الجمعة 20 سبتمبر 2024
33°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
الأخيرة

مساعد وأهل الكويت

Time
الثلاثاء 02 مايو 2023
View
12
السياسة
م. عادل الجارالله الخرافي

هي حكاية صغيرة، عن فلذة كبد انتزعها القدر من بين أضلعي، لكننا لا نقول غير اللهم إنا لا نسألك رد القضاء ولكن نسألك اللطف فيه، فالحمدلله على كل حال.
هي حكاية مساعد الابن الذي رزقت به بعد ثلاث بنات، سعدت به كثيرا، إذ بدأ هذا الطفل يكبر وتشرق ضحكاته في البيت كله، كان طفلا لعبة لأخواته اللواتي تجمعن حوله كأنه بدرهن.
هذا الطفل كان يترعرع بين أقرانه، يشاركهم لعبهم، كما مشاغبتهم ومشكلاتهم، لكنه كان دائما يحافظ على الود مع الجميع، لهذا لم أشعر بمراهقته، بل أصبح صديقا لي، تماما كما كان مع أصدقائه.
حين سافر إلى الولايات المتحدة للدراسة، شعرت، كما أمه، بذلك الشوق والفراغ الذي تركه في البيت، لكن كان صوته يوميا يؤنسنا، لهذا لم تمض سنوات الدراسة في الغربة ثقيلة، وحين تخرج في الجامعة، لم أشعر بالفخر فقط، بل كان اسما على مسمى، مساعد العضيد، هكذا شعرت حين رجع إلى الكويت وصار يدير أعماله في المكتب الاستشاري، ويسعى إلى تحقيق أحلامه ونجاحاته، ويسعى إلى كل ما يمكن أن يفخر به، ونفخر نحن أيضا به.
حين يكتب أب عن فلذة كبده التي انتزعت من بين أظلعه، يكتب بدم، وليس بدمع فقط، وتصعب عليه الكلمات، بل تضيع الأحرف بين الدم والدموع.
حين بدأ يعاني من آلام في ظهره، كنت أشعر بالوجع في روحي، لذا حين سافر إلى الخارج من أجل العلاج، حسبت أن الألم كثر في جسدي، وليس جسده فقط.
فجأة حلت الفاجعة، عبر رسالة محت بطرفة عين ثلاثين عاما من الفرح والفخر، بضعة كلمات أخبرتنا برحيله إلى جوار ربه.
هي فاجعة وخسارة كبيرة، لكن لا راد لقضاء الله، لهذا لا نقول: إلا الحمد لله والشكر له على قضائه... الحمد لله الذي صبرني ووالدته وأخواته.
الحمد لله الذي رأيت في المقبرة من أهل الكويت ما لم أشهده في أي مكان في العالم...أقسم بالله أنك لن تجد بلدا في العالم مثل شعب الكويت، فالناس اجتمعت بالمئات، بل الآلاف، لوداعه والصلاة عليه، فيما الجميع يواسينا ويدعونا إلى الصبر والتحمل والسلوان.
أشهد أن شعب الكويت لا مثيل له في هذه الفزعة التي أظهرها منذ شيوع خبر وفاة مساعد عبر وسائل التواصل الاجتماعي التي ازدحمت بالتغريدات على مدى ثلاثة أيام، وكذلك ازدحام الديوان طوال أيام العزاء الذي ضاق بالأصدقاء والاحباب، قبل المعزين.
لا إله إلا الله، فالجميع يُجمع،سواء أكان من خلال التعازي المباشرة أو الرسائل عبر مختلف مواقع التواصل الاجتماعي، بحسن أخلاق ابني، وطيبة قبله ومساعدته للناس، وهو كان له من اسمه نصيب في الفخر به، ليس منا نحن عائلته فقط، بل من كل من عرفه.
الحمدلله أنني ودعته وقلبي يبكي ويدمي، إنما الشعور الذي شعرت به من أهل الكويت، ومن كل الذين قدموا العزاء لنا ولأمه وأخواته، جعل صدري يبرد، فاللهم صبرني وصبر أمه وأخواته، لا إله إلا الله، وحده لا شريك له... حامدون شاكرون صابرون.
وصدق رسول الله (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) بقوله لعُثْمَانُ بْنَ مَظْعُونٍ: أَمَا تَرْضَى أَنَّ لِلْجَنَّةِ ثَمَانِيَةَ أَبْوَابٍ، وَلِلنَّارِ سَبْعَةُ أَبْوَابٍ، لا تَنْتَهِي إِلَى بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ، إِلا وَجَدْتَ ابْنَكَ قَائِمًا عِنْدَهُ آخِذًا بِحُجْزَتِكَ يَشْفَعُ لَكَ عِنْدَ رَبِّكَ"؟
اللهم اجعل مساعد مع الأبرار في الجنة.
آخر الأخبار