الأحد 29 سبتمبر 2024
35°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
مسؤولية المصارف المركزية
play icon
الاقتصادية

مسؤولية المصارف المركزية

Time
الاثنين 21 أغسطس 2023
View
31
السياسة

لا تقع أزمة مالية في أي دولة ولا يكون المصرف المركزي وراءها أي مهملا أو مسببا أو عاجزا ومقصرا. المصرف المركزي هو مؤسسة رسمية عامة تقع في قلب النظام المالي والنقدي لدولة أو مجموعة دول تعتمد نفس النقد كالمصرف الأوروبي. للمصرف المركزي ثلاثة أهداف متعارف عليها دوليا وهي أولا تأمين الاستقرار الاقتصادي عبر تحريك الفوائد كما يحصل اليوم لمحاربة التضخم. هدفه الثاني تأمين السيولة في الأسواق خاصة عبر الاقراض القصير الأجل عند الحاجة وثالثا وضع القواعد والاجراءات والأنظمة التي تجنب الوقوع في الأزمات بالاضافة الى الرقابة الدورية المدروسة. أول المصارف المركزية تأسس في السويد سنة 1668 وثم في بريطانيا سنة 1694 وبعدها في فرنسا سنة 1800. أما المصرف المركزي الأميركي فلم يتأسس الا في سنة 1914.
تقع الأزمات المالية نتيجة تصرفات أو قرارات خاطئة من قبل السلطات المالية والنقدية التي تسبب فقدان الثقة بها من قبل الرأي العام كما المجتمع الدولي. عندما يفقد المواطن الثقة في المصارف يسارع الى سحب أمواله، وعندما يفعل الجميع ذلك تقع الافلاسات الحتمية. في ظروف أزمات عادية المطلوب من المصارف المركزية تسهيل عمليات اقراض الأسواق حتى لا يسقط الاقتصاد كما حصل في الولايات المتحدة بدءا من 1929 حيث لم يقم المصرف المركزي بدوره الطبيعي في ضخ النقد. على العكس رفع المصرف الفوائد لجذب رؤوس الأموال الى الاقتصاد وبالتالي رفع أسعار الأصول.
سقطت المصارف بسبب عدم تأمين السيولة اللازمة، وكانت هنالك حوالي 10 آلاف عملية افلاس خلال الثلاثينات. في سنة 1933، خرجت الولايات المتحدة من النظام النقدي العالمي المرتكز على الذهب، وبالتالي تحررت السياسة النقدية من القيود وتحسن الاقتصاد في السنة التي تلت. تأسست وكالة ضمان الودائع في سنة 1934 وعندها اطمأن المودعون الى سلامة أموالهم.
تمويل الافلاسات المصرفية كان يأتي عموما من الموازنات، وبالتالي كان أصحاب المصارف يخاطرون، لعلمهم أن الانقاذ سيأتي من الدولة وبالتالي لا خوف على الودائع. تغيرت القواعد العامة وأصبحت مسؤولية المصارف وأصحابها تغطية الخسائر، وبالتالي خفت عمليات السقوط والافلاس وكانت هنالك نقلة نوعية في ادارة المصارف. الخطر التضخمي لم يأت الا لاحقا أي في بداية الخمسينات عندما شعر المصرف المركزي الأميركي بضرورة التنبه لهذا السارق الليلي الذي يسمى التضخم. لم تكن المصارف المركزية جاهلة لخطورة السارق انما كان لها هدف آخر حاولت الوصول اليه بعد الحروب المتعددة بدءا من الحرب العالمية الثانية الى حربي فيتنام وكوريا وغيرهما، وهو الحفاظ على الاستقرار النقدي حتى على حساب البطالة.
المشكلة المصرفية اللبنانية وما يرتبط بها من سياسات عامة ومشروع برنامج مع صندوق النقد هي حقل اختبار للعلاقات بين القطاع المصرفي والمواطن. لا يمكن للمودع أن يتحمل تكلفة أخطاء المصارف والسلطات النقدية. ودائع المواطنين لهم ولا يمكن سلبها. تقرضها المصارف على مسؤوليتها ومن واجبها اعادتها كاملة لكل المواطنين.

د.لويس حبيقة

آخر الأخبار