الأربعاء 18 يونيو 2025
41°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
منوعات

مروى العيد: أكتب الحقيقة وأسخِّر قلمي لنصرة الضعفاء

Time
الخميس 02 يناير 2020
View
5
السياسة
* أفضل أن أفقد قرائي ولا أكتم صرخة بشر ظلمتهم الحياة
* كل من يريد لقلمه أن يتحرر يتحمل تبعات ما يكتب
* القاسم المشترك بين عملي وهوايتي هو الجانب الإنساني
* قد أضحي يوماً بوظيفتي في الطب من أجل مستقبلي الأدبي
* أكتب ما أريد للقارئ أن ينتفع به لا ما يريدني هو أن أكتبه
* لا وجود لحرية الكاتب في الجزائر وأقلامنا مقيّدة بالحديد


القاهرة – محمود خليل:


قال أحد النقاد عن روايتها الجديدة، أنها رواية تستحق القراءة، تأخذك معها لتعيش نزيف جراح الأمة الإسلامية وآلامها في العديد من أقطارها، وأن ما يدهش في هذه الرواية هو قوة ذاكرة الكاتبة عندما تتذكر الكثير من الأحداث والشخصيات والأزمنة والأمكنة التي وقعت ليس في بلد واحد فقط، بل في بلدان عدة، لذا فهي رواية مليئة بالمعلومات، غنية بالتفاصيل، في لغة سلسة ومتناسقة.
عن مشوارها الفني وروايتها "أدهم"، ومن قبلها رواية "النزيف"، أكدت الكاتبة الجزائرية مروى العيد في لقاء مع "السياسة" أن أول كتاباتها كانت قصة قصيرة بعنوان "الغفران"، تحكي معاناة اللقطاء ونظرة المجتمع إليهم، مشيرة إلى أنها تكتب الحقيقة مهما كلفتها من مسؤوليات وأنها تسخر قلمها لنصرة الضعفاء، فيما انتقدت العادات والتقاليد معتبرة أنها تتحكم في شباب وفتيات اليوم وتصيبهم بعقد لن تبرح الذاكرة أبدا، وفيما يلي التفاصيل:

متى بدأت رحلتك مع الكتابة؟
عشقت القلم منذ نعومة أظفاري، وخططت على ورقي الأبيض أول خاطرة في السنة الثانية متوسط، كانت خاطرة في حب الرسول، صلى الله عليه وسلم، كان عمري وقتها اثنتا عشرة سنة،لقيت خاطرتي تلك إعجابا كبيرا من أستاذة اللغة العربية والزملاء، وكانت تلك الكلمات انطلاقة لسيل من الكلمات لم يجف حتى الساعة.
من شجعك؟
بعد أستاذة اللغة العربية، لقيت الكثير من الدعم المعنوي من والدتي، والدي، أخواتي اللواتي لم يمر على قلمي نص إلا وقد قرأته على مسامعهن بشغف، كان لأصدقاىي، وبعض أفراد عائلتي، وأساتذة اللغة العربية بمختلف الأطوار، دورا كبيرا، فيما أنا عليه الآن، ما زال أفراد أسرتي يتغنون ببعض الكلمات التي كتبتها قبل سنوات عدة، ما زالت قصيدتي "يا ليتني كنت كبيرة"، التي كتبتها عام 2009، في حصار غزة معلقة بمكتبة المدرسة المتوسطة التي درست فيها.
بمن تأثرت في كتاباتك؟
الكتابة عندي موهبة منذ الصغر، غذيتها بالمطالعة دون أن أتأثر بأي كاتب،لكن كان لبعض الكتاب والشعراء دور كبير في اختياري للموضوعات التي أكتب فيها، كنت أعتبر الكتابة فيها جرما، الموضوعات التي تخص أمتنا العربية وتمس أشخاصا مستهم الأنظمة العربية الجائرة بظلم، من بين هؤلاء الكتاب والشعراء الشاعر أحمد مطر والدكتور أيمن العتوم.
ماذا عن أول قصة قمت بكتابتها؟
كانت قصة قصيرة بعنوان "الغفران"، تحكي عن معاناة اللقطاء ونظرة المجتمع إليهم، إبحارهم في محيط من اللوم والذنب، تحملهم لحياة بؤس لم يكن لهم فيها يد، أول من قرأها الكاتب الجزائري "علي فوضيل العربي"، أستاذ لغة عربية، كان يدرس في المؤسسة التي كنت أدرس فيها آنذاك.

