الأحد 22 ديسمبر 2024
10°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
مذنب حتى تثبت براءته!
play icon
كل الآراء

مذنب حتى تثبت براءته!

Time
الاثنين 11 سبتمبر 2023
View
114
السياسة

يعتمد الكثير من المحامين والقانونيين على الكثير من المبادئ القانونية في عملهم من اجل فهم القضايا او الحالات التي تتطلب استشارات معينة في فرع من فروع التعاملات اليومية او العلاقات المالية، ويعتبر من أكثر المبادئ المتداولة مبدأ "المتهم بريء حتى تثبت ادانته".
هذا المبدأ ورد في نص المادة 34 من الدستور الكويتي، والتي نصت على انه "المتهم بريء حتى تثبت ادانته في محاكمة قانونية تؤمن له فيها الضمانات الضرورية لممارسة حق الدفاع ويحظر إيذاء المتهم جسمانيا او معنويا".
والقانون الجزائي قد استسقى هذا المبدأ العظيم في نظر الدعاوى والقضايا الجزائية في دولة الكويت، حيث نصت المادة الأولى من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية رقم 17 لسنة 1960 على انه "لا يجوز توقيع عقوبة جزائية الا بعد محاكمة تجري وفقا للقواعد والاجراءات التي يقررها هذا القانون".
ولأن النظام العام في دولة الكويت يقتضي حسن النية والثقة، وان الأصل في الانسان البراءة، وفي الأشياء الاباحة، وانه لا جريمة ولا عقوبة الا بقانون، فإن المحاكم لا تقضي، او تحكم ضد أي شخص الا بعد ان تتوافر لديها دلائل قوية على صحة ما ارتكبه الشخص المحكوم عليه من مخالفات واتهامات. وتفحص المحاكم تطبيقا لهذه المبادئ السامية ادلة الادعاء والاتهام، وإعطاء الشخص المدعى عليه الفرصة في الدفاع عن نفسه، والحق في الاطلاع على الأدلة الموجهة ضده، كي يتمكن من دحضها، والرد عليها حتى تطمئن النفس من صحة او عدم صحة ما وجه ضد المحكوم عليه من ادعاءات، او اتهامات، من اجل حفظ حقوق الناس، وكراماتهم، وسيادة العدالة، والقانون، والاستقرار في المجتمع.
في الوقت الحاضر، ومع الأسف الشديد، تغيرت في مجتمعاتنا الكثير من نفوس الأشخاص مع بعضهم بعضا، وبات المشهد السائد والمتواتر امام الناس هو مشهدا سوداويا مبنيا على الأفكار السلبية، وكل ذلك بسبب تفاقم افتراض سوء النية مقترنة بالتشكيك في النوايا الشخصية، او الفهم الخاطئ للأمور والاحداث، وتوجيه الادعاءات والاتهامات دون سند او دليل.
ومع انتشار وسائل الاتصالات الحديثة اصبح نشر هذه الأفكار السوداوية اكثر سرعة، واكبر انتشارا، حتى اصبح سوء النية هو الأصل السائد بين الناس، فجعلهم يدّعون ضد بعضهم بعضا، ويتهمون بعضهم بعضا، ويشككون في حسن النوايا، ويوجهون الاشاعات الجائرة، ويصدرون الاحكام المجحفة ضد بعضهم بعضا، وذلك دون البحث في الادلة او حتى اعطاء فرصة الدفاع لمن تعرض للإساءة، او ثارت حوله الشكوك.
ان الاستقرار والأمان بين الناس يتطلب سيادة الثقة، وحسن النية، وذلك لا يمكن ان يتحقق الا في ضوء عدم الانسياق الاعمى وراء الادعاءات والاشاعات، والحرص على اتباع الحكمة والتبصر في الأمور، والاخبار، والاحداث من جميع جوانبها، والبحث في الاسانيد، والأدلة الصحيحة الظاهرة، والسماح لكل شخص أن يحظى بحقه في الدفاع عن نفسه مما يسيئ الى كرامته، او سمعته، او ماله.
ختاما علينا ان نتذكر دائما، وابدا ان على المدعي اثبات ادعاءاته، وان المتهم بريء حتى تثبت ادانته، وليس مذنبا حتى تثبت براءته!
محام كويتي

عبد الكريم زيد المطوع

[email protected]

آخر الأخبار