكن تشكو من آلام المرض، بل كانت تخفي عن المحيطين بها من أصدقاء مقربين وزملاء عمل حقيقة مرضها وتقول "إن هناك آخرين مرضهم أخطر بكثير من مرضها، وان ما أصابها شيء عادي وبسيط قد يصيب جميع الناس".
بدأت متاعبها الصحية الجدية قبل وفاتها بعام حيث ظلت طريحة الفراش في مستشفى مصطفى محمود، لمدة عشرة أشهر بسبب ضعف عضلة القلب وتراكم المياه على الرئة بشكل مستمر مما استدعى بقاءها في المستشفى لفترة طويلة.
تمنت مديحة أن تقابل وجه ربها في شهر رمضان، كما صلت ودعت الله كثيراً أن تموت على سريرها، لتنال ما تمنت وفارقت روحها الدنيا في رابع ليلة من شهر رمضان بعد أن صلت الفجر جماعة مع ابنتها الوحيدة وزوج ابنتها، لتلقى وجه الله وهي مُصلية وصائمة لتنال ما تمنته دوماً وهو الموت في أيام الشهر الفضيل، حيث توفيت في منزلها في 13 يناير 1997 لتفوز بحسن الخاتمة.

بدأت حياتها بعرض الأزياء


مديحة بالحجاب
آخر الأخبار