مشاكل النشر
هل واجهتك مشاكل لنشر إبداعك؟
بالتأكيد واجهني الكثير منها في مشواري الأدبي، الذي ما زلت في بدايته، بسبب قلة خبرتي في النشر، وكثرة الانتقادات حول الكتاب الصاعدين والمؤلفات حديثة الصدور، كما أن انتهازية دور النشر وحرصها على الربح أكثر من تقديم الوجبة الصالحة للقارئ الذي يسعى إلى تناول المفيد والصالح من الكتب، جعلتني أتردد كثيرا في النشر وأختار طباعة روايتي الأولى لدى دار نشر مجانية لتفادي كل ذلك، دور النشر الجزائرية لا تقبل سوى الروايات الرومانسية،أدب الرعب، الخواطر.
ما العلاقة بين عملك في مجال الطب وممارستك للكتابة؟
لا أجد أي علاقة بين عملي وهوايتي، أعمل "مخبرية" رغم ميولي الأدبية، أمارس الكتابة رغم حملي لشهادة في تخصص علمي، غير أن القاسم المشترك بين عملي وهوايتي، هو الجانب الإنساني.
هل ستتركين عملك يوما من أجل الكتابة؟
نعم، قد أضحي يوما ما بوظيفتي كطبيبة من أجل مستقبلي الأدبي إن استدعت الضرورة ذلك،لأن فقدان الوظيفة لا يعني لي أبدا ضياع سنوات الدراسة، شهادتي ستبقى بحوزتي إلى الأبد،لكن التفريط في قلمي يعني ضياع حلم ربيته بداخلي طويلا وقتل لموهبتي عن قصد .
هل أتعبك العمل فى المستشفى؟
نعم، لأنه جلب لي التعب، الضغط، والشتائم غير محدودة، حقا كرامتي لم تعد تسمح لي بممارسة هذه المهنة رغم أنني احتسب أجري عند الله،فيها أجر كبير وألم أكبر، أتمنى أن يأتي اليوم الذي أترك فيه مهنتي، كثيرون مثلي، سنترك للشعب النماذج التي يبحثون عنها، فللذئاب ضباع يسعون خلفهم.
لماذا تقولين ذلك؟
معنى أن تعمل في مستشفى حكومي،إنك ستكون ذا صورة سيئة وإن كانت أخلاقك في القمة، حتى وإن حملتهم على كفوف الراحة، سيكون مستواك الدراسي متدنيا وإن درست في معهد عال وكان معدل البكالوريا عندك بتقدير جيد وبشعبة تقني رياضي، فقط لأن من قبلك رسم تلك الصورة واحتفظ بها الشعب زمنا طويلا.
هل تواجهك مشاكل فى المستشفى؟
أن تعمل في مستشفى حكومي جزائري، يعني أن تكون مجبرا على الاحتكاك بـ "همجية" بعض أفراد الشعب، الذي أصبح متحضرا فجأة مرة يوم الجمعة، يعني إنك ستكون مجبرا على التعايش مع الذئاب البشرية، التمييز بين المريض العادي والمريض الخاص، فقط لأنك موظف بسيط ليس من حقك الاعتراض.

نصرة الضعفاء
لماذا اتجهت إلى الكتابة شبه السياسية؟
تلبية لنداء ضميري الذي لم يسمح لي بدخول عالم الخيال والعالم يحمل هذا الكم الهائل من الظلم والوجع، لأن آلام الناس أولى وأهم، وعاهدت نفسي أن أكتب الحقيقة وأسخر قلمي لنصرة الضعفاء، مهما كانت النتيجة.
كيف استقبل القراء والنقاد قصتك؟
استحسن القراء قصتي "في المصحة" التي فازت بالمرتبة الثامنة عربيا في مسابقة "عصير الكتب" المصرية، وكان لي حظ في أن تطبع مع القصص الفائزة في كتاب جماعى، كان لموضوعها دور كبير في جذب القراء.
ماذا عن رواية "النزيف"؟
روايتي"النزيف - حكاية ضمير نائم"، عرضت على مجموعة من النقاد وكانت تعليقاتهم مرضية، نالت إعجابهم من حيث الموضوع، الأسلوب، قوة السرد، كما قال أغلبهم.
هل يفضل أن يتخذ الكاتب موقفا سياسيا من قضايا وطنه أم يكتفي بالحياد حتى لا يفقد متابعيه؟
أفضل بالنسبة لي أن أفقد قرائي على أن أكتم صرخة بشر ظلمته الحياة لأنني أكتب لنفسي قبل الجميع،أخط حروفي للباكي قبل الضاحك، لعل وعسى أن تتحد القلوب وتحيا الضمائر،أكتب في النهاية ما أريد للقارئ أن ينتفع به لا ما يريدني هو أن أكتب عنه.
هل يمكنك اتخاذ موقف مخالف للموقف الرسمي وتتحملين الضرر الذي قد يقع عليك؟
أكيد، أستمع إلى صوت الإنسانية وأمضي في طريق الحق، وأتحمل العواقب وكلي ثقة بأن من يتبع طريق الحق لن يضيع أبدا، لا تهمني العواقب بقدر ما يهمني أن أصل في النهاية إلى نتيجة مرضية.
ما رأيك فى "الثورات" العربية؟
في كل التظاهرات العربية تكررت جملة "فليسقط النظام"، تمنيت أن تسقط الأنظمة الجائرة لننعم بحياة الأحلام تلك، مرت الأيام ولم يسقط النظام، ما زلت أكرر "فليسقط النظام".
ما رأيك فى الأنظمة العربية؟
تعددت أوجه الظلم لكن المظلوم واحد،صورته ثابتة عند كل حدث، صوته بح مهما حاول رفعه، آذان العالم صمتت عن سماعه،أينما اتجه الشعب أضاءت طريقه شعلة من نار، إذا ما ابتعد عن كل من حوله واختار العزلة لم يسلم من الإشارة، تبقى كل الأصابع متجهة نحوه.
ما رأيك في الحرية المتاحة للكاتب في الجزائر والوطن العربي؟
لا وجود لحرية الكاتب في الجزائر، عكس بعض الدول العربية،لا أقول أن هناك دولا عربية للكاتب فيها حرية مطلقة لكن يبقى القليل أفضل من العدم، أقلامنا مقيدة بقيود من حديد، كل من يريد لقلمه أن يتحرر يجب أن يكون قادرا على تحمل تبعات ما كتبه.
كيف ترين حال الكتاب حاليا ؟
الكتاب في عالمنا العربي بصفة عامة، في الجزائر بصفة خاصة، لا يلقى احتفاء واهتماما وإقبالا من القراء، إلا إذا كان كاتبا مشهورا، عكس ما نراه في الدول المتقدمة.
هل مازالت العادات والتقاليد تتحكم في شباب وفتيات اليوم كما في قصتك "في المصحة" ؟
نعم مازالت تتحكم في حاضر ومستقبل الشباب، وترسم على ماضيهم عقدا لن تبرح الذاكرة أبدا،لما زالت في بعض المناطق من عالمنا تفرق بين الحبيبين من أجل الميراث،تكسر القلوب لتزوج أبناء العمومة من أجل قطعة أرض،لازالت تزوج القصر،تقتل البنات ظلما بحجة مسح العار،ترمي الى الجهل النساء وتمنعهن من التعلم، تتطاول على الشرع والقانون.

الحب والتقاليد
كيف نحل الخلاف بين تطلعات الشباب والتقاليد الموروثة؟
من الصعب جدا أن نحل هذا الخلاف، خاصة عندما نجد أناسا محسوبين على الطبقة المثقفة يقدسون التقاليد تقديسا، فالخلاف لا يحل، بل يجب على كل صاحب هدف،على كل حالم متطلع، أن يتحدى المجتمع بما فيه من تقاليد وعادات سلبية، قاتلة للاخضرار الذي بداخله،أ ن يثابر حتى يلقى مراده.
مزجت بين الحب والحرب في روايتيك، فهل لابد من قصص الحب لمعالجة الحروب و آثارها على الشعوب؟
الحب في حياتنا ضروري، ضرورة الماء والهواء، إن فقدناه اختنقنا كرها وجفت قلوبنا من كثرة الجفاء،الحب لا يقتصر على العاطفة الموجودة بين الجنسين، هذا ما أثبتته فى روايتي "النزيف"، الحب أن نحب أوطاننا، نغار عليها، تهون في سبيل حبها الارواح والبنين،أما روايتي "أدهم"، فكتبت صفحات من الحب البريء كمتنفس وملجأ له من الحزن الذي حوته أيام أدهم وأسرته.
ما رأيك فى الحب؟
الحب لم يكن يوما للحبيب الأول، بل لصاحب القلب الطاهر، لصاحب الضمير الحي،لصاحب العينين العميقتين،ببساطة، الحب للحاضر لا للماضي،لا يعترف بالأعمار ولا الألوان، لا توقفه حدود الجغرافيا، فمن أحب بقلبه عميت عيناه عن الآخرين، محظوظة تلك التي تزوجت من تحب، الأكثر حظا تلك التي ستتزوج من أحبها، الحب رزق فلا تستعجلوه والزواج قدر لا يشترى ولا يرد.
ما رأيك فى مشاكل الزواج والعنوسة؟
يجب ألا تعتبر الفتاة العربية زواجها إنجازا إلا إذا أنجبت أبناء تفتخر بهم الأمة، أما الزواج من أجل الزواج فقط فليس سوى عادة وسنة حياتية تقوم بها الحيوانات من دون تفكير، لذا على الفتاة ألا تتزوج من أجل الزواج أو هربا من واقع يتعبها،روتينها الممل، ظروفها القاسية،إرضاء للناس، خوفا من شبح العنوسة، بل يجب أن تزوج من أجل سعادة نفسها، من أجل مستقبل أفضل لها وللأمة.
ما الجوائز التي حصلت عليها؟
لم أحصل على الكثير من الجوائز، لأنني قليلا ما أشارك في المسابقات الأدبية، تحصلت سنة 2014 على جائزة ثالث أفضل روائي على مستوى ولايتي، فزت في مسابقة عصير الكتب،رغم أنها منظمة من طرف دار نشر ومن دون جائزة مادية، إلا أنه كان لها دور كبير في تشجيعي على طباعة أول مؤلف لي.
هل الجوائز مهمة للكاتب؟
أكيد، لأن لها دورا كبيرا في تحفيز وتشجيع الكاتب لتقديم الأفضل، لكن يشترط أن تكون ذات مصداقية.


آخر الأخبار